ناقشت جمعية أصدقاء البيئة في لقاء داخلي أمس ملف متابعات الصحف بشأن «جزر حوار»، إذ بدأ اللقاء بمقدمة تعريفية عن المحميات قدمتها رئيسة جمعية أصدقاء البيئة خولة المهندي من واقع خبرتها كباحثة بيئية في حوار وكدارسة للحفاظ على المحميات الطبيعية، موضحة أن «المحمية الطبيعية تقام لحماية بيئة نادرة أو تنوع فطري ثري أو كائنات مهددة بالانقراض و غالبا ما يستغرق إعلان منطقة معينة كمحمية طبيعية الكثير من الجهد و التواصل، وكثيرة هي المناطق التي تنتظر أن تحظى بحماية إعلانها كمحمية».
استعرضت اللجنة الإعلامية بعد ذلك ممثلة في دانة البوفلاسة وعقيلة الصفار محتويات الملف وكان من أهمها:
(1) مجموعة حملات تنظيف لجزر حوار منذ يوليو/ تموز الماضي.
(2) حملة لتشجير جزر حوار تم تنفيذ المرحلة الأولى منها بغرس 100 شجرة في حوار. وأضافت لجنة المعلومات ممثلة في محمد كاظم محسن وأحمد عمر صورا ومعلومات عن الموضوعين تم جمعها خلال تلك الفترة من بينها صور لبعض جزر حوار ولبعض الكائنات الحية عليها من طيور وكائنات بحرية وبرية إضافة إلى مواقع ومشاهد من جزيرة حوار الأم تبين بعض الأنشطة على الجزيرة وبعض صور التلوث عليها.
عندها بدأ نقاش عن فائدة أو ضرر الممارسات المختلفة بيئيا ولاسيما الموضوعين الرئيسين المقدمين من اللجنة الإعلامية. ففي الوقت الذي تساءلت فيه وحدة تنظيف السواحل من لجنة الحياة الفطرية ممثلة في سلمان العرادي، حسين عبدالقادر وعلي عبدالأمير عن سبب عدم مشاركة الجمعية في حملات التنظيف على رغم تاريخ وحدتهم الحافل بتنفيذ حملات تنظيف فضلا عن الإسهام في الإشراف على حملات تنظيف كثيرة لطلبة المدارس وغيرهم من المتطوعين مثل حملة تنظيف قلعة عراد تحت شعار «كلنا جنود البحرين» وحملة تنظيف جزيرة أم جيليد التي تولتها اللجنة بالكامل. وتساءل رئيس الوحدة العرادي: لماذا لم تتم استشارتهم قبل رفض دعوة المشاركة في هذه الحملات؟
أوضحت الإدارية بالجمعية وداد المطوع في ردها أن الجمعية لم تتلق أية دعوة للمشاركة بأية صورة كانت من الجهات المنظمة لذلك لم يكن ثمة ما يتم عرضه على اللجنة المعنية، أو على مجلس الإدارة حتى وأن محتويات الملف قيد النقاش هي من متابعات الصحف التي جمعتها اللجنة الإعلامية لاطلاع أعضاء الجمعية.
عند ذلك شرحت المهندي «أن إسهامنا في الحفاظ على البيئة لا يكون دائما بعمل أو تغيير وضع قائم، بل إننا وفي حالات معينة نخدم البيئة بشكل أفضل عندما لا نتدخل فيها ونتركها وشأنها. فمن أساسيات السلوك تجاه المحمية الطبيعية عدم إضافة أية عناصر جديدة أو نزع عناصر أصلية منها. ومن أبسط التفسيرات لذلك هو أن العنصر المنزوع من المحمية قد يحوي بعض الكائنات المراد حمايتها أو يتسبب في تدميرها أو إيذائها أو تدمير أو إيذاء بيئاتها بشكل مباشر أو غير مباشر إذ يكون التأثير على كائنات أخرى تعتمد عليها الكائنات الحية في غذائها أو نشاطها الحيوي فأزالت العشب البحري الميت مثلا الذي تجرفه الأمواج إلى ساحل جزيرة محمية كجزيرة ربض الشرقية من جزر حوار يؤثر على طيور البلشون الجميلة (western reef heron) المحمية التي تبيض ويفقس بيضها على هذه الجزيرة لتصنع طيورا بحرينية صغيرة غاية في الجمال عندما تفتح عينيها فان أول ما تراه سواء كان البحر أو الأرض أو أية كائنات أخرى أو عناصر بيئة فهي جزء لا يتجزأ من البحرين. الأعشاب البرية الميتة على الشاطئ بيئة جيدة للحشرات والكائنات الصغيرة التي تتغذى عليها بعض الطيور وبعض الكائنات الفطرية الأخرى التي تدخل في سلسلة غذاء طائر البلشون وتجهيزه عش صغاره».
وعن حملات التنظيف بالذات أضافت المهندي: «قرأنا في الصحف عن حملات تنظيف لهذه الجزر المحمية وعلمنا بعد ذلك عن ممارستها على الجزر المحمية مشتملة إزالة هذه الأعشاب بل وأيضا حرقها لينتج عنها تلوث هواء وتلوث تربة وإيذاء لكائنات أخرى قد تكون متواجدة في مكان الحرق. أي أن عملية التنظيف تلك التي أريد لها أن تسهم في حماية البيئة والحفاظ على الحياة الفطرية ارتكبت مخالفتين كبيرتين نزعت عناصر من المحمية وأضافت عناصر دخيلة عليها. وأمثلة المخالفات كثيرة خلال حملات التنظيف، ما يجدر بالجهة الحكومية المسئولة عن إدارة وحماية المحمية الالتفات إليها والتأكد من عدم تكرارها، إذ من واجب إدارة المحمية الطبيعية الأساسي حماية المحمية وبالتالي رفض أية مشروعات من شانها التدخل في الأنشطة الحيوية بالمحمية، فإن غفل أصحاب المشروعات عن أهمية الرجوع لذوي الدراية والاختصاص قبل تنفيذ مشروعاتهم على المحميات فلا يجوز لإدارة المحمية أن تغفل واجبها الأساسي».
وعن التشجير سأل نائب رئيس لجنة إعادة التصنيع فؤاد إدريس: «نحن دائما نتحدث عن حماية الأشجار ومن ملفاتنا التي مازالت مفتوحة مثل ملف قتل الأشجار والاعتداء على المساحات الخضراء وملف أعضاء لجنة الصغار مليئ بالشكاوى عن قطع الأشجار في مناطقهم، كما أن لجنة المدارس تحث التلاميذ على الاهتمام بالنباتات تحت شعار «أهدي صديقي نخلة في عيد ميلاده»، فلماذا لم يكن للجمعية دور في تشجير جزر حوار؟».
أجابت رئيسة مجلس الإدارة: «مثال صارخ آخر لانتهاك حرمة المحمية تحت اسم الحفاظ على البيئة، هو حملة التشجير ذات الزخم الإعلامي النفاذ التي نفذت في جزيرة حوار إذ تم غرس 100شجرة (من أشجار الزينة كما ورد في الخبر المنشور في الصحف) كمرحلة أولية على أن يتواصل المشروع لحين غرس عشرة آلاف شجرة في حوار لتعود خضراء كما كانت».
فزراعة أشجار دخيلة على بيئة حوار وتعد على المحمية وبقدر ما نحب الأشجار وندافع عنها فإن زراعة شجرة في بيئة لم يكن بها أشجار هو سلوك مرفوض بيئيا ومخالفة لقوانين أية محمية طبيعية، فما بالك بجزر حوار التي تعد محمية على درجة كبيرة من الأهمية للبحرين لتنوعها الحيوي الفريد والذي لم تتم دراسة حساسية معظم كائناته حتى الآن، بل لم يتم رصد وتسجيل الكثير منها بصورة علمية دقيقة بعد؟ الشجرة الدخيلة قد لا تتلاءم مع البيئة وتموت، لكن ليس هذا أسوأ ما في الأمر، فالأسوأ منه أنها قد تحيا وتزدهر مستهلكة الموارد المحدودة للمحمية من جهة و مؤثرة سلبيا على بيئة لم تتعود على وجود هذه الشجرة وربما منافسة ومهددة نباتات أخرى أصيلة في بيئة المحمية لتؤدي إلى اضمحلال تلك الحياة الأصيلة والتي تؤثر بالتالي على الكائنات الأخرى التي تعتمد على تلك النباتات الأصيلة وهلم جرا.
تأثير سلبي آخر قد تنجح فيه الأشجار الدخيلة وهو استقطاب كائنات دخيلة (كأنواع من الحشرات أو القوارض الشرسة) أو المساعدة على تكاثرها بما يهدد الكائنات الأصيلة.
ثم ختمت جوابها بقولها: «كل تلك الأمور وغيرها من الواجب أخذها في عين الاعتبار قبل السماح بإدخال أي كائن دخيل على أية بيئة طبيعية، فما بالك ببيئة محمية طبيعية؟».
وقد خلص اللقاء إلى التعميم الآتي: «إن أكبر مساهمة نستطيع تقديمها للحفاظ على محمية جزر حوار هي تركها وشأنها. فإضافة ثدييات من آكلة العشب مهما كانت جميلة لا تخدم مسالة الحفاظ على المحمية وحياتها الفطرية، إذ إن هذه الكائنات ستؤدي إلى اضمحلال وربما انقراض الحياة الفطرية النباتية التي قد لا تستوعب ضغط آكلات العشب، هذه التي لم تعتد وجودها تماما مثلما يؤدي إدخال القطط إلى تهديد حياة الطيور الأصلية في جزر حوار ولاسيما المعششة منها. المشروعات الاستثمارية والمخططات السكنية غالبا ما أدت إلى تدمير البيئات والإساءة إلى الحياة الفطرية (وستكون لنا معها وقفة)، فحرى بنا ألا نزيد على ذلك بمشروعات تحمل اسم «حماية البيئة» بينما هي تشكل في واقعها هما جديدا ومشكلات جديدة تبحث عن حل»
العدد 437 - الأحد 16 نوفمبر 2003م الموافق 21 رمضان 1424هـ