لم تخلق ثلاثية جدلا كالذي أثارته روايات المغربي محمد شكري الثلاث «الخبز الحافي» التي كتبها نهاية الستينات من القرن الماضي، لتليها «الشطار»، ومن بعدها «وجوه». في تقص وتتبع لسيرته التي رأى فيها سيرة آلاف ممن عايشوا ظروفا من الفقر مشفوعا باحتلالات لا آخر لها.
وتظل رواية «الخبز الحافي» واحدة من أجرأ النصوص التي نحت منحى وصف التجربة الذاتية، وهي على تماس مع الفعل الرمزي لتفصيلاتها. وظلت طنجة التي لم يغادرها الا قليلا ملهمته الكبرى وصانعة جنونه وجرأته وصعلكته وبوهيميته التي لم تستسلم أو ترضخ أمام عدد غير محدود من التابوهات.
ظل أميا حتى العشرين من عمره ولكنه استطاع وبشكل ملفت أن يتقن محادثة الإسبانية والفرنسية التي استقاها من حياة الشارع. ومن امتهانه بيع السجائر «المهربة»، عمد كثير من القراء ودور النشر الى تهريب رواياته التي ظلت ممنوعة من التداول في الكثير من الأقطار العربية، ولم تجد رواياته النور الى العربية، وتحديدا «الخبز الحافي» الا بعد سنوات من ترجمتها الى أمهات اللغات العالمية.
رحل ابن طنجة عن عمر ناهز 67 عاما، وكان أحد «شطار» المرحلة الإبداعية العربية التي شهدت «وجوها» من الانكسارات... وأشباحا من الانتصارات
العدد 437 - الأحد 16 نوفمبر 2003م الموافق 21 رمضان 1424هـ