يقال أن في بعض البلدان الأوروبية يجتمع الشباب يوما معينا في السنة ويقومون بتكسير الأواني حتى ترتاح نفوسهم، ربما كان ذلك قبل ظهور الانترنت، فمع ظهور هذا الجهاز الخطير صار الأوروبي وغير الأوروبي ينفس عن نفسه كما يشاء بأن ينتقد أو يشتم أو يسيء لمن يريد من دون إبراز اسمه وصار هذا الجهاز أشبه بوكالة بلا بواب.
هذا يذكرني بالمقالات والشتائم والتهديدات التي تكتب ضد البعض على الانترنت من دون ذكر أسماء أصحابها، وقد لا أوافق المرحوم خليفة قاسم الذي كان شعار عموده (طاش ما طاش) الذي كان يذيله «فاعلم بأنه إذا ما أصابك الراش فأنت خاش باش»، لأن كثيرا ممن يصاب بهذا الراش من فوق جهاز الانترنت ليس بـ «خاش باش» لأنه قد يكون مظلوما ومن خلال نظرة عدائية أو على الأقل نظرة ضيقة ورؤية مختلفة.
لقد قرأت حديثا على الانترنت كلاما ينتقدني فيه صاحبه تحت اسم (هاجس) يتهمني أنني في مقالي عن نانسي عجرم في «الوسط» فيه تطبيل للملك، ومن بين ما قاله: «اني لأعجب من هؤلاء الناس كيف يفكرون وكيف يكتبون ولا يخجلون من أفكارهم التافهة والتي تصيب الفرد بالضحك والغثيان»، احتجاجا ربما لأنني دعوت خلال المقال إلى ما دعا إليه الكاتب والمناضل اللبناني هاني فحص خلال محاضرته في جمعية العمل الوطني الديمقراطي عندما طالب السياسيين بالاستفادة من هامش الحرية الحالي وعدم إثارة الشكوك، واختلفت مع أسلوب الجمعيات التي صعدت الموقف وبلهجة تثويرية في تعليقي على «ندوة التمييز» التي تحولت إلى سوق عكاظ بين شعر ونثر، ومن بين ما قاله انه سواء تأسف الحاكم أو لم يتأسف على ما قدم من حقوق للناس فإنه ليس في مقدوره التراجع.
أنا في الحقيقة أوافقه على ذلك فإنه لا مجال للتراجع حسب ظني. فلا الظروف الدولية تسمح ولا الوعي الشعبي ولا هو يفكر في ذلك، وحين صرت أبث رؤاي بضرورة استخدام لغة العقلنة والحوار الهادئ وكنت مستندا في ذلك على الأسلوب الديني من خلال الدعوة بالقول اللين والموعظة الحسنة الذي هو خير من سفك الدماء الذي يريده، غير أني متفق معه بأن هذه الإصلاحات جزء يسير جدا من حقوقنا المشروعة وأنا معه بأن الشعب ليس لعبة يتلهى به أحد وخصوصا الشعب البحريني المعروف بتضحياته، لكنني أختلف معه في الأسلوب فأنا لست مطبلا كما يقول بل أنطلق من المرونة فما دام المدح يحقق طموحاتي فلماذا المواجهة الساخنة والدم والسجون؟
العدد 436 - السبت 15 نوفمبر 2003م الموافق 20 رمضان 1424هـ