العدد 436 - السبت 15 نوفمبر 2003م الموافق 20 رمضان 1424هـ

خطة جديدة لتشكيل مجلس سيادة في العراق

البيت الأبيض يبحث استراتيجية للخروج

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

بحث الرئيس الأميركي جورج بوش وكبار مساعديه مع الحاكم الإداري - العسكري للعراق بول بريمر، «استراتيجية مخرج مشرف» للاحتلال الأميركي في العراق يحفظ ماء وجه الولايات المتحدة، في ضوء تصاعد عمليات المقاومة وإخفاق مجلس الحكم المعين في أداء مهماته. وقالت مصادر مطلعة إن البيت الأبيض استدعى بريمر على عجل لبحث التقرير الذي أرسله الاثنين الماضي من صفحتين يتضمن بدائل للخطة الأميركية الحالية المعمول بها والمكونة من سبع مراحل لنقل سلطة الاحتلال المؤقتة إلى «الشعب العراقي».

والتقى بريمر الثلثاء الماضي مع وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين، كولن باول ودونالد رامسفيلد ومستشارة الرئيس الأميركي لشئون الأمن القومي كوندليزا رايس ومدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جورج تينيت، للبحث في تغيير «مجلس الحكم الانتقالي» الذي عينته الولايات المتحدة، وتحديد موعد لنقل السلطة إلى العراقيين. ونقلت شبكة التلفزيون الأميركية (إيه بي سي) عن مسئول أميركي قوله إن «محادثات جدية» تجرى لنقل السلطة بعد تعيين مسئول عراقي انتقالي وتبني دستور مؤقت. وأضاف المسئول ذاته أن «البيت الأبيض يسعى إلى تسريع العملية بعد تصاعد العنف».

وعكست اجتماعات البيت الأبيض عدم ارتياح في وتيرة عمل سلطة الاحتلال واقتناعا متزايدا بأنه يجب على بريمر التخلي عن خطته المنهجية بالتحرك تدريجيا نحو انتخاب حكومة عراقية خلال عامين.

وقال مسئولون أميركيون إن البيت الأبيض يرى أن هناك حاجة إلى حكومة عراقية تملك بعض الصلاحيات وأن من بين النقاط التي تبحث مع بريمر تحديد جدول زمني لنقل السلطة إلى العراقيين، لكن هذا لا يعني أن ادارة بوش تراجعت عن إصرارها على صوغ دستور بحسب الأصول والمصادقة عليه في استفتاء على نقل السلطة للعراقيين.

ونقلت الصحف الأميركية عن مسئولين أميركيين أنه لا يوجد دليل على أن بوش فقد ثقته في بريمر على رغم أنه يريده أن يتحرك بسرعة أكثر لإظهار تقدم أسرع في العراق. وقال مسئول أميركي إنه «ليست هناك أية توقعات أن يترك بريمر منصبه».

ومن بين الخيارات التي يجري استعراضها هو انتخاب زعيم عراقي مؤقت حتى يكون بالإمكان إجراء انتخابات على غرار النموذج الأفغاني إذ خدم حميد قرضاي كزعيم معين للبلاد ولايزال قبل إجراء انتخابات مقررة في العام المقبل.

وقال مسئول أميركي إنه ليس من المحتمل أن تتخلى الولايات المتحدة عن «مجلس الحكم العراقي» الذي عينته إلا أنها قد تعدل هيكله السياسي في مسعى للتعجيل بانتقال البلاد بعد الحرب إلى الديمقراطية. ويدعو أحد الاقتراحات إلى توسيع المجلس بصورة يضم أعضاء يختارهم العراقيون لإكسابه بعض الشرعية.

وقال مسئول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن بريمر عاد إلى واشنطن للدفاع عن أسلوب معالجته للوضع في الوقت الذي يعيد فيه البيت الأبيض بحث أكبر قراراته بما في ذلك حل الجيش العراقي. وعزا مسئولون أميركيون سبب الاجتماعات في البيت الأبيض بصورة رئيسية إلى حاجة بوش إلى دعم موقفه الجديد بان الحرب على العراق هي من أجل نشر الديمقراطية وذلك باتخاذ قرار بشأن اعداد مسودة دستور عراقي كان قرار مجلس الأمن الأخير حدد منتصف ديسمبر/ كانون الأول المقبل موعدا له بجدول زمني وبخطة لصوغه وإجراء انتخابات. غير أن ادارة بوش فقدت الصبر بصورة متزايدة إزاء مجلس الحكم الذي عينته، غير أن أعضاء المجلس يشكون من أنه ليس لديهم سلطة حقيقية لأن السلطة مركزة في مكتب بريمر.

ومن بين الخيارات التي بحثتها اجتماعات البيت الأبيض ما إذا كان يتعين إجراء انتخابات وطنية في العراق لاختيار مندوبين لمؤتمر دستوري يلقى تأييدا من الشيعة.

ولا يوجد إجماع في الآراء داخل ادارة بوش على كيفية التحرك قدما في العراق. ويحبذ بعض كبار صناع السياسة في البنتاغون اقتراحا منفصلا يسلم بموجبه السيادة بصورة اساسية إلى مجلس الحكم المعين على رغم دلائل واسعة بأن غالبية العراقيين لا تقبل بالمجلس ولا تعتبره مجلسا شرعيا.

وتقول مصادر مطلعة أن بوش سيحمل معه في زيارته الأسبوع المقبل إلى لندن نتائج المناقشات لبحثها مع شريكه في سلطة الاحتلال رئيس الحكومة البريطاني طوني بلير الذي يواجه هو الآخر انتقادا سياسيا متصاعدا لمشاركته الولايات المتحدة في الحرب على العراق وأوضح مرارا أنه يرغب في أن يرى تقدما سريعا في العراق.

ومن بين الأفكار التي تجد دعما أميركيا أقوى السعي إلى عملية انتقالية تتجاوز في النهاية «مجلس الحكم» ويدعو أحد الاقتراحات إلى أن يضع المجلس دستورا مؤقتا وقوانين أساسية يجرب بموجبها انتخابات من أجل لجنة دستورية في الصيف المقبل وستساعد هذه اللجنة على إيجاد سلطة تنفيذية للسيادة تحكم إلى حين كتابة الدستور وإجراء أول انتخابات ديمقراطية من أجل حكومة دائمة بعد انهيار حكومة صدام حسين. وهذا يوفر مخرجا لادارة بوش قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، لتبرير سحب قواتها تدريجيا وإحلال قوات عراقية مكانها، بعد أن تكبل الحكم الجديد باتفاقات تعاون وتحالف على مختلف الأصعدة.

ويأمل بريمر أن يأخذ معه الخطة الجديدة إلى بغداد الأسبوع الجاري لبحثها مع «مجلس الحكم». وقال مسئول أميركي كبير «هناك إحباط جدي بشأن الطريقة التي عمل بها المجلس حتى الآن. فلم يظهر المجلس القدرة على جدية العمل ووحدة الرأي في عمله».

وكانت وكالة الـ «سي آي إيه» قدمت تقريرا عن العراق الأسبوع الماضي يعرض تلخيصا قاتما للوضع هناك. وقال التقرير إن الهجمات على القوات والشخصيات الأميركية تصاعدت لتصل إلى ما بين 30 و35 هجوما في اليوم، كما أن «مجلس الحكم» لم يكن قادرا في الوقت نفسه على التحرك نحو وضع دستور أو إجراء انتخابات ولا يحظى بأي تأييد من الشعب.

ويزيد مشكلات ادارة بوش وقلقها هو النزاع السياسي وخصوصا علاقات صعبة بين بريمر وقائد القيادة المركزية الأميركية المشرفة على قوات الاحتلال الجنرال جون أبو زيد ما يساهم في قلة التقدم الظاهر باتجاه نقل منظم للسلطة. وأعرب مسئول أميركي كبير عن اعتقاده بأن بريمر يعتقد أنه يستطيع القيام بعملية إيجاد الاستقرار ووضعه على طريق الديمقراطية أفضل من العراقيين. «غير أن مسئولا آخر قال إن بريمر كان وضع في سبتمبر/أيلول الماضي خطة للسيادة العراقية اتضح له الآن أنه ليس بالإمكان اتباعها ونحن بحاجة إلى نوع من الحكومة المؤقتة نستطيع إعطاءها نوعا ما من السلطة»

العدد 436 - السبت 15 نوفمبر 2003م الموافق 20 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً