العدد 436 - السبت 15 نوفمبر 2003م الموافق 20 رمضان 1424هـ

صفقة تبادل الأسرى تثير مشكلة كبرى لـ«اسرائيل»

الصحف العبرية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

قضية تبادل الأسرى بين «حزب الله» و«إسرائيل» تعثرت في فصولها الأخيرة لأن حكومة آرييل شارون رفضت بالإجماع شمول التبادل عميد الأسرى اللبنانيين الأسير سمير القنطار، وفي المقابل تمسك الحزب بالافراج عن جميع الأسرى الذين تم التوافق عليهم مع الوسيط الألماني. فرمى «حزب الله» كرة مصير عملية التبادل مع «إسرائيل» إلى ملعب الوسيط الألماني الذي ينتظر وصوله إلى بيروت لإطلاع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله على نص قرار الحكومة الإسرائيلية في شأن صفقة التبادل.

وفيما تباينت التقديرات عن مصير الصفقة بين قائل انها مازالت قائمة وبين آخر يعتقد بأنها عادت إلى نقطة الصفر وتحتاج إلى جولات وساطة جديدة. ووسط المصير المجهول للعملية برمتها وتعالي أصوات التهديد الإسرائيلية الذي تمثل بما كشف عنه وزير الدفاع شاؤول موفاز من انه كان ينوي خطف السيد نصرالله عندما كان رئيسا للأركان بهدف الحصول على معلومات عن الطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد. وانه كرر هذا الاقتراح في جلسة مجلس الوزراء يوم الأحد الماضي. وبدا من تعليقات الصحف ان حملة منظمة للإطاحة بصفقة التبادل تجري على أكثر من مستوى وبين مختلف الاتجاهات الإسرائيلية ومحورها ألا يعطى «حزب الله» المزيد من الانتصارات. وألا يسمح لأمينه العام بأن يصبح بطل التحرير العربي كما قال يوئيل ماركوس في «هآرتس»... ويقول عمير رففورت في «معاريف» إن هذه الصفقة تثير مشكلة كبرى لـ «إسرائيل». فتكفي المقارنة بين الحماسة التي ينظر بها لبنان إلى الصفقة والمعاناة التي مر بها طوال ساعات أعضاء الحكومة (الإسرائيلية) حتى رفعوا أيديهم وصوتوا معها بقلوب مثقلة... فيما صب موشيه آرينز (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق) في «هآرتس» جام غضبه على السيد حسن نصرالله ووصفه بالقاتل الذي يحاول الإفلات بجرائمه.

واعتبر يوئيل ماركوس في «هآرتس» ان صفقة تبادل الأسرى بين «إسرائيل» و«حزب الله»، التي وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية مشكوك فيها. وأوضح ان الصفقة تنص على تسليم جثث إسرائيليين قتلوا على يد رجال حسن نصرالله، وليس سجناء حرب إلى جانب مواطن إسرائيلي «بيع» إلى حزب الله. وفي المقابل ستسلم «إسرائيل»، 400 معتقل فلسطيني وعشرات المعتقلين اللبنانيين والسوريين والمغربيين والليبيين في السجون الإسرائيلية. وسخر ماركوس، قائلا إن الإسرائيليين سيقدمون إلى «حزب الله» «إكرامية» تتمثل بخرائط الألغام في جنوب لبنان، كي تسهل على الحزب اختطاف المزيد من الجنود الإسرائيليين بعد أن تخلو المنطقة من الألغام. ومن هذا المنطلق اعتبر ماركوس، ان الصفقة ليست بالأهمية التي تبدو عليها اليوم متسائلا لماذا تحتل تفاصيلها كل معظم عناوين وسائل الإعلام؟ ولماذا يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي كل ثقله في هذه الصفقة في الوقت الذي تواجه فيه البلاد مشكلات كثيرة لم يقم شارون، بمواجهتها حتى اليوم؟ ولم يجب ماركوس عن هذه الأسئلة إلى أن وصل إلى ختام مقالته مؤكدا أن الصفقة تهدف إلى صرف انتباه الشعب الإسرائيلي عن مشكلاته. وقبل الإجابة عن تلك الأسئلة عرض أوجه الأزمة التي تواجهها «إسرائيل» في الفترة الراهنة. وأوضح أن الوضع في الدولة العبرية لم يكن سيئا كما هو اليوم، فحتى الجيش يدرك اليوم ان ما من حل عسكري للانتفاضة. وتابع أن شارون، يفتقد استراتيجية واضحة أو أجندة وطنية محددة للحكم، وأن الناس اليوم في «إسرائيل» يخافون من تدهور الوضع في البلاد على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية. وتابع أن شارون، يريد أن يشغل الناس والصحافيين والكتاب في «إسرائيل»، بصفقة التبادل بدلا من أن يصبوا كل تفكيرهم على المشكلات التي تواجهها البلاد على الصعيد الاقتصادي والعسكري والسياسي. ورأى ان «إسرائيل»، ستتحول إلى دولة منبوذة لا سيما مع تنامي معاداة السامية في العالم في الوقت الذي يعتبر شارون، ان المحافظة على الرئيس الأميركي إلى جانبه هو كل شيء وأهم شيء. وفي هذا السياق لفت ماركوس، إلى أن ثمة حديثا في واشنطن، مفاده ان شارون، يحاول الاستفادة من صداقته مع بوش، كي لا يقوم بالتنازلات التي من شأنها دفع «خريطة الطريق» قدما، وكي يفعل ما يريد أي ان يقوم ببناء الجدار الفاصل إذ يحلو له وأن ينشئ مستوطنات جديدة.

ورأى تسفي برئيل في «هآرتس»، ان المحافظة على هيبة السيد نصرالله لا تعتمد فقط على تنفيذ تعهده بإطلاق سراح جميع المعتقلين اللبنانيين بل سمير القنطار على وجه الخصوص... معتبرا انه في حال قام نصرالله بإلغاء الصفقة فإنه سيدمر أكبر إنجاز سياسي كان ليحققه أمام الشعبين اللبناني والفلسطيني وغيرهما من الشعوب العربية... ما يجعل منه بطل التحرير العربي. ولفت إلى أن أحد المعلقين اللبنانيين (لم يسم برئيل المعلق أو الصحافي الذي استطاع الاتصال به ومعرفة رأيه) يشير إلى ان نصرالله سيوافق في النهاية على الشرط الإسرائيلي، وذلك للسبب نفسه الذي من أجله بدأ المفاوضات عن تبادل الأسرى مع الدولة العبرية أي ارتفاع حدة الانتقاد في الشارع اللبناني بشكل عام وفي داخل حزب الله بشكل خاص عن فشل نصرالله في تحرير المعتقلين... مشيرأ إلى أن هناك رأيا لمعلق لبناني آخر (أيضا اتصل به وأدلى لماركوس برأيه في الموضوع) يرى ان نصرالله قد وضع القنطار والشيخ عبدالكريم عبيد في كفتي الميزان فعندما يضع نصرالله كل ثقله في مسألة الإفراج عن عبيد فإنه من غير الوارد أن يقبل الشرط الإسرائيلي بعدم الإفراج عن القنطار حتى لو كان الثمن نسف الصفقة برمتها... لكن برئيل، اعتبر ان من الوارد أيضا أن يلجأ نصرالله إلى إحدى «حيله» في اللحظة الأخيرة من خلال الإبقاء على جزء من «البضاعة» التي من المفترض تسليمها إلى «إسرائيل» إلى حين الإفراج عن القنطار. وسأل إذا رفض السيد حسن نصرالله تنفيذ الصفقة مع «إسرائيل» عبر الوساطة الألمانية، فسيخسر أهم إنجاز سياسي له حتى الآن، أي إطلاق أكثر من 400 أسير غالبيتهم من الفلسطينيين ومن مواطني دول أخرى، الأمر الذي يجعل منه بطل التحرير العربي؟. فيما تناول ألوف بن في «هآرتس»، وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد أن حاز موافقة بأكثرية ضئيلة ، الأمر الذي يدل على الصعوبة التي يجدها شارون عند المناورة أمام حكومته عن مسائل دبلوماسية... ولاحظ ان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يحتفل بعد تصديق الحكومة على الصفقة بل خيّم عليه شعور بأن ما حصل كان «أهون الشرّين». وعنونت «هآرتس»: «حزب الله: لا صفقة من دون القنطار... شقيق سمير القنطار يصرح لقناة الجزيرة ان الشيخ حسن نصرالله وعده بأن الصفقة لن تتم من الإفراج عن شقيقه...» ورجح عمير رففورت في «معاريف» أن تكون الطريق طويلا إلى حين تتحقق الصفقة، فالوضع معقد إلى حد ان الصفقة بتركيبتها الحالية قد لا تدخل حيز التنفيذ. والسبب الأساسي ان هذه الصفقة تثير مشكلة كبرى لـ «إسرائيل». تكفي المقارنة بين الحماسة التي ينظر بها لبنان إلى الصفقة والمعاناة التي مر بها طوال ساعات أعضاء الحكومة حتى رفعوا أيديهم وصوتوا معها بقلوب مثقلة. وعندما تكون الفوارق في المواقف كبيرة إلى هذا الحد فهذا يعني اننا لسنا في صدد صفقة سيخرج منها الطرفان راضيين. وكشفت «يديعوت أحرونوت»، نقلا عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع، ان «إسرائيل» لا تستبعد اختطاف أفراد من منظمة «حزب الله» من أجل الحصول على معلومات تتعلق بالطيار الجوي الإسرائيلي المفقود رون آراد، وذلك ردا على تهديد أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله باختطاف المزيد من الإسرائيليين، إذا لم تخرج الصفقة إلى حيز التنفيذ. ونقلت تأكيد مصادر سياسية إسرائيلية ان صفقة تبادل الأسرى مع «حزب الله»، التي صدقت عليها الحكومة الإسرائيلية، قد تنفجر في ضوء مطالبة «حزب الله»، بالإفراج عن أسرى «ملطخة أيديهم بدماء مواطنين يهود»، من بينهم سمير القنطار، إذا لم تشمل القنطار، منفذ عملية نهاريا. كما نقلت عن مصادر في مكتب شارون، انه يتوجب الآن، بعد تصديق الحكومة على صفقة الأسرى، استكمال المفاوضات مع «حزب الله». لذلك فإنه من المتوقع أن يتوجه اللواء بيران، مرة أخرى، إلى ألمانيا من أجل استكمال الصفقة بتفاصيلها النهائية. وتناول عمير أورين في «هآرتس»، الصفقة فأشار إلى أن غالبية الشعب الإسرائيلي ستدعم أي قرار تتخذه الحكومة الإسرائيلية بالقيام بعملية عسكرية، من أجل إطلاق سراح الطيار رون آراد، في حال حصلت الدولة العبرية على معلومات عن مكان احتجازه، حتى لو شكل ذلك خطرا على آراد وعلى منقذيه. واعتبر أورين من جهة أخرى ان العلاقة بين «حزب الله» وإيران، واضحة جدا منتقدا كل من يعتبر انه لا يجب تكبد العناء في الحصول على معلومات عن آراد لأن «حزب الله» نفسه غير قادر على القيام بذلك. وأورد في هذا السياق تصريحا لمدير مكتب الاستخبارات الفيدرالي الأميركي روبرت ميولر في الكونغرس، يفيد بأنه قلق من احتمال أن يشن «حزب الله» هجمات ضد أهداف أميركية في معرض الرد على عملية عسكرية أميركية ضد «حزب الله» في لبنان أو ضد إيران. وتابع بالتشديد على أن «حزب الله» هو أحد «الأواني» الأساسية في «مطبخ» طهران. ونصرالله يعلم في المقابل ان إيران، هي الجهة القادرة على ردم الثغرات الموجودة في صفقة تبادل الأسرى مع «إسرائيل»، من أجل تحقيقها بالشروط التي يردها أمين عام «حزب الله». (في إشارة إلى أن «حزب الله» سيحاول الحصول على معلومات عن آراد من أجل إنقاذ الصفقة بعد إعلان «إسرائيل» عن رفضها الإفراج عن القنطار) وأكد أورين، ان إيران، هي السبيل الوحيد للحصول على معلومات عن مصير آراد، من خلال بناء سلسلة الاختطاف كما أسماها أي اقتفاء أثر الجهات التي احتجزت آراد، بعد أن سلمه مصطفى الديراني للإيرانيين. إلى ذلك، لفت هاريل، إلى أن الحصول على جثث الجنود الإسرائيليين الثلاثة الذين سقطوا في لبنان، مهم، ولكنه ليس بالأهمية التي يتصورها البعض. وختم أورين، مقالته بأن شارون، حصل بصعوبة على موافقة حكومته على تحرير عدد هائل من المعتقلين من أجل تحقيق هدف مضلل (أي الحصول على جثث جنود) ومقابل التخلي عن آراد.

ووصف موشيه آرينز (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق) في «هآرتس» أمين عام حزب الله بالقاتل الذي يحاول الإفلات بجرائمه. وتابع أن نصرالله، يهدد ويلقي الخطب الدينية من بيروت، بينما يرسل رجاله في مهام قتل وخطف. وبعد ذلك يستخدم المخطوفين وجثث القتلى كأوراق مساومة في لعبة ابتزاز وحشية لا تؤدي سوى إلى المزيد من عمليات القتل والاختطاف وهكذا دواليك. وتابع آرينز، مزاعمه بأن مجموع ضحايا نصرالله يجعله في المرتبة الثانية على لائحة القتل الجماعي بعد زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن. وخلص إلى انه بإمكان نصرالله، أن يشعر بالرضا والارتياح لأنه أضاف عذابات جديدة على الشعب اليهودي. وتساءل ما إذا كان يجب ترك نصرالله يحدد شروط تبادل الأسرى بنفسه؟ وأسف لكون «إسرائيل»، تفتقر إلى الخبرة في مجال تبادل الأسرى والدليل على ذلك ما سمي بـ «تبادل جبريل» حين تركزت مناقشات الوزراء الإسرائيليين آنذاك على إعادة الأسرى الإسرائيليين بأي ثمن. وأوضح أن الثمن كان أعدادا كبيرة من «الإرهابيين» الذين عادوا إلى أماكنهم في ساحة الانتفاضة وإلى قتل المزيد من المدنيين الإسرائيليين. وتساءل انطلاقا من ذلك عن أعداد الإسرائيليين الذين سيقتلون نتيجة إبرام الصفقة بين «إسرائيل» و«حزب الله»؟ أما فيما يتعلق بالطيار الإسرائيلي رون آراد، فاعتبر الوزير السابق، ان على الإسرائيليين اللجوء إلى طرق جديدة للحصول على معلومات عن آراد، لا سيما ان الإيرانيين الذين يملكون معلومات عن مصيره لن يقوموا بالكشف عن أية معلومات حوله. وختم بالقول إن ترك آراد، خارج الصفقة الجديدة لن يؤدي إلى تحسين وضعه.

في أي حال طرح إبراهيم الأمين في «السفير» اللبنانية وكعادته في نقل أجواء «حزب الله» الإشكالية الطارئة على ملف الأسرى. ونقل رسالة مفادها في حال كان موضوع القنطار ذريعة بحد ذاته وكان شارون عاجزا عن إتمام الصفقة وهو يريد تفجيرها فوضع اللغم تاركا لـ «حزب الله» الضغط على جهاز التفجير. فالأمر يتعلق عندئذ بأكثر من عنصر وبأكثر من جهة وهناك أولا موقف الجانب الألماني وهناك ثانيا الموقف العملاني الذي سيكون «حزب الله» مضطرا لاعتماده إذا فشلت الصفقة. وفي اليوم التالي وبعد التهديد الإسرائيلي بخطف السيد نصرالله، كتب الأمين، رسالة ثانية، موجهة إلى من يريد أن يسمع من المسئولين الإسرائيليين بأن حزب الله، سيعلن من جانبه فشل المفاوضات وانتهاء المهلة. وهو سيشرع في محاولة قد تنجح وقد لا تنجح لأجل أسر المزيد من جنود العدو

العدد 436 - السبت 15 نوفمبر 2003م الموافق 20 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً