العدد 436 - السبت 15 نوفمبر 2003م الموافق 20 رمضان 1424هـ

براءة

ساحة مضيئة، الشمس شاحذة سعيرها الحارق، الفصول متراصة، النوافذ تثرثر التماعا، هدوء

قلق، سيارات تنتظر في الخارج لحظة الانعتاق ببلادة..

وتأتي ولولة الرنين... أخيرا

ننطلق بصخب مدو، تتصادم حقائبنا، عرقنا الطفولي، لمعة ضحكاتنا بالانفراج من سجون... المدرسة.

نركض، نبحث عن كوفيته البيضاء، بنطاله الرمادي: قميصه الباهت، نعاله القديم وعربة الدهشة...

نسمع صوته الأربعيني مشروخا بالتعب، نجري إليه، تبح أصواتنا تلاحق يديه، كالحاوي يدخلها في فتحة باردة تتوسط صندوق عربته، يغترف، يخرج الألوان اللذيذة... نصرخ كلما ناكفنا الحظ بخيبة نقول:

- لو سمحت واحد برّد بوذهب.

- حجي عطني بربع دينار بّرد برقان و...

لا يكل عن تلبية طلباتنا اللحوحة.

نلتصق، نحيط بجسده

مباغتة/اليوم:

حاولت مد خطوتي إليه، لا شيء تحرك بجسدي الموجوع..

رأيته يلتفت إلي مشجعا بعدما عرفني...

سهوت متخيلة اللذة التي تحملها يداه، ما تنبهت لظهور دشداشة، تأتي مسرعة بظهرها العريض، بيد ضخمة تسرع رافعة العقال، تلهث مقتربة من كوفية تعبة مشغولة بزعيق أصوات بيضاء...

يئن الهواء، تهبط سياط العقال، وتعاود الارتفاع سخطا على بائع الآيس كريم

يبهت الجميع...

يتراجع البائع مذهولا، محاولا سيطرة لا يجدها...

تنفلت دائرة الصغار هاربة بصيحات الخوف، تستطلع الرعب...

يبتعد البائع يحاول وقف الرجل الصاخب ركلا، ضربا، بصقا، يدفع بقوة، يسقط أرضا

تضيق دائرة الكبار عليهما،

دائرة فضول تحوقل، تبسمل، تستعيذ...

يسمع صراخا قادما..

- سأشكوك للشرطة، للشركة... لن تبقى هنا تسمعني؟

والله يا رجل لا أعلم عما تتكلم.

- نفتح لكم بلدنا فتملأونها بوساختكم.

- هل تفهم ما أقول؟

وينصت الجميع تعطشا للحكاية.

المواجهة /أمس:

أسررت لأختي

- يمسح على شعري، تهبط يداه على وجهي المحمر، يضمني بشدة، يقارب وجهه وجهي، ويلثمني مرددا: جميلة أنت حبيبتي...

كررت هي ذات الشيء... لدميتها

سمعها أخي، نهرها بشدة، أخذها وهي معلقة بالهواء لوالدتي

واستدعيت...

على جمر كان ينتظر إجابتي المحددة...

- من؟

لا أحد

توالت صفعاته، حسمت الأمر...

بائع الآيس كريم.

شهقت والدتي، تعثرت كلماتها، ناهرا قال:

- لا تتدخلي.

بحرقة عاد يسأل:

- كم مرة؟

أربع مرات.

- أين؟

ترردت، جذبني من ياقة فستاني المشجر بعنف...

- تكلمي

أجبته جزعة:

حين آتي مشيا ويراني آخذ السكك البعيدة...

و قرر...

الحوار/قبل ثلاثة أيام:

مقعدي في الصف الملاصق لزميلة تكبرنا بسنوات، تخرج صورة لا أتبين ملامح صاحبها، تضحك لرغبتي في رؤية وجهه، تهمس:

- حتى لو كبرت لن تجدي مثله.

لم أرد..

في صالة الألعاب، تخلع ملابسها ترينا ما تدعي أنها أماكن مرت عليها شفاه حبيبها المراهق، توشوش:

- يقول لي، لا أنثى مثلك.

- أبوه غني جدا.

- حلمه أن يصبح عسكريا مرموقا.

نتطلع لبعض، نخفي ضحكاتنا بأكفنا الصغيرة...

تكمل مغامراتها معه، تختتمها قائلة:

يقارب وجهه و جهي، ويلثمني أربع مرات مرددا: جميلة أنت حبيبتي

كاتبة كويتية

برّد:آيس كريم





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً