(اذهبوا فأنتم الطلقاء) قالها سيد المرسلين محمد (ص) للمشركين عندما دخل مكة منتصرا فتجاوز عن إساءاتهم ومحاربتهم له ولأتباعه من المسلمين.
وقياسا على هذه الحكمة وهذا التسامح واتباعا لمنهج الرسول (ص) فإن كبار المسئولين في بلادنا يرفعون الشعار نفسه مع المتجاوزين من المديرين وكبار المسئولين الذين تنطبق عليهم تهمة الفساد الإداري والمالي «اذهبوا فأنتم الطلقاء» وزيادة في اتباع الحديث والرغبة في نافلة التسامح يبحثون لهم عن إدارة جديدة لإسنادها إليهم لإدارتها ولأن البحرين كلها مجرد «قريَّة» صغيرة لا تختفي فيها الأخبار وخصوصا الفضائح المالية كما قال الشاعر:
ومهما تكنْ عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تُعْلَمِ
والناس في بلادنا فضاحون سواء خلال مجالسهم أو منتدياتهم أو جمعياتهم أو حتى في مقاهي الشيشة، ومن هنا يأتي حديثهم هذه الأيام عن موظفة مرموقة كانت تفرض أتاوة على بعض المؤسسات للحصول على رخص لها بمبالغ تصل بين 30 و40 ألف دينار، ويقال ان أحد الغارقين حتى «شوشته» في الخطايا هو الآخر قام بكشف هذا التجاوز ليؤكد كما يبدو أنه ليس الوحيد الغارق في الخطايا، وليس الوحيد الذي يقوم بالتجاوزات ويفضحه أصحاب الأقلام الشريفة والغيورة على الوطن، ومما يروجه البعض وأرجو أن يكون الخبر برمته غير صحيح حتى نكذب تعليق أحد الأصدقاء «عن بلادنا التي وصفها بأنها صارت تعوم على بحر من الفساد المالي والأخلاقي». إن هناك أشرطة وحقائق ومستمسكات ودلائل على آخر المتجاوزين المحترمين. والطريف في أن القائم على رأس هذه المؤسسة أراد أن يطبق شعار التسامح العظيم الذي تتبعه الدولة فيما بعد إيقاف العمل بدستور 1973 «اذهبوا فأنتم الطلقاء» قام باستحداث دائرة جديدة في مؤسسته إمعانا في التسامح لتترأسه طيبة الذكر فما «أجود» وأجمل أن تعرف المرأة البحرينية أن لها حقوقا هي الأخرى مماثلة لحقوق الرجال بما فيها حق التجاوز المالي، وصدق من قال «من أمن العقوبة أساء الأدب»، ولأن المسئولين في مملكتنا يأمنون العقوبة مع شعار التسامح فإن بؤس هذا الشعب وفقره لن يتوقف
العدد 435 - الجمعة 14 نوفمبر 2003م الموافق 19 رمضان 1424هـ