إن الارتفاع الكبير في أعداد المدارس الخاصة الوطنية والأجنبية على السوية وأعداد الطلبة المنخرطين فيها، إن كان يلغي جانبا من العبء عن كاهل وزارة التربية والتعليم، فإنه من الجانب الآخر يلقي أعباء أخرى تفوق في أهميتها توفير كرسي ومعلم وفصل ومدرسة لكل طالب من الذين تستوعبهم المدارس الخاصة.
إن الخطورة التي تتأكد وتحتاج هي الأخرى إلى دراسة حالات ميدانية تأتي جوانب منها من المناهج التي تستوردها هذه المدارس لتتفرد بها عن مدارس «الوزارة»، فكل المناهج التي تدرس فيها مستوردة بالكامل، وبكامل جودتها وإخفاقاتها.
فها هي ذي مدرسة خاصة التقطت نبض الشارع الآخذ في التقعر في الدين، والمتخذ سبل التشدد من المنهج السلفي، انتخبت كامل مناهجها من المملكة العربية السعودية، وأخذت تدرسها للطلبة فيها من الجنسين لسنوات ليست بالقليلة، والمملكة الشقيقة تبحث اليوم جاهدة لتغيير مناهجها آخذة عليها بأن هذه المناهج كانت أحد أسباب تربية فكر العنف والإقصاء، ولكننا استوردنا المنهج هكذا في «ربطة» واحدة بكل ما فيه من علل.
المناهج اللبنانية والأردنية لا تقل انزياحا عن واقعنا البحريني في اتجاهات أخرى متعددة، إذ إنها قد بنيت على أسس تخدم الجهات التي وضعتها، وتوصل الطالب إلى ما تريد هي أن تعلمه إياه، وليس بالضرورة ما تريد البحرين أن ترى عليه طالبها في المستقبل، أما المناهج الغربية التي تدرس بعضها أو كلها في المدارس الأجنبية وبعض المدارس الوطنية، فإن الأمر فيها لا يتعلق فقط بالكلمات والجمل المصاغة بلغة مختلفة، ولكنها تتسلل أيضا إلى طريقة التفكير، وتصبح رماحا مختلفة الاتجاهات تتبارى في نزع هوية هذا الوطن
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 435 - الجمعة 14 نوفمبر 2003م الموافق 19 رمضان 1424هـ