كان الباحث الاجتماعي الشهير علي الوردي يردد في كتبه: «في المجتمع العراقي تجد هناك ما بين كل مقهى ومقهى مقهى» وكذلك نحن هنا نلحظ ذلك جليا أن ما بين كل صندوق خيري وصندوق خيري صندوقا خيريا. وهذه تعكس قصة واقع يحكي عن ضياع خبز، وتعطل أسر بسبب العوز.
في المجتمع البحريني تغيرت المعادلة كثيرا وأصبحنا نعيش بعض مظاهر فقر الهند في تآكل، بل تناهي وتلاشي الطبقة الوسطى ليصبح المجتمع طبقتين: طبقة تتجه في سرعة ضوئية نحو الثراء، وتقوى سريعا بمجرد حصولها على سبانخ باباي، وطبقة تنحدر نحو خط «القبر» لأنها لم تحصل ذات يوم لا على بلح الشام ولا على عنب اليمن.
قد يقول البعض تلك مبالغة، ونظرات سوداوية لا تخلو من أمراض اجترارية متجهة إلى الاكتئاب وحب النقد.
دعونا من قول «يقول» و«قال» ولنذهب إلى البيوت ولنبحث في القرى فسنكتشف صورا خيالية تعكس حالات الفقر. ومن أجل وضع النقاط لابد من البوح بالحقيقة وبالأرقام مع بعض الحالات المرعبة... أتمنى على أصحاب الأيادي البيضاء أن يسعفوا عائلة اكتشفناها قبل أسبوع إذ تعيش في غرفة خشبية وإذا سقط المطر تتحول هذه الغرفة إلى بركة من الماء، أب هذه العائلة مكث سنين وهو ينتظر بيت الإسكان ولم يحصل عليه... طفلته الصغيرة لم تذهب ذات يوم إلى المدرسة لأن زميلاتها الصغيرات رحن يعبن عليها البيت، إذ راحت تقول: إنهم «يعيروني» ببيتنا. ملف هذه الأسرة موجود ومن أراد أن يكسب ثواب المشاركة في بناء سكن لهم فله أجر كبير.
من سيقرأ الملف ومن سيرى «بيتهم الخشبي» لا شك سيهزه المشهد. فصاحب هذه الغرفة الخشبية ملّ وهو يبعث برسائله إلى وزارة الإسكان وإلى المسئولين ومنذ سنين وهو يبعث استغاثاته كما هو واضح من الأوراق المرسلة والمبعوثة وهي موجودة في الملف.
إن توفير السكن والطعام أصبح أوروبيا حقا من حقوق الإنسان والحيوان، إذ تم في اليونسكو في باريس إعلان المبادئ العالمية لحقوق الحيوان وتم تفعيل البنود، وهنا نطرح بندين للاختصار:
1- لا يحق لأي إنسان أن يعرّض أي حيوان لمعاملات قاسية أو أن يتصرف معه بخشونة.
2- كل حيوان له الحق في أن يعيش في نطاق محيطه الخاص به وكل حرمان للحرية يعتبر تحديا لحقوق الحيوان التي أقرتها منظمة اليونسكو العالمية، «موسوعة الإمعان لحقوق الإنسان». (هيثم مناع).
علماء السوسيولوجيا يحذرون كثيرا من البيئات التي يكثر فيها الفقر. إن أحزمة الفقر وطوابير البطالة في مجتمعاتنا إذا لم تحل أو تستوعب فإنها قد تتحول إلى مواقع للتوتر وتزداد بها بؤر الاحتقان وتكون بيئة خصبة للتطرف. فلماذا إذا لا نعمل على استيعابها بدلا من أن نذرف الدموع غدا؟
الغريب أن ما ينفق على أغذية حيوانات المنازل في أوروبا والولايات المتحدة 105 بلايين دولار، كما جاء في تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة.
نحن نناشد كل يدٍ بيضاء تستطيع أن تسعف هذه العوائل وخصوصا العائلة التي ذكرتها وخصوصا مع اقتراب شبح الشتاء. كما نناشد جلالة الملك حفظه الله احتضان هذه العائلة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 435 - الجمعة 14 نوفمبر 2003م الموافق 19 رمضان 1424هـ