انتقدت صحيفة «الدستور» الاردنية، ما اسمته بـ «الغطرسة الاميركية»، التي يقودها اقطاب من الادارة الاميركية تجاه دول المنطقة وقالت في افتتاحيتها عشية اصدار الكونغرس الاميركي لقرار محاسبة سورية «تتصاعد يوما بعد آخر وتيرة الحوادث الدامية والتطورات المقلقة على الساحة الوطنية العراقية. فالعمليات الحربية التي تستهدف قوات الاحتلال تزداد قوة وتنظيما يوما تلو الآخر، فيما الولايات المتحدة تزداد تخبطا وارتباكا بصورة تدعو للاسف والتساؤل».
واذ ينفتح «المشهد العراقي» كما يقول المحلل السياسي لصحيفة «الدستور» على شتى الاحتمالات وتتداخل العوامل المحلية بالاقليمية والدولية لاطالة امد الازمة فان «مختلف الاطراف من دول ومنظمات اصبحت تتخذ من هذا البلد الشقيق ساحة لتصفية الحسابات وميدانا للمواجهة المباشرة او عبر الوسطاء».
ويضيف:
«ولعل السبب الرئيس الذي يسهم في اطالة امد الازمة والمعاناة العراقيتين، يتجلى في اصرار الولايات المتحدة على ادارة الظهر لكل النداءات العراقية والاقليمية والدولية، الداعية لاعادة الاعتبار لدور الامم المتحدة في الازمة العراقية وتسريع عمليات نقل السلطة للعراقيين وتمكينهم من اجراء انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة شرعية ممثلة لهم، وبصورة تحفظ للعراق والعراقيين الوحدة والسيادة والاستقلال».
وتابع:
«وجاءت العملية الانتحارية التي استهدفت القوات الايطالية في الناصرية جنوب العراق لتعيد الجدل الدولي عن سبل الخروج بالعراق من محنته، الى مربعاته الاولى، فالبرلمان الايطالي الذي دعا لدور اكبر للامم المتحدة وتسريع انسحاب القوات الايطالية من العراق، قوبلت مواقفه باصرار من الحكومة على المضي في السياسة القائمة ذاتها على تغليب اعتبارات التحالف مع واشنطن على أية اعتبارات اخرى، الامر الذي يدفع على الاعتقاد، بأن الفشل الاميركي في العراق، لن يصيب الادارة الاميركية وحدها، بل سيطاول ايضا، حكومات الدول الحليفة للولايات المتحدة».
والمؤسف حقا تقول «الدستور» ان «الغطرسة الاميركية التي افضت الى نتائج مأسوية قبل الحرب على العراق، وفي اثنائها وبعدها، ما زالت سيدة الموقف في توجيه السياسة الخارجية لواشنطن حتى يومنا هذا. فعملية اعادة تقويم السياسة الاميركية في العراق التي استدعى بول بريمر على عجل للمشاركة فيها، لم تنته الى شيء. و«المكابرة» الاميركية في العراق، ستنتهي باوخم العواقب على مختلف الاطراف.
ويزيد الامر تعقيدا ميل الولايات المتحدة لتصدير ازمتها في العراق بدل التوجه لحلها والخروج من قبضتها. فليس مصادفة ابدا ان يتزامن التصعيد الدامي في العراق مع الحملة الاميركية الشعواء على سورية، التي بلغت حد اقرار مجلس الشيوخ الاميركي وبغالبية ساحقة لقانون محاسبة سورية الذي يتضمن فرض عقوبات على دمشق، ما لم تتساوق مع رغبات واشنطن وطلباتها غير المعقولة.
ذلك القرار الذي يصب اساسا في المصلحة الاسرائيلية ولا يخدم ابدا جهود انقاذ عملية السلام في المنطقة، ولا يساعد كما قال: «الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية» على تعزيز الامن والاستقرار الاقليميين. فبدل ان تلجأ واشنطن للحوار مع الاطراف ذات الصلة نراها تصعد حملاتها على مختلف الجبهات في الوقت الذي تقدم فيه جميع اشكال الدعم المادي والمعنوي لحكومة اليمين المتطرف في الدولة العبرية.
اننا ونحن نتابع بكل القلق المصائر الصعبة التي تقود واشنطن المنطقة باتجاهها فاننا نأمل ان تتحرك المجموعة الدولية والجامعة العربية قبل فوات الاوان، من اجل وضع حد لحال التدهور التي تعيشها المنطقة والعودة إلى جادة الحوار تحت مظلة الشرعية الدولية من اجل الوصول لحلول عادلة لقضايا المنطقة وازماتها
العدد 435 - الجمعة 14 نوفمبر 2003م الموافق 19 رمضان 1424هـ