عندما نزل المغني ومؤلف الأغاني فرشيد أمين عن المسرح في مقاطعة أورنج بولاية كاليفورنيا بعد أن أدى أغنية بالإنجليزية في حفلة لأنصار الحزب الديمقراطي في كوستا ميسا احتفالا بفوز باراك أوباما في الانتخابات، سمع تعليقات لم يكن يتوقعها.
قال في وصف بعض الصحفيين والمراسلين الذين قابلوه بعد أن أنهى أغنيته «لم يصدقوا أنني إيراني فعلا، فبقيت أجيب عن السؤال مرارا وتكرارا».
لعل سبب الشك الذي ساور الصحفيين كان عائدا إلى لهجته التي كانت بريطانية نوعا ما، لكنه يعتقد أن البعض قد يشك في أن مواطنا أصله إيراني، أو من أي بلد آخر، يمتلك هذا المنظور القوي المقنع للمجتمع الأميركي وقضايا السياسة الأميركية.
غير أنه بالنسبة إلى الفنان أمين، الذي جاء إلى الولايات المتحدة في العام 1988 عن طريق بريطانيا، فإن هذا الافتراض يخطئ الرسالة التي تحملها أغنية «صلوا معي» التي كتبها أمين وغناها في حفل انتصار الرئيس المنتخب أوباما، وهي أن الصلاة من أجل السلام هي صلاة عالمية شاملة.
يقول أمين «أنا لست شخصا سياسيا. والمسألة ليست انحيازا إلى جانب ما. وبما أن أوباما كان ينادي بالتغيير، فإن الجمهور الذي سمعني أغنيها أعتقد أن (الأغنية) مناسبة تماما».
تحكي أغنية «صلوا معي» عن الثمن الشخصي للحرب لكنها تعبر عن التفاؤل بأن «التغيير آت.» إذ يعرض شريط الفيديو المرافق للأغنية كلمة «التغيير» عدة مرات وينتهي بعرض وجوه مبتسمة تنتمي إلى ثقافات مختلفة. وقد أطلق بعض المواقع على شبكة الإنترنت على الشريط اسم «أغنية أوباما».
قالت ملاحات رفيعي، المديرة التنفيذية للحزب الديمقراطي في مقاطعة أورنج التي تضم أكثر من 3 ملايين نسمة، إن الأغنية كانت ملائمة تماما لحفل الانتصار.
وأضافت رفيعي قائلة إن «كثيرا من الناس هنا سكبوا كل عواطفهم في هذه الحملة لـ20 إلى 22 شهرا ولذا كان هذا (الانتصار) هو التغيير الذي كنا نأمله وندعو من أجله. وهذه هي الرسالة التي جسدتها الأغنية بالنسبة لنا».
كانت رفيعي قد استمعت إلى الأغنية عندما غناها أمين في حفل خاص لجمع التبرعات في لوس أنجليس في تشرين الأول/أكتوبر. وعندما تعاقدت معه كي يغني في الحفل بدأت استفسارات أجهزة الإعلام تزيد بشكل ملحوظ. وقالت «لقد جاءنا هنا صحفيون من دبي».
إلهام غير مقصود
قال أمين إنه ألف الأغنية قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية وذلك بعد لقاء جرى مصادفة على الطائرة في الطريق إلى الولايات المتحدة من الشرق الأوسط. وأوضح قائلا «توقفنا في فرانكفورت (بألمانيا) وانضم إلينا ضابط (عسكري) أميركي كان يعمل طبيبا في مستشفى بالعراق».
وأضاف أمين أن الحديث بينهما عن الجلوس إلى حانب أحدهما الآخر في ممر للخروج من الطائرة في حالات الطوارئ، جرهما إلى التعمق في المحادثة «فأخرج (الضابط) صورا كثيرة له وهو يجري عمليات لأشخاص، فكان ذلك منبها يفتح العينين»، أي رؤية الجنود الجرحى الذين كان بعضهم شبانا صغار السن.
ومن القصص التي علقت في ذهن أمين كانت عن كيفية معالجة الأطباء الأميركيين للمفجرين الانتحاريين الذين ينجون من هجماتهم. قال «إنهم يقومون بإجراء عملية لشخص حاول قتلهم قبل قليل».
تبدأ الأغنية بكلمات تمثل وجهة نظر جندي. يقول أمين إن «كلماتها تبدأ على لسان شخص يكتب رسالة، لكنها قصة كل الناس في الوطن - فكثير من العائلات تتأثر».
وركز أمين على نقطة معينة بالذات وهي أن الحصول على وسام النجمة الذهبية العسكري ليس دائما أمرا مرغوبا فيه. ففي الأغنية تتلقى أم تنتظر قدوم ابنها في عيد الميلاد بدلا عنه نجمة ذهبية تمثل موت ابنها في الحرب. (تقول وزارة قدامى المحاربين إن دبوس النجمة الذهبية الذي يوضع في الياقة قد يمنح لبعض أقارب الجنود الذين يقتلون في المعركة في بعض الحروب).
نجم الغناء الشعبي الإيراني
مع أن أغنية «صلوا معي» هي أول أغنية اشتهرت لأمين باللغة الإنجليزية، فهو فنان ناجح وشخصية موسيقية مرموقة في عالم الموسيقى الشعبية الفارسية. فقد أصدر منذ العام 2000 خمسة ألبومات باللغة الفارسية ويعكف حاليا على إعداد ألبوم سادس.
كان أول ما صدر له من أغان منفردة أغنية «ناستاران» عن محب كسير القلب والتي لاقت على الفور نجاحا في سوق الأغاني الفارسية. ويقول أمين إن كلمات الأغنية «قاسية» بالمقارنة مع معظم الأغاني الشعبية الفارسية. وقال إنها أكثر صخبا أيضا و»قابلة للرقص» على أنغامها، و»كانت مختلفة كليا في ذلك الوقت».
ولد أمين في إيران لكن أسرته انتقلت إلى إنجلترا وهو في العاشرة من عمره. وقال إنه جاء إلى الولايات المتحدة بالذات كي يبدأ حياة مهنية كوسيقي بعد تخرجه من الجامعة بشهادة في الرياضيات.
التحق بقريب له في مدينة واشنطن واتخذ اسم «فاش آمِن» وأصبح المغني الأول في فرقة لموسيقى الروك حملت اسم «فير أوف مان» (خوف الإنسان). وقال أمين إن الفرقة كانت على وشك توقيع عقد لتسجيل الأغاني في منتصف التسعينيات لكن الصفقة فشلت مما أصابه بخيبة الأمل وجعله لا يدري ما يفعل بعد ذلك.
اقتصر أمين حتى ذلك الحين على تأليف أغانيه باللغة الإنجليزية فقط، غير أنه بناء على اقتراح من زوجته بدأ يؤلف أغنيات بالفارسية. وانتقل بأسرته بعد نجاح أغنيته «ناستاران» إلى لوس أنجليس حيث تتمركز صناعة التسجيلات الفارسية.
يعكف أمين الآن على إعداد ألبومه الأول باللغة الإنجليزية ويأمل إصداره في شباط/فبراير 2009. والأغاني تستمد وحيها من تجاربه السابقة مع موسيقى الروك الغربية بأسلوب «تحت أرضي» يتطرق إلى مواضيع وأفكار عامة مثل موضوع «صلوا معي».
والأغنية كما يقول أمين «هي عن الناس. إنها مسألة إنسانية وليست سياسية».
يمكن الاستماع إلى أغنية أمين «صلوا معي» “Pray With Me” على موقعه على شبكة الإنترنت
العدد 2337 - الأربعاء 28 يناير 2009م الموافق 01 صفر 1430هـ