العدد 433 - الأربعاء 12 نوفمبر 2003م الموافق 17 رمضان 1424هـ

أزمة البصمات وضياع الوظيفة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لعنة السياسة طاردته في كل مكان فأثقلته بأوجاعها، سمع - على رغم انه كان بريئا - ان العفو يجبّ ما قبله، لكنه - وللأسف الشديد - كان من ضحاياه، سمع عنه فلم يره... عاش ليالي في السجن ابان الحوادث التي وقعت في البلاد فترة التسعينات لكنه خرج بعفو ملكي... خرج فرحا وراح يبحث عن المستقبل تشاطره في ذلك زوجته الصابرة وابنه الصغير... طرق ابوابا كثيرة بحثا عن عمل. قدم اوراقه إلى احدى الشركات الكبرى في البلاد... اجتاز الامتحان التحريري والمقابلة... هنا فرح اخونا «ابراهيم» واستبشر خيرا ان القدر يخبئ له يوما جميلا... رجع الى بيته فرحا واستقبلته زوجته فرحة بخبر الاجتياز... انها مرحلة زمنية لا يعرف اهميتها ولذة لحظاتها الا من كانت يده في نار البطالة.

اعطته الشركة رسالة إلى قسم البصمات في إدارة التحقيقات العامة، توجه إلى الإدارة في تاريخ 6/9/2003م... قالوا له: الرد سيكون خلال 10 أيام... وفي اليوم الموعود اخبروه ان النتيجة أرسلت إلى الشركة ذاتها... هرول مسرعا إلى الشركة لكنه تفاجأ برد الشركة: انها لم تتسلم اية رسالة... بعد ذلك رجع إلى إدارة التحقيقات وهكذا أصبح المسكين ولشهرين متتابعين يتنقل ما بين الادارة والشركة، لكنه بعد انقضاء الشهرين تسلم الرسالة من قبل إدارة التحقيقات وكان مفادها «انه مواطن صالح ليست عليه أية سوابق».

فرح ابراهيم بالرسالة متناسيا كل صور «البهدلة» وراح مهرولا والفرحة تملأ قلبه ليتم اجراءات التوظيف في الشركة... لكنه - ويا فرحة ما تمت - صدم بقول المسئول الذي كان بمثابة الصاعقة: «ان الوقت قد فات... لقد جئت متأخرا...» ابراهيم حزن حزنا كبيرا ورجع إلى اهله منكسرا والدنيا قد أظلمت في عينيه وهو يسأل نفسه: لماذا حدث ذلك؟ ومن المسئول؟ وأين هي تلك التصريحات الصحافية؟ ولكن على رغم ذلك كان ابراهيم يقول: إنه على علم ان الباب مازال مفتوحا في الشركة، والتوظيف مازال مستمرا، وكله امل بأن تراعى ظروفه، فهو قد ذهب ضحية إدارة يعلم الله ما فيها.

قصة ابراهيم مع مسرحية «البصمات» وشهادة «حسن السيرة والسلوك» قصة تتكرر يوميا، حدثت لكثيرين، منهم «غ. أ» و«أ. ع» و«ي. ب» وغيرهم... وفعلا بقي بعض هؤلاء على قارعة البطالة بسبب استفزاز البصمات ورعونة البيروقراطية، وعقلية التخلف.

كان الاولى بوزارة الداخلية ان تحتضن هؤلاء المواطنين بدلا من احتضان الاجانب، فآلاف الوظائف في مثل هذه الوزارة تقدم على طبق من ذهب إلى أناس لم يعرفوا البحرين في يوم من الايام! يأتون من المطار إلى حيث العمل والمسكن والامتيازات! لماذا لا تعالج هذه القضية ايضا بموضوعية؟ فالوزارة لا ترحم هؤلاء بالتوظيف، واذا تم قبولهم في وزارات اخرى ومؤسسات اخرى تعرقل اجراءاتهم إلى ان يخسروا الوظيفة!

ألا يتعارض ذلك مع ما يتم طرحه من «سيادة القانون» و«ان المواطن ثروة البلد»...؟! ألا تسبب هذه الاجراءات احتقانات كثيرة؟ وفي مصلحة من خلق مثل هذه الاحباطات خصوصا انها تؤدي إلى قطع أرزاق؟ فهل يلام هؤلاء المحبطون بعد ذلك؟

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 433 - الأربعاء 12 نوفمبر 2003م الموافق 17 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً