العدد 433 - الأربعاء 12 نوفمبر 2003م الموافق 17 رمضان 1424هـ

الصحف الأميركية... تسخر من التجربة العراقية الديمقراطية!

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

أجرت «واشنطن» بوست قراءة لخطاب الرئيس الأميركي أمام المعهد الوطني للديمقراطية... واعتبرت في مستهل افتتاحيتها ان خطاب بوش الذي جوبه بانتقادات من بعض الجهات، يستحق بعض الإشادة حول بعض النقاط الواردة فيه. وأوضحت ان الرئيس لم يتحدث عن إجراء تغيير سياسي في الدول العربية فحسب، بل انه كان محقا عندما استنتج ان تحقيق ذلك هو أمر حيوي للانتصار في الحرب على «الإرهاب». غير ان الصحيفة الأميركية انبرت بعد ذلك إلى توجيه الانتقادات للخطاب المثير للجدل.

فتساءلت كم سيستغرق تحويل النظريات والخطابات إلى أفعال؟ مذكرة بأن «خطة مارشال» في أفغانستان لم تنفّذ وان «خريطة الطريق» للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تستطع تجاوز أول عقبة وقفت في طريقها. ولفتت في هذا السياق إلى ان سياسة تعزيز الديمقراطية في «الشرق الأوسط»، لن تتطلب خطابات لامعة بل تغييرا في الممارسات الأميركية. وأضافت ان الإدارة الأميركية الحالية لم تكف عن الحديث عن استراتيجيا جديدة في المنطقة منذ أشهر كثيرة، ولم يحصل أي شيء ملموس سوى البدء بإنشاء نظام سياسي ديمقراطي في العراق.

وإذ اعتبرت انه من الصحيح القول ان الولايات المتحدة غير قادرة على فرض الديمقراطية من الخارج في الدول العربية، أكدت ان التشجيع والحماية من شأنهما أن «يغذيا» حملة لواء الديمقراطية في البلدان العربية. وختمت افتتاحيتها بالقول ان دعم المقاتلين من أجل الديمقراطية في المنطقة سيعني مواجهة الأصدقاء القدامى للولايات المتحدة، مثل الرئيس المصري حسني مبارك، أو ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، أو رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون.

وتناولت «نيويورك تايمز»، في افتتاحية تحت عنوان «سياسة ديمقراطية شاملة»، خطاب الرئيس الأميركي، أمام المعهد الوطني للديمقراطية. ولاحظت ان بوش، حاول أن يترفع عن الفوضى الدموية التي تجتاح العراق. ملاحظة انه تحدث بشكل جيد وكان على حق حين قال ان واشنطن، لم تفلح في دعم القيم الأميركية في الخارج. وأضافت ان تقديم السياسة على مبدأ الحرية هو ما أدّى إلى نشوء موجة العداء للولايات المتحدة في العالم.

وإذ لفتت إلى ان بوش، لم يكن أول رئيس يتعهد بوضع الديمقراطية على رأس لائحة أولويات السياسة الأميركية، أملت في أن يكون أفضل من أسلافه في تنفيذ تعهداته. غير ان الصحيفة الأميركية أسفت لكون التجربة الأضخم التي خاضها بوش، في مجال تعزيز الديمقراطية، هي التجربة العراقية ولكون الرئيس الأميركي لم يستطع التعامل مع المسألة العراقية بطرق واعدة.

وأضافت «نيويورك تايمز»، ان العراقيين برهنوا ان أكثر الشعوب التي كانت ضحية الإرهاب، لا ترحب بالغزو أو الاحتلال الأجنبي. وتابعت الصحيفة الأميركية ان تقديم الأعذار والتبريرات للديكتاتوريات باسم الأمن بدا وكأنه صيغ خصيصا للسعودية، التي عرفتها بأنها الوطن الأم لأسامة بن لادن، و15 من الذين نفذوا اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول. وشددت في هذا السياق على وجوب أن يصبح تعزيز الديمقراطية في تلك البلاد أمرا طارئا ضمن أولويات السياسة الأميركية.

وأوضحت انه يمكن لواشنطن، تحقيق ذلك بالبدء أولا بالتخفيف من اعتمادها على النفط المستورد، وطالبت الإدارة الأميركية بتشجيع حمَلة لواء الديمقراطية في مصر وسورية وإيران، من خلال تزويدهم بالموارد التعليمية والقانونية اللازمة للتنديد بجرائم الديكتاتوريات في بلادهم. من جهة أخرى، لفتت الصحيفة الأميركية إلى ان ثمة بلدا ديكتاتوريا آخرا تعتمد عليه السياسة الخارجية الأميركية ألا وهو باكستان، المسلحة نوويا والتي تؤوي إرهابيين كشميريين وتسمح لعناصر طالبان بالقيام بنشاطات قرب حدودها مع أفغانستان.

واعتبرت الصحيفة الأميركية في هذا السياق ان دعم الرئيس الباكستاني برويز مشرف، لواشنطن في أفغانستان، منذ عامين لا يجب أن يحصن ديكتاتورية الرئيس الباكستاني ضد الانتقادات. وإذ ذكّرت بأن الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغن، قام بدعم الحركات الديمقراطية المعارضة في أوروبا الوسطى والشرقية، وهو ما أدى إلى سقوط الاتحاد السوفياتي، لفتت إلى ان ثمة فارقا كبيرا بين الدفاع عن ديمقراطيات موجودة في الأساس وبين محاولة إيجاد ديمقراطيات جديدة من خلال الغزو والاحتلال.

وعلق ديفيد سانغر في «نيويورك تايمز»، على خطاب الرئيس بوش فاعتبره جزءا من الجهود التي يبذلها البيت الأبيض من أجل تغيير التصور الأميركي والعالمي للاحتلال الأميركي للعراق... ولاحظ ان بوش حاول انتقاء عباراته بدقة عندما تطرق إلى المسألة السعودية وتفادى أن يذكر النزاع القائم ضمن العائلة المالكة بشأن التخلي عن بعض الصلاحيات.. غير ان سانغر، لاحظ ان الخطاب جاء في وقت يقوم بوش، بالنضال من أجل إنشاء مؤسسات ديمقراطية في العراق في الوقت الذي تدفع الخسائر التي تتكبدها قوات التحالف يوميا في العراق، جهات كثير في منطقة الشرق الأوسط إلى التساؤل حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على تغيير البلد الذي قامت باجتياحه.

وتابع سانغر، ملاحظاته حول الخطاب، فرأى ان الرئيس وضع التجربة الأميركية في إعادة بناء العراق، إلى جانب الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة، من أجل نشر الديمقراطية في آسيا وأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

وأوضح ان الرئيس قارن بشكل مباشر بين ما أسماه استراتيجيا الإدارة الأميركية الجديدة لتحرير الشرق الأوسط وبين إعلان الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان في إنكلترا، العام 1982 بأن الاشتراكية السوفييتية قد فشلت. كما لاحظ سانغر، ان الرئيس أثار لأول مرة مسألة غياب الحرية في السعودية وهي أهم مصدّر للنفط إلى الولايات المتحدة. وأضاف سانغر، ان بوش، حاول انتقاء عباراته بدقة عندما تطرق إلى المسألة السعودية، وتفادى أن يذكر النزاع القائم ضمن العائلة المالكة حول التخلي عن بعض الصلاحيات.

وتابع سانغر، ان الرئيس بوش، ضغط على مصر التي تتلقى سنويا مساعدات بقيمة ملياري دولار عندما أعلن ان القاهرة التي أظهرت الطريق نحو السلام في الشرق الأوسط، مطالبة الآن بإظهار الطريق نحو الديمقراطية في الشرق الأوسط. وأورد سانغر، في هذا السياق ان المتحدث باسم الرئيس الأميركي صرح بعد الخطاب بأن الرئيس لم يكن يهدد بعواقب قد تترتب على حلفائه العرب في حال لم تأخذ تحذيراته بعين الاعتبار.

واعتبر الكاتب الأميركي انه كان من المتوقع أن يصب كل غضبه على إيران وسوريا اللتين تتهمهما الإدارة الأميركية بمحاولة تقويض الاحتلال الأميركي للعراق. ولاحظ سانغر، إلى جانب ذلك، ان الرئيس بوش، قد جمع بين الزعماء السوريين والرئيس المخلوع صدام حسين، من دون أي تمييز بينهم قائلا انهم تعهدوا بإعادة الأمجاد القديمة ولم يتركوا وراءهم سوى تراثا من القمع والتعذيب والذل والخراب. وأشار سانغر، إلى ان الملفت في خطاب الرئيس بوش، هو اللهجة التي حلل بها المسألة العراقية.

وأوضح انه في شباط الماضي صرح بوش، ان خروج العراق من بين براثن صدام حسين، سيجعل منه نواة الديمقراطية في الشرق الأوسط. غير انه في خطابه الجديد شرح كيف سيبدو العراق غير الديمقراطي في فترة ما بعد صدام مشددا في الوقت نفسه على ان النجاح في العراق أمر لا مفر منه. وختم سانغر، ملاحظاته حول خطاب الرئيس الأميركي بالقول ان بوش، لم يذكر شيئا عن أسلحة الدمار الشامل وهي التي تذرعت بها الولايات المتحدة لشن الحرب على العراق، والتي لم يظهر أثر لها حتى اليوم. وأشار غلوبل إنتلجنس (مركز الدراسات الإستراتيجية والجيوسياسية) من على موقعه على الإنترنت، على نحو يخالف خطاب بوش، إلى ان الحكومات العربية القلقة من ائتلاف أميركي ـ إيراني محتمل، تبحث في تبني سياسة مشتركة لـ «لجم» طهران وواشنطن. ولفت إلى ان مصر والسعودية ستبحثان في الفترة المقبلة عن طريقة لوضع حد لأي تقارب أميركي ـ إيراني وعن كيفية إقامة علاقات وثيقة بمختلف الفصائل العراقية بما فيها الغالبية الشيعية.

وأوضح المركز ان الأجندة الأميركية في العراق، والشرق الأوسط تشكل تهديدا لاستمرارية الأنظمة العربية الحالية. وإذ أشار إلى ان القاهرة والرياض ودمشق، تعاونت مع واشنطن، على صعيد جمع المعلومات الإستخباراتية حول تنظيم «القاعدة»، أكد ان هذا التعاون قد يهدد الاستقرار الداخلي في الدول العربية.

وأوضح ان السعودية مثلا كان عليها بناء على التزامها مع واشنطن، على صعيد مكافحة «الإرهاب»، اتخاذ إجراءات بحق الجهات المشتبه في انها تموّل التنظيم من داخل المملكة وهو أمر من شأنه التأثير على الوضع السياسي الداخلي. ولفت المركز في السياق نفسه، إلى ان التعاون مع واشنطن في مواجهة تنظيم «القاعدة» لن يجعل الدول العربية لا سيما مصر والسعودية وسورية، في منأى عن الضغوط التي ستمارسها واشنطن، في حال قامت بتغيير السياسة الخارجية في الشرق الأوسط وبإقامة علاقات مع طهران.

وتابع بأن الرئيس المصري حسني مبارك، وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، يحاولان التوصل إلى خطة معينة لاحتواء الولايات المتحدة على حد تعبيره ولجم طهران. غير انه أكد ان الحكومات العربية تملك حظوظا ضئيلة ووسائل محدودة للتوصل إلى تلك الخطة. وأوضح ان دمشق والرياض قد تقرران دعم المجموعات المسلحة العراقية أو المقاتلين الأجانب القادرين على زعزعة الاستقرار في العراق، وتقويض حملة الولايات المتحدة، العسكرية والسياسية في بغداد. إلاّ ان المركز حذّر من غض طرف الحكومات العربية عن المتسللين إلى العراق، لأنها قد تواجه في هذا الحالة خطر استهدافها من قبل الولايات المتحدة، بعد العراق.

وأشار في هذا السياق إلى ان دعم الحكومات العربية لما أسماها حرب العصابات في العراق، (في حال حصل) قد يشجع التعاون الأميركي ـ الإيراني أكثر فأكثر. وتوقع المركز أن تقوم الحكومات العربية في القاهرة ودمشق والرياض باستغلال التنافس الطبيعي الموجود بين رجال الدين الشيعة في العراق وحكم رجال الدين في طهران، هذا التنافس الناتج عن الاستياء الذي يشعر به رجال الدين الشيعة نتيجة التأثير الإيراني على الشيعة العراقيين ومكانة «قم» أو ما وصفها بمركز إيران الديني في كربلاء والنجف. وختم المركز مقالته بالقول ان الحكومات العربية بدأت تدرك ان الحصول على صوت لها في العراق، يعني الحصول على صوت في المنطقة ككل.

أشار روبن وايت في «واشنطن بوست» في مستهل مقالة افتتاحية حول خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش، في الذكرى العشرين لإنشاء «المؤسسة الوطنية للديمقراطية»، إلى ان خطاب بوش، أعاد تعريف الأجندة الأميركية في المنطقة وعرض حلم الرئيس الأميركي بديمقراطية تتفق مع الإسلام وبتغيير منطقة مهمة على المستويين الجغرافي والاستراتيجي هي منطقة الشرق الأوسط. غير ان رايت، اعتبر ان بوش، فشل في الاعتراف بالحقائق القاسية التي من شأنها الحد من التقدم السياسي في المستقبل على مستوى التزامات الولايات المتحدة في محاربة «الإرهاب» ومواجهة التسلح الإسلامي.

ولاحظ رايت، في هذا السياق ان واشنطن، لا تزال، وهو أمر ظهر في خطاب بوش، تعتمد على حلفاء حكومات أوتوقراطية من أجل تحقيق أولوياتها. ولفت رايت، إلى ان الرئيس بوش، حاول خلال خطابه أن يجمع تحت لواء تعزيز الديمقراطية، كامل الأهداف الأميركية في العالم الإسلامي ومسائل إنشاء الحكومات الجديدة في العراق وأفغانستان إلى جانب السلام بين العرب وإسرائيل. إضافة إلى الانفتاح الاقتصادي والسياسي في عدد من الدول من شمال أفريقيا حتى جنوب آسيا.

وأضاف ان بوش، تعهد بإجراء تغيير شامل مشابه للقضاء على الشيوعية في أوروبا الشرقية. ورأى رايت، ان خطاب الرئيس الأميركي كان يهدف إلى وضع العراق المضطرب في سياق مقبول أمام الجمهور الأميركي المرتبك جراء ارتفاع وتيرة «الاعتداءات» على القوات الأميركية. غير ان رايت، لفت إلى ان الرئيس أراد أن يبعث بإشارة مهمة جدا من خلال خطابه، إلى الجمهور الأجنبي من خلال انتقاد عقود من التراخي الغربي في الشرق الأوسط.

ولاحظ رايت، ان الرئيس قام في خطوة فريدة من نوعها وهي حث حلفاء أساسيين للولايات المتحدة لا سيما مصر، بوجوب إجراء تغيير شامل. إلى جانب ذلك، اعتبر رايت، ان ما أعلنه بوش، من ان الإسلام يتفق مع مبدأ الديمقراطية سيجد صدى كبيرا في الدول الإسلامية ولوقت طويل. وختم رايت، تقييمه لخطاب بوش، بالقول ان الرئيس أشاد بالخطوات التي يتخذها بعض حلفاء الولايات المتحدة مثل السعودية بالرغم من ان التقرير السنوي الأميركي لحقوق الإنسان قد انتقدها على انتهاكاتها في هذا المجال، بينما وجه انتقادات لاذعة لدول مثل إيران، التي لا تتمتع بعلاقات جيدة مع واشنطن.

وعلّقت ديلي تلغراف (البريطانية)على خطاب الرئيس الأميركي. وتحدثت عما أسمته «التغير التاريخي» الذي كشف عنه الرئيس بوش في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط. والذي تبرأ فيه علنا من ستة عقود من تدليل الطغاة باسم حفظ الاستقرار. واستشهدت الصحيفة البريطانية، بقول بوش «60 عاما مرت على الدول الغربية وهي توفر الأعذار وتقبل بافتقار الشرق الأوسط إلى الحرية من دون أن يوفر لنا ذلك الأمان».

وقالت الصحيفة البريطانية، ان خطاب بوش بشأن الديمقراطية في الشرق الأوسط، تناول سياسة شاملة تنوي الولايات المتحدة اتباعها. وتوقعت أن يبعث هذا الخطاب بموجات من الصدمة في عواصم حلفاء واشنطن من أصحاب القبضة الحديدية مثل السعودية ومصر. ولاحظت ان ما ردده بوش، في خطابه كان رفضا قاطعا لنظرة والده جورج بوش الأب إلى الحرب الباردة حيث ان الرئيس الحالي يبدو مصمما على إنشاء الديمقراطيات حتى في الدول الإسلامية ولن يغض الطرف عن المستبدين كما كان يفعل والده

العدد 433 - الأربعاء 12 نوفمبر 2003م الموافق 17 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً