العدد 433 - الأربعاء 12 نوفمبر 2003م الموافق 17 رمضان 1424هـ

المحرق - عبدالله العباسي

ماذا وراء تقدم المسرح الإماراتي؟... الشارقة نموذجا

على رغم أن المسرح بدأ في دولة الإمارات بشكله الفعلي في وقت متأخر بالنسبة الى البحرين بأكثر من نصف قرن فإن حماس الإماراتيين وتهيئة الظروف لهم ورفع كل العراقيل من أمامهم ورغبة القياديين فيها وخصوصا حماس عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لدعم جهود الشباب إضافة إلى التطور الزمني وبروز نماذج عربية وخليجية متطورة يمكن الاستفادة منها مع الاستفادة من الخبرات العربية والخليجية ووجود عدد من المهتمين بالثقافة المسرحية العاملين بها هيأ لقيام مسرح متقدم ونشط في دولة الإمارات وخصوصا في العاصمة الثقافية لها (الشارقة).

وكان لي شرف معاصرة حاكم الشارقة عندما كنت أعمل في صحافة الإمارات من مقر الإعلام بتلك الإمارة ما جعلني شاهدا عن قرب على حماس هذا القيادي الخليجي الفذ في الاهتمام بكل أشكال الثقافة والتراث وبوجه خاص المسرح لأنه أحد العناصر القيادية الليبرالية المتصالحة مع الدين الإسلامي والذي يذكرك بمهاتير محمد الذي لم يمنعه ارتباطه الإسلامي من خلق دولة نموذجية متطورة حتى في مجال التكنولوجيا، والقاسمي واحد من هذه العناصر التي برزت في منطقة الخليج خلال مرحلة التطورات السياسية وظهور المد القومي والفكر الاشتراكي في الوطن العربي، وبروز فئة من أبناء الخليج وفية لدينها من دون أن ترى في ذلك أي تناقض مع الفلسفة الليبرالية على غرار تركي الحمد وعبدالله الحامد وعبدالله العواجي وغيرهم، ولهذا فإن هذه الخلفية السياسية والفكرية كانت وراء حماسه في خلق عاصمة ثقافية ولكي يدرك المرء مدى اندفاع هذا القيادي الخليجي في دعم هواة المسرح وفنانيه كتب شخصيا بعض النصوص المسرحية وكان يحضر «البروفات» بنفسه كلما سنحت له الفرصة ذلك ما جعل البعض من أقرانه يغار من دوره المميز ويدعم تلك العناصر التي حاولت إبعاده عن الحكم من قبل بعض أقاربه بسبب إحساسهم أنهم أمام عنصر ليس من دمهم ولكن الله سلم وها هي الشارقة اليوم تضم مجموعة من الجامعات العالمية والمتاحف والمراكز الثقافية والعلمية، ما يكشف لك عن المعدن الأصيل لهذا الإنسان الذي نسي مصالحه الشخصية من أجل أن يخلق عاصمة ثقافية متألقة ويستثمر الثقافة مثلما يستثمر غيره المنتجات النفطية أو غيرها فنجح أيما نجاح بتوفيق من عنده، وفي اعتقادي لو أن أي مؤرخ منصف تابع تاريخ هذا القائد وجهوده ونجاحاته في بناء إمارة متطورة من خلال إمكانات اقتصادية متواضعة مقارنة بغيرها لأدرك أن هذا الرجل سيذكره التاريخ، وليس هناك أي تفسير آخر لنجاحاته إلا أن يرجع الإنسان إلى ما ذكرته الآية القرآنية الكريمة «إن الله يدافع عن الذين آمنوا» (الحج: 38).

لنترك الفنان والمخرج الإماراتي المعروف عبدالله المناعي يتحدث بنفسه عن البدايات الأولى للمسرح الإماراتي من خلال تصريح لإحدى الصحف العربية إذ قال من خلال حوار أجراه معه الزميل ظافر جلود:

«كانت أول مسرحية بدأنا التمارين عليها بعد استقرارنا بالمقر الجديد العام 1973 بعنوان جيفارا مع المخرج صلاح أبوهنّود الذي كان يعمل في تلفزيون أبوظبي ثم توقفت التمارين لأسباب مالية، وزارنا لأول مرة الفنان الكويتي الصديق عبدالرحمن الصالح وعندما وجد تجمعنا وحماسنا استهوته الفكرة واستمر معنا في العمل، وكنا خلال هذه الفترة قد استأجرنا منزلا في منطقة القادسية وأصبح مقرا للفرقة بمبادرة من الفنان البحريني عبدالله العباسي وبدعم الديوان المسرحي المنظم، بعد تنظيم عملنا واصلت المجموعة نشاطها في اتجاهين الأول العمل على إشهار الفرقة رسميا والآخر البدء بالتمارين على مسرحية «هارون الرشيد في القرن العشرين» التي كتبها عبدالله العباسي وأخرجها الفنان عارف اسماعيل وقد تم عرضها على مسرح جمعية الشارقة العام 1976 بعد أن كنا نجري تماريننا في الكنيسة المقابلة لإذاعة الشارقة في منطقة القادسية إذ كانت مقرا لنادي الشباب آنذاك. إن مسرحية هارون الرشيد كانت الخطوة الحقيقية الأولى للمسرح في الشارقة.

بعد فترة انضم إلينا قادما من البحرين الفنان عبدالله السعداوي وكان إضافة نوعية وذلك لحماسه واندفاعه وحبه للعمل معنا فتقدم بنص مسرحية توفيق الحكيم «شمس النهار» بعد إعداده باللهجة العامية وبدأت الفرقة تدريباتها لكن الفنان عبدالرحمن الصالح اقترح تقديم المسرحية باللغة العربية الفصحى وضرورة التعاون على استقدام مخرج ذي تجربة عربية رائدة».

ويواصل الفنان شرحه للنقلة النوعية التي حدثت في المسرحية ردا على سؤال الزميل عن بدايات مرحلة الانقلاب الجذري في مسرح الإمارات إذ قال:

«يمكن أن نعتبر ذلك راجعا لسببين أولهما انتقالنا إلى قاعة افريقيا وهي ا لتي شهدت روائع الإنتاج المسرحي وخصوصا أنها مجهزة بتقنيات المسرح فكانت نقلة مؤثرة في نمو وتطور أعمالنا، وثانيهما وهو الأهم حضور الفنان الكويتي الراحل صقر الرشود إلى الشارقة والذي كان في هذه الفترة في قمة نجاحه وشهرته ليس في الكويت فحسب بل وفي الوطن العربي أيضا بعد أن تم الاتصال به هاتفيا من القاعة نفسها فلبى الدعوة بعد أيام قليلة جدا وبرفقته الفنان عبدالعزيز المنصور إذ بدأنا التمرين على المسرحية مباشرة من صالة المطار إلى قاعة التمارين.

كان متحمسا رحمه الله وهنا أستطيع أن أقول إن صقر لم يبدأ في تدريبات مسرحية بل بداية لمرحلة جديدة لا في مسرح الشارقة فقط بل في الإمارات عموما. أكملنا التمارين وعرضت المسرحية بحضور جماهيري لم يألفه المسرح عندنا يتقدمهم صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، ثم انتقلنا للعرض أيضا في أبوظبي وتم نقلها تلفزيونيا لأول مرة».

سؤال أود لو طرحته على الجمهور البحريني هل تعرفون كم عدد الممثلين والممثلات في هذا البلد الذي بدأ نشاطه المسرحي في بدايات السبعينات؟ وكم عملا قدمته فرقة مسرح الشارقة الوطني وحدها؟

إن عدد فناني المسرح يبلغ 180 فنانا مسرحيا بينهم 50 ممثلة وإجمالي الأعمال التي قدمتها الفرقة خلال هذه الفترة القصيرة 60 عملا مسرحيا فما رأي الإخوة المسئولين في وزارة الإعلام عندنا لهذا التقدم الذي سجله المسرح الإماراتي وغيره من المسارح الخليجية؟

أليس الأفضل بدل أن يطالب بعض أعضاء مجلس النواب بالسماح للمنقبات بقيادة السيارة أن يطالبوا بالسماح للقيادة الإعلامية بلبس البرقع ليواروا وجوههم من هذا التخلف الذي سجله أعرق بلد مارس الفن المسرحي منذ أكثر من 75 عاما؟ وفي اعتقادي ان صحافتنا أيضا ستسجل بحول الله وقوته التخلف نفسه بل أكثر في ظل وجود قانون المطبوعات الجديد





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً