ثبت مجلس النواب أمس حق طائفة من المسلمين في هذا البلد في ممارسة شعائرهم الدينية، حين قدم النائب جاسم السعيدي اعتذارا علنيا على مقترحه بحصر الشعائر في المآتم والمساجد. لذلك فإن ما جرى يحسب للنواب لا عليهم.
في الأساس، فإن مقترح السعيدي مخالف للدستور، إذ تنص المادة 22 على أن «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد».
وتؤكد كلمة «الاجتماعات والدينية والمواكب» في النص على مشروعية المسيرات الحسينية التي تنظم بمناسبة عاشوراء، والمناسبات المشابهة، بما فيها حفلات الفرح التي تقام بمواليد الأئمة. وكان المقترح قد مات قبل أن يولد أصلا، لشعور النواب بأنه ضار بالوحدة الوطنية. إذ أنّب النواب الخيرون (من مختلف الأطياف) النائب السعيدي، وقام الأخير بسحب مقترحه، الذي لم يناقش رسميا في مكتب المجلس، وبالتالي لم يعرض على النواب في جلسة علنية، وعرفته الناس بسبب تسرب ورقة المقترح الرسمية التي قدمها السعيدي إلى رئيس المجلس خليفة الظهراني، في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
إن سحب المقترح والاعتذار عنه، أفضل من التصريح بأن المقصود منه «منع الممارسات الغوغائية في احتفالات عيد الميلاد، ورأس السنة، وعيد الحب، وعيد الأشباح...». فالاعتراف بالخطأ، لا ينقص من مكانة الفرد بالضرورة.
إلى ذلك، فإنه يمكن تسجيل الملاحظة التالية على هامش ما جرى أمس. من ناحية المبدأ، فإن الإجراءات المتبعة هو أن يتحدث البرلماني إذا سمح له رئيس الجلسة بذلك، ويعد شذوذا الحديث دون مراعاة الضوابط.
لكن في أحيان أخرى قليلة واستثنائية، إذا شعر البرلماني، بأن موضوعا ملحا يجب التصدي له، فإن واحدة من الألاعيب البرلمانية التي قد تكون مشروعة استخدام أسلوب المواجهة. وهو ما فعله بعض النواب أمس، ونجحوا في الحصول على اعتذار، وإيصال رسالة إلى من يهمهم الأمر. عباس ابوصفوان
العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ