يقال إن أحد العلماء في مصر علق مازحا أن السادات يمشي على خطى عبدالناصر بالضبط «بس بالآستيكه»، وكان يقصد بأنه يهدم كل ما بناه عبدالناصر، هذه النكتة ذكرتني بما تفعله وزارة الإعلام هذه الأيام وخصوصا بعد تهديدها بسحب رخصة مجلة جمعية العمل «الديمقراطي» بل والتهديد العام لكل الجمعيات التي تصدر مجلات أو نشرات مماثلة.
الذي يعلمه كل مواطن بحريني وخليجي وعربي عدا عن الأجانب الذين امتدحوا التوجه الإصلاحي لجلالة الملك ومن بينها التوجه الديمقراطي والشفافية التي دخلت البلاد إليها في العهد الجديد، فالدولة التي تصر على المضي بالمجتمع نحو آفاق التغيير وإفساح المجال أمام كل الأفكار من خلال إخراج كل المعتقلين من سجونهم ومعتقلاتهم وإعادة المنفيين وإقامة عصر المجتمع المدني بكل أبعاده لا يمكن لقائدها أن يرضى بمضايقة الحريات من خلال وزارة الإعلام التي يجب أن تكون راعية الحريات وإلا لأصبحت مثل الولايات المتحدة التي تعرض نفسها كراعية للسلام بينما تقف مع «إسرائيل» لتقع في هذا التناقض المريع الذي يحدث اليوم.
إن دولة تسمح بقيام جمعيتين لحقوق الإنسان لابد أنها حزمت أمرها وحسمته بأن الطريق إلى بناء دولة عصرية هي الحرية والشفافية والديمقراطية التي تحمي الإنسان من التعسف وتبعده عن أيدي ومعتقلات أجهزة الأمن، وعلى ما أذكر أن سمو رئيس الوزراء أعلن إمكان تصحيح قانون المطبوعات الذي رفضه كل من له صلة بالقلم والكتابة والصحافة.
أليس هناك تناقض واضح وفاضح بين خطوات الملك الديمقراطية المباركة وبين قوانين ظهرت في الفترة نفسها مقيّدة لحرية الصحافة والمضايقة على الصحافيين؟
أليس هناك تناقض بين ما أعلنه سمو رئيس الوزراء قبل بضعة أشهر عن استعداده لتصحيح هذا القانون وإعلان وزير الإعلام في مؤتمر صحافي بفرض القانون من دون مرونة؟ بل ضرب مثلا تطبيقيا عندما قدم إلى المحاكمة عناصر معتدلة هي محل اتهام البعض بأنها تجامل الحكومة؟ هل صحيح ما قاله أحد الوجهاء من السياسيين المخضرمين من أن البلاد صارت تسجل انتكاسة في مسارها الديمقراطي ولا غرابة أن يعاد فرض قانون أمن الدولة؟ فهل هذا صحيح؟
العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ