العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ

سلام السودان اقتصادي

محمد الاسباط comments [at] alwasatnews.com

انتظر السودانيون عشرين عاما من الآلام والآمال حتى اقترب الفرقاء من لحظة السلام الحاسمة التي تشير كل الدلائل بقربها، وهي لحظة أقل ما يمكن أن توصف به بأنها تاريخية، ذلك لأن الانتظارات التي زينها السودانيون بالصبر الجميل إلى حين تحققها، والآمال المعقودة عليها، بعمر العذابات السودانية المقيمة التي دفع أجلها نحو ثلاثين مليون نسمة ثمنا باهظا من الدماء والعذابات واللجوء والنزوح والإعاقة.

تلك الحرب اللعينة التي تعد أطول حروب إفريقيا المعاصرة، والتي دخلت عامها الواحد والعشرين وهي تمضي ببطء متثاقل أكلت أكثر من أربعة ملايين ضحية، وأكثر من ستة ملايين نازح أو لاجئ، ونحو ثلاثة ملايين معوق، وخلفت جروحا وأسى وعذابات في كل بيت سوداني.

والآن زغردت تباشير السلام في أرجاء المليون ميل مربع، ومن المفارقات، أن دوافع تحقيق السلام والأمن في أكبر البلدان الإفريقية كانت اقتصادية بحتة، سواء كان وراءها أولئك الوسطاء الظاهرون مثل دول المنظمة الحكومية للتنمية «إيغاد» أو من هم خلفهم يدفعونهم بعنف، ممن تعارفت عليهم أجهزة الإعلام بشركاء «إيغاد» مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا والدول الاسكندنافية، أو بقية الدول الإفريقية، ولكل دولة من تلك الدول مصالحها الاقتصادية أو «الاقتصاد/ سياسية» أو رجاءاتها في أحسن الأحوال.

لقد بات الاقتصاد بكل عناصره قوة ضغط فاعلة في عالم اقتصاد السوق مدفوعا بالتوجهات العالمية نحو الحريات العامة والديمقراطية وحقوق الانسان، وإن كان السودانيون ينتظرون تجليات الحكمة والسياسة لحل مشكلاتهم التي تفجرت حربا أهلية لاهبة، جاءتهم الأيام بالثروات والأعمال والتجارة لتكون بلسما لجراحات الأعوام العشرين ونيف التي أقعدتهم عن النماء والرخاء والحريات.

إننا نعيش حتما زمان الاقتصاد لا الأيديولوجيات واليوتوبيا.

محمد الأسباط

العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً