العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ

ماذا وراء تفجيرات الرياض؟

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

من بين الشروط التي وضعها الرئيس الأميركي للحرب، أن يمنى المتطرفون بهزيمة من خلال احتلال العراق. في نهاية الأسبوع الماضي واجه جورج بوش خيبة أمل جديد حين زعم أن منظمة (القاعدة) تعرضت للهزيمة في أفغانستان وفي العراق. لكن الحقيقة المرة أن أسامة بن لادن ما زال حسب تأكيدات أجهزة أمن غربية موجودا على أرض أفغانستان ولم يتخل بعد عن نشاطاته ودوره.

إن توقيت تفجيرات الرياض كما يراها محرر شئون «الشرق الأوسط» في صحيفة «زود دويتشه» هايكو فلوتاو قد يكون مجرد مصادفة إذ وقعت الجريمة الدامية بعد يومين فقط على خطاب بوش الذي وعد فيه العالم العربي بالديمقراطية. في السعودية وسواها في دول العالم العربي يشعر العرب بشك وريبة تجاه كل ما يقوله بوش الذي خسر صدقيته عند العرب بسبب حرب العراق وتحيز إدارته لـ «إسرائيل». يجد فلوتاو أن بن لادن يعمل في دفع العالم العربي إلى الهاوية لكن بوش ليس بريئا. إن واشنطن لم تدرك حتى اليوم أبعاد سياستها المنحازة لـ «إسرائيل» وأن قرارها بخفض عدد جنودها في العراق لن يحل المشكلات القائمة. ويعتقد فلوتاو جازما أن الصراع بين الولايات المتحدة و(القاعدة) قد بدأ.

في تعليق له من القاهرة كتب الصحافي ولفغانغ كوهلر في صحيفة «فرانكفورتر ألجماينة» يقول: أوضحت تفجيرات الرياض الأخيرة أن القيادة السياسية السعودية تحت ضغط. إن بين خصوم النظام السعودي مجموعة من القتلة وتقوم قوى سعودية معتدلة إلى تحقيق إصلاحات وتعتمد هذه القوى في مسعاها على تحقيق المشاركة الشعبية في العمل السياسي. يعتمد الليبراليون في السعودية على طرق سلمية في الدعوة لتحقيق مطالبهم وتعقد حلقات نقاش تنتهي بصدور بيانات توزع على الصحف المحلية. وجرت حديثا مظاهرة في شوارع الرياض وهي الخطوة التي أثارت حفيظة السلطات التي قامت بإيقاف 270 شخصا بينهم نساء ومن المقرر أن يحال 80 منهم إلى المحاكمة.

غير أن السلطات تمارس سياسة متشددة بصورة أكبر تجاه المسلحين الإسلاميين. وقد شعرت بنذير الخطر بعد التفجيرات التي وقعت في الرياض الماضي.

بعد وقوع تفجيرات مايو/ أيار تم اعتقال الكثيرين من المشتبه فيهم وأجهزت سلطات الأمن على بعضهم خلال محاولات لاعتقالهم كما سلم البعض أنفسهم. كما أن مكة المكرمة لا تخلو من أعمال العنف. وفي الأسبوع الماضي فجر بعض الأشخاص أنفسهم للحيلولة دون وقوعهم بقبضة سلطات الأمن.

إن إجراءات الأمن التي فرضتها سلطات الأمن بعد تفجيرات مايو لم تساعد في تجنب وقوع تفجيرات جديدة وليس من المرجح أن تكون تفجيرات يوم السبت الأخيرة من نوعها. لقد اصبح الإسلاميون أقوياء وبوسعهم الاعتماد على متعاونين معهم في مختلف الأراضي السعودية وليس بالوسع القضاء على أعمال العنف بواسطة الطرق البوليسية فقط. والنظام مضطر للقيام بسياسة حفظ التوازن: أنه من جهة لا يريد تعكير صفو العلاقات مع الولايات المتحدة التي طرأ عليها توتر بعد هجوم 11 سبتمبر/ أيلول العام 2001 ومن جهة أخرى يتعين عليه الأخذ في الاعتبار رغبات المواطنين في الداخل.

وكتبت صحيفة «فرانكفورتر ألجماينة» في افتتاحيتها الرئيسية تقول: صدرت تحذيرات في الأيام القليلة الماضية من مغبة وقوع أعمال عنف جديدة ضد مؤسسات دبلوماسية أميركية في السعودية. منذ مطلع الشهر الجاري ظهرت دلائل جديدة عززت هذه الظنون وأشارت إلى دور منظمة (القاعدة) في تنفيذها. قبل وبعد مايو الماضي وقعت أعمال عنف داخل الأراضي السعودية ولم تفلح الدولة في منع وقوعها وهذا دافع للتأمل. لكن من دون شك هو أن احتلال الولايات المتحدة للعراق ساهم في زيادة عدد المتطرفين في العالم العربي. كما تشير ردود الفعل العربية على خطاب الرئيس الأميركي الذي دعا فيه إلى تحقيق الديمقراطية في العالم العربي، أن العرب لا يأخذون بوش على محمل الجد طالما أن واشنطن لا تعمل بنزاهة في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. سيكون أمر بالغ الخطورة لو تحولت السعودية إلى جانب العراق وفلسطين إلى منطقة توتر جديدة. إن الإطاحة بصدام حسين لم يسهم في حل واحدة من مشكلات الشرق الأوسط كما كانت تأمل واشنطن وإنما اسست نزاعات جديدة.

ويجد المعلق السياسي في «وكالة الأنباء الألمانية» أن تفجيرات الرياض الأخيرة تزيد الضغط على الدولة لكن كونها لم تستهدف مؤسسات أميركية وإنما حياة مدنيين بينهم نساء وأطفال من اللبنانيين والسوريين العاملين في المملكة، ستؤثر سلبا على شعبية (القاعدة) في العالم العربي مثلما تعرض (القاعدة) سمعتها للخطر من خلال التقارير التي تحدثت عن عزمها القيام بأعمال تفجير خلال موسم الحج. وأوضح المحلل السياسي أن الحكومة تشعر بالضغط خصوصا إنها تفجيرات جديدة تلت تفجيرات مايو الماضي التي أوردت بحياة 35 شخصا. وتوضح العمليات الأخيرة أن الدولة عاجزة عن مواجهة الإرهابيين وذلك على رغم عمليات الاعتقال الواسعة. وجاء في التقرير أن الجريمة الأخيرة من شأنها أن تدفع الأجانب إلى مغادرة أراضي المملكة أو نقل فروع شركات غربية كبيرة إلى دول مجاورة الأمر الذي سيعرض الاقتصاد إلى الخطر وهذا أحد أهداف خصوم السعودية

العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً