العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ

الصحافة سُلطة أم سَلطة ؟!

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تلك حقيقة واقعية ان العمل الصحافي ليس رفاهية بل تضحية. فالكتابة هي لعبة مع الموت، ومجازفة لا يعرف كنهها إلا من دخلها. ولكن تبقى سلطة القلم سلطة رابعة لا يمكن ان تكون زوجة رابعة لأي حاجٍ حتى لو كان الحاج متولي.

ومن ينتقد المسئول ليس بالضرورة يكرهه... كما انه ليس كل من يلمّع ويربت على كتف الوزارة يعني انه يحبها. ورسول الله (ص) قال يوما: «رحم الله من أهدى إليّ عيوبي». لذلك وقفنا ضد قانون تنظيم الصحافة، فقطع لسان الكاتب ليس حلا، والديمقراطية هي التي تحمي المال العام والمؤسسات وهي الحضن الدافئ لكل متضرر وعلى حد قول زعيم الصحافة العربية مصطفى أمين «الديمقراطية هي التي تمنع الانقلابات العسكرية، وان الذي يجب ان يحمي الدستور هو الشعب وليس الجيش».

اليوم في ظل العولمة ما عاد شيء مستورا... الناس تتكلم والقنوات تفصح والانترنت عصي على الرقابة... ولقد انتهى زمن قطع أصابع الكتّاب.

بالأمس كان المواطن العربي لا يستطيع فتح فمه الا عند طبيب الاسنان خشية ان تخرج - على حد تعبير نزار قباني - المباحث من غياهب الفنجان. واليوم نحن نعيش عالما متغيرا... والمنطقة مقبلة على خضات عنيفة وتحولات جوهرية، فأميركا تتحرك وفق اجندة خاصة وهذا البخار المخنوق في أفئدة المتضررين من الفساد والتغييب السياسي والغبن الاجتماعي لا يمكن استيعابه إلا بفتح مزيد من نوافذ الحرية، واعطاء هذه الطبقات المهمشة ولو قليلا من الخبز.

هذه الوزارات هي ملك المواطنين وليست مزارع شخصية إلى الوزير الفلاني أو العلاني، فأية تجاوزات مالية أو ادارية هي تجاوزات على أموال الناس، وهم المواطنون. فمن حق أي مواطن صغير ان يسأل أي وزير عن كل صغيرة وكبيرة وهذه ألف باء الديمقراطية. ولنا في التاريخ دروس، فمصطفى أمين كان يقول أيام السادات «لو كانت الصحافة حرة لما هوت إلى الحضيض»، ولما قال الرئيس السادات في كل مناسبة «مصطفى أمين يريد ان يعود بالصحافة الى الايام التي كان يضرب الصحافي بقدمه باب الوزير ويدخل عليه». المصدر: كتاب (ما بين الرؤساء والكتّاب ما صنع الحداد)، لمحمد فوزي.

الصحافة يجب ان ترفع رأسها عاليا حتى وان وجد هناك من الكتاب أو الكاتبات من يريد ان يضع رأسها في التراب.

ففي أيام بوكاسا كان يمنع الصحافة، فماذا سيفعل لو رأى اليوم انهيار الرقيب امام سلطة العولمة وجبروت التكنولوجيا. كان بوكاسا في وقت من الاوقات يقطع الكهرباء عن الناس ليناموا مبكرين. فالمواطن العربي يحب ان يعلم بما يجري من حوله، ان يعلم كيف تدار المناقصات؟ وكيف يتم توزيع «الكميشنات»؟ وكيف تتوقف المدفوعات؟ وكيف يثرى من يثرى ويموت جوعا من راح يبحث عن كادر وظيفي هنا أو عن عمل متواضع هناك.

يذكرني عالمنا العربي بعبارة كان يرددها احد النواب لاحد الوزراء في مسرحية كويتية، فكلما حاول الهروب من الواقع قال له: «سنّع وزارتك»، ملفات كبيرة وطويلة قد يضيق بها الحرف ولكن لا يمكن ان يضيق بها التوثيق وحكم التاريخ، فشهادة المستقبل كفيلة بالبوح بالحقيقة، ولو عند طبيب الاسنان، من دون ان يخشى قهوة الفنجان

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 432 - الثلثاء 11 نوفمبر 2003م الموافق 16 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً