العدد 431 - الإثنين 10 نوفمبر 2003م الموافق 15 رمضان 1424هـ

ملفات الفساد

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

تحت عنوان «المغرب يفتح ملفات الفساد» قرأت خبرا نشرته صحيفتنا «الوسط» وبعض الصحف الأخرى، ولفت نظري أن التحقيق يجرى مع خمسة قضاة هم أيضا متورطون في قضايا المخدرات، وكأنّ النبأ يود أن يؤكد مدى خطورة أن يكون (حاميها حراميها). وعلى رغم ما يثيره الأمر من الاستغراب والدهشة والقشعريرة في الجسم بأن ترى القضاء الذي يفترض أن يكون قمة النزاهة في مقدمة المتورطين فإنه في الوقت نفسه يُشعر المرء بأن القاضي بشر أيضا تسول له نفسه ذلك.

غير أني لم أستنكر بقية النبأ الذي ذكر أن 31 فردا من جهاز الأمن متورطون كذلك؛ لأن هذا الجهاز المدلل في مختلف أقطار الوطن العربي فوق المحاسبة فهو الذي يحاسب المواطنين دون حسيب أو رقيب وبالتالي يأخذ راحته ليفعل ما يشاء، إذ المهم في هذا الجهاز لدى الأنظمة أن يؤدي مهمته المقدسة وهي الحفاظ على أمن القيادة واستقرار النظام وقمع الحريات لتفعل بعد ذلك ما تشاء، فحلال عليه بعد ذلك الإتيان بكل فساد مالي أو أخلاقي ولهذا لو أفسح المجال أمام المجالس النيابية أو مجالس الأمة لتشكيل لجنة لمتابعة أشكال الفساد فقط عند أجهزة الأمن في أرجاء الوطن العربي لاكتشفت الأهوال، ولأدركت أن كل مساوئ الدنيا تقف وراءها عناصر متنفذة في أجهزة الأمن، والسبب أنهم دائما فوق القانون ولا رقيب عليهم، وحين يصبح أي جهاز فوق القانون ومن دون رقيب، ساعتها يتوقع الإنسان أن تعوم هذه البلدان على محيط وليس فقط بحر من كل أشكال الفساد.

إن آفة البلدان العربية أن ملفات الفساد تظل مغلقة ليس فقط في أجهزة الأمن المخترقة للقانون بل أيضا لدى حتى العناصر القيادية الأخرى ما يوصل كثير من هذه البلدان من التخلف ونهب المال إلى درجة الاشتعال... فبعض كبار المسئولين لا تشبعهم مبالغ معقولة ومحدودة قد لا تؤثر على المال العام لو أصبح منصفا وقبل بها، ولكنه يريد أن «يلهف» من كل شيء وبعشرات الملايين مما تتضح آثارها وتؤثر على الوضع العام للشعب ككل، ويقال انه قبل بضع سنوات بلغ جشع أحد كبار المسئولين من الأسر المعروفة أن حظه من السمسرة في صفقة طائرات لبلاده بلغ 75 في المئة من القيمة الإجمالية، ترى ماذا يبقى للشعب لو أن سمسرة صفقات المشروعات بلغت هذا المبلغ المتواضع جدا؟

العدد 431 - الإثنين 10 نوفمبر 2003م الموافق 15 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً