بعد ستين سنة، يأتي اليوم الرئيس الأميركي جورج بوش لـ «يعترف» أن السياسات الأميركية حيال الشرق الأوسط طوال هذه الفترة كانت خاطئة.

بعد ستين سنة، من خلق الولايات المتحدة لأنظمة الرعب، وترسيخ قواعدها، وتثبيت أقدام أنظمة دكتاتورية في المنطقة العربية، يقول رأس السلطة إن دولته لم تكن على صواب، وعلينا أن ننسى كل هذه السنين ونرميها وراء ظهره... هكذا بكل سهولة... ستون عاما هي عمر القضية الفلسطينية تقريبا، والعرب منشغلون في انتقاء الأسلحة الأميركية الأكثر فتكا والأكثر لمعانا لكي تخزن في ترساناتهم، ولكي يستخدموها كيفما شاؤوا، إلا في الاتجاه الصحيح.

ستون عاما استنزفت الإدارات الأميركية المتعاقبة- ذات الوجوه المختلفة والهدف الواحد- مقدرات هذه الأمة على تواضعها، وجعلتها تتخلف - فوق تخلفها الأصلي -ـ بضعة قرون ضوئية... ستون عاما ومجالس التشريع الأميركية تصم آذانها عن سماع أنّات المظلومين من تلك الأنظمة، وفجأة بدت كلمات مثل الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة والمشاركة، أغنية على أوتار حناجر المسئولين الأميركيين، وكأن هذه القيم تم اكتشافها للتو، بل وصار النظام الذي أسسته واشنطن على القمع والإرهاب الداخلي، مهددا بالزوال إن لم يغير جلده ويلحق الفلك الأميركي.

يعتقد بوش أنه بمجرد «الاعتراف» ستزول عنه الخطايا، وستغفر له ولحكومته الشعوب التي عانت الويلات من هذه الولايات، واعتقاد بوش صحيح، لأن الشعوب العربية ـ المفصولة عن أنظمتها ـ ليس لها إلا أن تقبل هذا الاعتذار، فما باليد حيلة