ألف ألف مبروك للمصارف الوطنية على الارباح التي تحققها... ولكن هناك قضية أخرى نعيد طرحها من جديد، وهي تتعلق بقضية الضريبة التي فرضها احد المصارف على الصناديق الخيرية، وأشعر إدارات الصناديق ببدء تطبيقها بدءا من شهر سبتمبر/أيلول، ولكنه بدأ فعلا بتطبيقها قبل ذلك بثلاثة أشهر بالتمام والكمال.
وقد انتقلت القضية إلى وزارة العمل بعد أن طرحتها «الوسط»، على اعتبار انها تمس شرائح «مستضعفة جدا» تعيش في قاع المجتمع، لا يسمع بحسيسها الكبار أو أصحاب القرار المذكور، ولا يدركون آثارها السلبية القاتلة التي ستتضرر منها هذه الفئات المحرومة التي تقتات على المساعدات التي تدأب الصناديق الخيرية على تحصيلها وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين. وليت هؤلاء المسئولين يدركون حجم ما تقوم به الصناديق من عمل كبير في التخفيف من معاناة هذه الأسر فترفع جزءا كبيرا من العبء عن وزارات الدولة المطالبة أصلا بتوفير الحد الادنى من الحياة الكريمة لمواطنيها. ولا يقتصر دور الصناديق الخيرية على المساعدات الشهرية وانما تشمل المساعدات الموسمية كمساعدات شهر رمضان المبارك والاعياد والمساعدات التعليمية كرسوم الدراسة الجامعية والحقيبة المدرسية وشراء المكيفات والاجهزة الكهربائية للأسر المعدمة فضلا عن مساعدات الزواج أو الأسر المنكوبة (بالحريق مثلا) أو ترميم المنازل. قائمة طويلة من المساعدات تقوم بها الصناديق بهدوء دون أن تعلن عن ذلك على رؤوس الأشهاد، وتعتمد في الجزء الأعظم من مدخولها على ما تجود به الأيدي الكريمة من تبرعات.
وتشكل التحويلات المصرفية التي اعتمدت قبل سنين قليلة، نقلة نوعية أعطت دفعة قوية للمساعدات التي تقدمها الصناديق. والجزء الاكبر من هذه التحويلات المصرفية تحديدا يتبرع بها أفراد من البسطاء والفقراء وأصحاب الدخل المحدود، يتبرعون بها لمساعدة من هم أفقر منهم. ورغم الموقف الذي أعلن عنه أحد المصارف بتعليق قرار فرض «ضريبة الدينار» على كل تحويل وما سبّبه من هزة وإرباك كبير لعمل هذه الصناديق، إلا ان الحل لم يكن كافيا. بل ان الكثير من الصناديق تلقت - كما كان متوقعا - اتصالات كثيرة من المتبرعين خلال الشهرين الماضيين أعلنوا فيها عن رغبتهم بإلغاء التحويل عن طريق المصرف. فهذه هي الخسارة الاولى، وهي نتيجة منطقية تماما للقرار غير الموفق، فليس هناك من يقبل بأن يتبرع بدينار ويقتطع منه دينار آخر! علما بان أكثر التحويلات هي بمبلغ دينار واحد. فتلك إذن «قسمة ضيزى»، أليس كذلك؟
أما الخسارة الثانية فقد أدى هذا القرار الخاطىء إلى تجميد انضمام متبرعين جدد للتحويل المصرفي، الذي يمثّل ما لا يقل عن 80 في المئة من إيرادات الصناديق. وهذا معناه تجميد أية فرصة لزيادة دخل الصناديق، إن لم يكن تراجع الايرادات كما حصل بالفعل في الشهرين الماضيين. وبالتالي لا يمكن لأي صندوق من اليوم فصاعدا إلاّ أن يفكر في تدارك الوضع الذي حشر فيه، ويعمل على إقناع المتبرعين بالبقاء على طريقة تبرعٍ لعمل خيري يفرض عليها ضريبة مثلها!
أرامل وأيتام
خبر آخر نتمنى الا يكون صحيحا، وهو ان أحد المصارف يفرض ضريبة على المبالغ التي يدفعها الديوان الملكي للأرامل والايتام، فيقتطع منها مبلغ دينار واحد من كل مبلغ تتسلمه الأرملة أو اليتيم. ألم يكن بالامكان ان تقدم المصرف الوطنية مثل هذه الخدمات مجانا من باب دعم العمل الخيري كما تفعل المصارف في الدول الغربية المتقدمة؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 431 - الإثنين 10 نوفمبر 2003م الموافق 15 رمضان 1424هـ