الاجتماع الذي يعقده مركز البحرين لحقوق الانسان ليس اعتياديا وليس حدثا عابرا، وانما يعبر عن ازمة اصابت عددا من الجمعيات الاهلية سواء منها السياسية ام الحقوقية. فالاجتماع سيحاول التعويض عن الخسارة الكبيرة الناتجة عن مغادرة رئيس المركز عزيز ابل بسبب ما حدث في الوقت الاخير من ندوة التمييز التي عقدها المركز في نادي العروبة الشهر الماضي.
رجوعا الى الوراء قليلا، فإن المركز تكوّن لأن الجمعية البحرينية لحقوق الانسان لم تستطع حل مشكلاتها الداخلية بل انها وصلت الى القضاء وخرج بعض من كان في الجمعية ليشارك في تأسيس المركز. الجمعية كانت اول جمعية اهلية تحصل على ترخيص رسمي في عهد الاصلاح مباشرة بعد التصويت على الميثاق في فبراير/ شباط 2001. وكان الكثير يعوّل على الجمعية ان تتصدر الساحة لما لمؤسسيها من تاريخ نضالي مشرف. ولكن ومع الاسف دب الخلاف في صفوف الجمعية وازدادت الاقاويل بين الاطراف المختلفة وبدا للبعض أن الجمعية مقتصرة على نوع معين من الناس وبعد فترة ليست بالقصيرة اصبحت الجمعية واحدة من الجمعيات الاخرى بدلا من تبوّئها الصدارة.
تكوّن المركز على اساس ردم الهوة بين الاتجاهات ودخل في عضويته الاسلامي والليبرالي واليساري وأمسك بزمام الامور الحقوقية وصعد نجمه بسرعة وتمكن من تقديم تقارير نوعية عن قضايا حقوق الانسان، ولكن وفجأة واذا بالوضع الداخلي يهتز بالطريقة نفسها التي اهتز فيها الوضع الداخلي للجمعية.
لا يشك احد في اخلاص القائمين على الجمعية او المركز، ولكن ماحدث لكليهما أثر بشكل سلبي على حركة حقوق الانسان البحرينية. فحقوق الانسان كان من المفترض ألا يتم تسييسها أو مذهبتها او حصرها على هذا الاتجاه او تلك الطائفة، لأن العنوان عام ويشمل كل انسان يعيش في البحرين بغض النظر عن فصله وأصله ولونه ومذهبه واتجاهه.
كما ان موضوعات حقوق الانسان يجب ان تركز على الحقوق بعيدا عن الهتاف السياسي او الهتاف الثوري. فالهتافات والشعارات لها مجالها بينما الحقوق لها وضعيتها الخاصة بها التي تتطلب قوة الاعصاب لكي يتمكن المدافع عن حقوق الآخرين من الدفاع عنهم. ومع الفارق، فإن دور المدافع عن حقوق الانسان مثل المحامي في المحكمة، والمحامي ليس متوقعا منه ان يرفع قبضة يده صارخا في وجه القاضي.
أملنا ان يجتاز المركز الأزمة التي حلّت به وألا يتحجم دوره وأملنا ان يتحالف مع الجمعية للتنسيق فيما بينهما بما يخدم حركة حقوق الانسان. فكم هو جميل لو صدر تقرير مشترك من الجمعية والمركز بصورة سنوية يلخص حال حقوق الانسان ولكن بعيدا عن التهييج الذي قد يضر الناشطين الساعين الى الوصول الى اهدافهم الانسانية. وكم هو جميل لو شاهدنا ان في الجمعية وفي المركز كل الاطياف والمذاهب دون استثناء. فكما اننا نطالب الجهات الرسمية باعتماد العدالة والكفاءة والمشاركة بين جميع المواطنين، فإن حركة حقوق الانسان يجب ان تكون قدوة لنا جميعا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 431 - الإثنين 10 نوفمبر 2003م الموافق 15 رمضان 1424هـ