اختتمت في بيروت اعمال المؤتمر السنوي الخامس الذي نظمته «شبكة مراكز الابحاث في آسيا والباسيفيك» بالتعاون مع «شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية» بعنوان «الحرب على الارهاب: عسكرة العولمة وحقوق الشعوب» بعد جلسات ومناقشات استمرت ثلاثة ايام بمشاركة 75 خبيرا وناشطا من 22 دولة.
وقال البيان الختامي للمؤتمر، ان نتائج عولمة الشركات وسياسات توسيع الاسواق، جاءت سلبية على شعوب الدول النامية، إذ ازدادت الفجوة بين الاغنياء والفقراء، وتعمقت الازمات المالية، وتفاقمت معدلات البطالة وحالات التهميش وخصوصا في البلدان العربية.
واشار البيان الى ان حوادث 11 سبتمبر/ أيلول، التي كانت منطلقا لما سمي «الحرب على الارهاب» هي «تعبير عن فشل النظام العالمي في معالجة الاختلالات وتطبيق مبادئ حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية والاقتصادية وفي احتواء التنوع الثقافي وادارته». ووصف الحرب بأنها ادت الى «توسيع دائرة العنف والاستخدام المشوّه لمنجزات العلم والتكنولوجيا وتشريد عشرات الملايين من البشر من دون ان تتضح غاياتها وآفاقها»، واضاف، انه منذ اندلاع «الحرب على الارهاب» بعد 11 سبتمبر، اختلطت مفاهيم الارهاب. فباتت أية معارضة او حركة اعتراضية بما فيها المقاومة المدنية المشروعة ومقاومة الحركات الاجتماعية الساعية إلى الحرية والاستقلال والسيادة، والتي ترفض هيمنة المؤسسات المالية والتجارية الدولية تعتبر ارهابية.
وشدد البيان على ضرورة «عدم اعطاء صفة الارهاب للمقاومة ضد الاحتلال» مؤكدا «انها حق من حقوق الشعوب في تقرير المصير» في اشارة واضحة الى الموقف من الوضعين العراقي والفلسطيني، مشيرا الى ضرورة تركيز العمل على ثلاثة مستويات عبر انظمة ديموقراطية، تصان فيها حقوق الانسان وتفسح المجال امام مواطنيها للمشاركة الفعلية لمواجهة الهيمنة العسكرية والاحتلالات في اطار مشروع سياسي، والعمل باتجاه الحد من الهيمنة الاقتصادية ومواجهة السياسات الليبرالية الجديدة، والعمل على وقف الهيمنة الثقافية بالحفاظ على الجذور والتراث الثقافي، وان يكون التنوع والتبادل مصدر غنى وتطور ورقي بدلا من ان يكون عامل توتر وصراع وانقسام.
واكد البيان مطالب المشاركين في «انهاء الاحتلال في العراق واستعادة السيادة والاستقلال الوطنيين والحق في تقرير المصير وادارة الموارد الطبيعية للشعب العراقي، وانهاء الاحتلال في فلسطين وتأكيد الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف على اساس قرارات الشرعية الدولية، ووقف بناء حائط الفصل العنصري وادانة الممارسات العدائية التي يقوم بها الاحتلال».
محتوى المؤتمر وأعماله.
وكانت اعمال «المؤتمر الخامس لشبكة مراكز الابحاث في آسيا والهادئ وشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية» تحت عنوان: «الحرب على الارهاب - عسكرة العولمة وحقوق الشعوب»، افتتحت برعاية وزير الثقافة اللبناني غازي العريضي وبحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وعدد من المهتمين.
وحدد المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية زياد عبدالصمد اطار المؤتمر باعتباره يحقق المشاركة بين الحركات الاجتماعية والاهلية في آسيا وافريقيا من خلال تعاون الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية وشبكة مراكز الابحاث في منطقة آسيا والباسيفيك، وقال عبدالصمد، ان اهمية المؤتمر لا تقتصر على كونه تعاونا بين منظمات اهلية ومراكز ابحاث تساندها، بل ايضا في محتوى الابحاث والمداولات التي تمت في اعماله، ثم في الاستخلاصات التي خلص اليها المشاركون في اعماله ولاسيما لجهة تحديد الاسباب المؤدية الى اختلالات النظام العالمي والفشل في تحقيق العدالة نتيجة نزعة التسلط والهيمنة، والبحث في حق الشعوب في مواجهة نزعات السيطرة، وتأكيد حقها في مواجهة الاحتلال وربطه بحق تقرير المصير، والتمييز بين المقاومة والارهاب، وتأطير المقاومة للاحتلال باشكالها المختلفة في اطار برنامج سياسي، وتأكيد دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة ما يجري سواء على صعيد بلدان مثل العراق وفلسطين، او على الصعيد العالمي، إذ من المطلوب مواجهة الهيمنة الاقتصادية، ومواجهة ثقافة العولمة الجديدة بالتركيز على الارث الثقافي للشعوب وابراز محتويات التعدد والتنوع فيه. وقال عبدالصمد، ان تحقيق نجاح استراتيجية النضال هذه، يتطلب وجود انظمة ديمقراطية تحترم حقوق الانسان، وتضمن مشاركته.
واحتوى برنامج اعمال المؤتمر في يومه الاول توصيفا وتحليلا عامين للعولمة بالتركيز على الارهاب والعسكرة، فقدم المدير العام لمنتدى «العالم الثالث» سمير امين محاضرة بعنوان «الارهاب في اطار العولمة»، كشف فيها الاسباب التي تدفع الولايات المتحدة لشن «الحرب ضد الارهاب»، فيما بيَّن مدير مركز الدراسات والابحاث مايكل شوسيودوفسكي عن العولمة في محاضرة ثانية أسباب «هيمنة الولايات المتحدة وعسكرة العولمة» والعوامل التي تدفع الولايات المتحدة نحو خوض الحروب.
وبحث المشاركون في المؤتمر في اربع ورشات عمل موضوعات، تناولت الارهاب والقانون الدولي، الاحتلال الاجنبي والمقاومة والارهاب، حقوق المجتمع والمقاومة، الحرب والنفط.
وتضمنت اعمال اليوم الثاني للمؤتمر محاضرتين، الأولى ألقاها مدير المركز العربي للدراسات الاستراتيجية منير الحمش تحت عنوان «الاقتصاد السياسي للعولمة والحرب» والثانية «الاشكالية الصناعية للنفط والعسكرة» ألقاها حسن كريم، ثم عقدت جلسة نقاش عامة عن «آثار العسكرة والحرب على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفلاحين والنساء والعمال»، اعقبتها ورش عمل تناولت آثار الحرب والعسكرة على العمل والمرأة والمهاجرين والسكان الاصليين والشباب والقطاع الريفي.
وادارت الاستاذة في الجامعة اللبنانية فهمية شرف الدين اعمال الجلسة العامة في اليوم الثالث تحت عنوان «البدائل العدالة والسلام العالمي والحركات الاجتماعية»، إذ تركزت النقاشات على اساليب وطرق مواجهة العولمة، وما يمكن القيام به من جهد في هذا الاطار من جانب الحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، فيما بحثت ورشات العمل الجهوية في موضوعات تناولت شئون «الشرق الأوسط»، وجنوب آسيا، وشرق آسيا من ناحية اوضاع وتحديات الحركات الاجتماعية واستراتيجيات دعم العدالة، ثم انتهى المؤتمرون الى جلسة ختامية، نوقشت فيها خلاصات اعمال المؤتمر، التي عبر عنها البيان الختامي
العدد 430 - الأحد 09 نوفمبر 2003م الموافق 14 رمضان 1424هـ