هذه ليست إعادة لفتح ملف ما حصل قبل وأثناء وبعد حادث نانسي عجرم، ولكنها إطلالة على نوعية جديدة من التعاطي مع الموضوع بدأت تسري في المجتمع، وهي الكيفية التي قام بها نفر ليس بالقليل من الذين تعاطوا مع الصحيفة في التعليق على ما حدث. باستثناء عدد قليل من الكتابات التي كانت تشي بالانفعال، فإن معظم ما كتب تعليقا على الحادث من قبل الجمهور وليس الكتاب المحترفين كان يريد التأمل في الأمر من أكثر من زاوية، وتوزيع المسئوليات عما حدث على أكثر من طرف، على اعتبار أن أي حدث بهذه الضخامة، لا يمكن أن يكون له وجه واحد فقط، أو أن تكون له أيضا دوافع واحدة، وإنما هناك أسباب مركبة دفعت وربما تدفع في المستقبل الشباب ومن هم في حكم الأطفال سنا إلى اتخاذ العنف وسيلة للتعاطي مع الأمور.

هناك تحليلات تشير إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية والتي لم تسفر التصريحات سواء كانت الحكومية أو الأهلية أو التشريعية عن تحسنها. هناك من ذهب إلى أن ما حدث نتيجة احتقان سياسي وجد متنفسا في هذا الحادث، هناك من علق الجرس في رقاب من دعوا إلى إنكار المنكر، وبعضهم قال إن الأمر نتيجة «تحدٍ سافر» لقيم المجتمع ونقل هذه الحفلات من صالات الفنادق إلى أماكن أقرب ما تكون إلى المناطق السكنية. التحليلات والمساهمات شرّقت وغرّبت، ولكنها في المجمل كانت تحاول الخروج برؤى تسلط أضواء متعددة على حدث واحد من أكثر من زاوية، وهذه الطروحات الجديدة وإن لم تأت من قبل جهات بحثية رصينة يؤمل منها أن تقرأ ما حدث قراءة علمية إلا أنه ينم عن تجاوز شرائح مهمة في المجتمع البحريني للنظريات الأحادية الطرح، ومحاولة تقليب الأمور على أكثر من وجه، فلا أحد يمكنه ادعاء احتكار الحقيقة، ولا مكان لـ «الإرهاب» الفكري الذي يود قيادة المجتمع وفق رؤاه الخاصة، ولا يسمح بتنفس الأفكار المختلفة