موقف وزارة الإعلام من نشرات الجمعيات السياسية، بعيد عن المساحة القانونية التي غُلِّفت بها رسائل «الإعلام»، والتي دعت الجمعيات إلى أن تكون نشراتها «إخبارية» فقط، ويقتصر توزيعها على الأعضاء. الموقف سياسي وليس قانونيا، لأن الجمعيات نفسها لا تحمل مسمى «جمعيات سياسية»، وإنما جمعيات «نفع عام»، والتسامح المبيت والمخطط له لا يلغي مأزقها القانوني، وإنما يضعها تحت عين ومسمع السلطة التنفيذية، فمتى ما تجاوزت بخطابها وأجندتها السياسية الخطوط الحمر، أشهرت هذه المساحة القانونية في وجهها، وأي تصعيد مشابه لما قامت به وزارة الإعلام، يجعلها كالمُعَلَّقة من تصعيد إلى آخر، مع كل موقف تعلنه، ويتضايق منه التنفيذيون، وهذا ليس تسامحا، بل استرخاء مرحليا.
نشرات الجمعيات كانت تصدر منذ نصف سنة على الأقل، بآراء أصحابها، وبحلتها التي هي عليه الآن، فلِمَ لم يتم الاعتراض عليها آنذاك؟ ولماذا هذا التوقيت الآن؟ أليس معنى ذلك أن التسامح أو غض الطرف مسألة مرهونة بالوقائع السياسية وليس البنود القانونية؟ إذن ... ما الجديد الذي جدَّ ليكون هذا التصعيد؟
الواقع يقول إن الطعون الدستورية التي قدمتها «هيئة دفاع الموسوي» في قانون الصحافة (قانون 47) والإجراءات الجنائية والسلطة القضائية، هي السبب وراء التصعيد، لتثبيت حاكمية قانون الصحافة على كل الواقع الصحافي في البحرين، وتأكيد سريان مفعوله، وتطويق موقف «العمل» تحديدا من خلال إلزامها بالقانون نفسه الذي تطعن في دستوريته، أو سحبُ رخصة نشرة «الديمقراطي» منها، وهو ما تضمنته رسائل الإعلام لها مرتين من دون الجمعيات الأخرى. والشيء اللافت أن موقف الإعلام يثبِّتُ جِدِّية الطعن في قانون الصحافة تحديدا، باعتباره رأس الحربة هذه المرة في الموقف من الجمعيات، وعدم تنازل الطرفين، سيجعل من الطعون تتجاوز قضية الموسوي، إلى القانون نفسه
العدد 427 - الخميس 06 نوفمبر 2003م الموافق 11 رمضان 1424هـ