في وقت نجد الكثيرين من الناس يطالبون بحقوق المرأة بكل حماس وبلاغة لا يمكننا سوى القول بأن هناك تيارا نسائيا قويا قد تكوَّن في العالم العربي.
بمعنى آخر لا يوجد تيار داع إلى النضال من أجل حقوق المرأة فقط بصرف النظر عن الحاجات الاجتماعية الأخرى السياسية منها والاقتصادية، وهذا لا بأس به اذ ان الصراع في سبيل الديمقراطية والاستقلال السياسي وحتى الاقتصادي لم يتهيأ بعد في غالبية دول العالم الثالث.
فما تحقق من بعد الحقبة الاستعمارية في معظم الدول العربية مثلا هي في غالبيتها تشكلات نسائية جاءت على هيئة جمعيات وأخرى اتحادات، ولكنها للأسف لم تستطع ان تحقق الانجازات التي تدعو إلى كسر العوائق التي تحقق مراد نساء كثيرات بتوفير حقوق مدنية تنصفهم اجتماعيا، لأن الغالبية للأسف مازالت أسيرة مزاجية قضاة المحاكم الشرعية أو قوانين ذكورية تحمي الرجل أكثر من المرأة والأسرة معا. أي أن المرأة لاتزال أسيرة القالب الذي صنعه الرجل، ولكنه اليوم مشكَّل بصورة عصرية.
لهذا فإن عملية التغيير الاجتماعي في العالم العربي لاتزال تتم ببطء وبمستويات متفاوتة كما هي الحال مع المرأة العربية التي يجب ان تتطور أدوارها داخل مجتمعها.
من هنا لابد من مضاعفة مشاركة المرأة في النقاشات الدائرة بشأن أدوارها وفي تحديد موقع الدين والثقافة والتقاليد في المجتمع في هذا الشأن الذي بالتأكيد سيساعد على ألا تطغى الآراء المحافظة على غيرها.
فمثلا خلال مناقشة قانون العائلة المصري عبّر عدد كبير من الرجال والنساء المؤمنين بحقوق المرأة عن آرائهم غير المحافظة بقوة... فوصف أحد المشاركين هذه الحقيقة بقوله ان هذه المواقف كانت أهم ما نتج عن المناقشات.
وفي البحرين نحن اليوم بأشد الحاجة الى تعلم كيفية احترام آراء بعضنا الآخر، وحتى ان لم يوافق عليها بعضنا وخصوصا فيما يتعلق بحقوق المرأة البحرينية وسعيها إلى سن قانون للأحوال الشخصية يضمن وينصف حقوقها.
فالجميع بحاجة إلى النقاش في هذا الموضوع ولكن بصورة منفتحة وعقلانية؛ لأن هذا النوع من النقاش ولغة الحوار سيوضح للمتحررين ولليساريين وللإسلاميين بأن هناك عدة أفكار اساسية مشتركة فيما بينهم، وبامكانهم الاتفاق على معارضة غيرها دون اللجوء الى أعمال العنف أو تجاهلها بأساليب مختلفة. هذا ضروري اذا كان الناس في هذه المنطقة سيتعلمون كيف يعيشون معا كمواطنين متساوين في الحقوق في الدولة الواحدة، وليس كأقليات مغبونة سواء كانت جنسية أو مذهبية أو ايديولوجية... كما هو ضروري أيضا ان يتعلم الناس الاختلاف ديمقراطيا اذا كانوا فعلا يريدون وقف دوامة الانقلابات المضادة والدكتاتورية.
وعلى كلٍ، على المرأة في البحرين ودول عربية أخرى ان تعي انه عليها ألا تغفل الموضوعات التي تؤثر عليها شخصيا فيما توليه التوجهات السياسية ايا كانت رسمية أم شعبية بل عليها ان تعمل مع غيرها ضمن شبكات متعددة متخطية كل الحدود السياسية لزيادة سلطتها عن طريق زيادة اعدادها حتى تبقى حقوقها الانسانية دائما على رأس جداول الاعمال الوطنية سواء كانت ناشطة، حقوقية، سياسية أو غيرها. وقد يكون هذا مطلبا مشواره طويل ولكنه قد يؤكد جدية وعزيمة المرأة في طرح قضاياها بقوة يحسب لها ألف حساب ان كان الطرح ضاغطا فعالا
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 427 - الخميس 06 نوفمبر 2003م الموافق 11 رمضان 1424هـ