قبل عدة أعوام لم يكن جايتكس بهذه الضخامة، بل ان البعض اعتبره مشروعا عديم الجدوى، فما فائدة معرض للحاسوب في وسط الصحراء القاحلة في الخليج العربي، وهي منطقة لم تشتهر يوما بعلاقتها بعالم تقنية المعلومات، إلا أن التخطيط بعيد المدى في إدارة المعرض والدعم غير المحدود الذي حظي به من قبل الشيخ راشد آل مكتوم كانا السببين الرئيسيين في تطوره عاما بعد آخر، حتى تحول إلى أهم معرض حاسوب في الشرق الأوسط، وباتت جميع الشركات تضع له موضعا مميزا في أجندتها، وتستعد لدفع مبالغ تتجاوز المليون دولار في بعض الحالات لحجز مساحة لها في المعرض.
ولم تكتف حكومة دبي بمعرض جايتكس الذي كان يتألق من نجاح إلى آخر، بل انها عززت المعرض بإنشاء مشروع مدينة الانترنت على أطراف دبي، وهي المدينة التي تحوي حاليا مكاتب لكبريات شركات تقنيات المعلومات حول العالم، وبواسطة التسهيلات المتتالية التي أغدقتها حكومة دبي على هذه الشركات فقد تحولت مدينة الانترنت إلى الخيار الأول - إن لم يكن الأوحد - لأية شركة تفكر في افتتاح مكتب إقليمي لها في المنطقة.
وقد دفع هذا إلى مزيد من النجاح لمعرض جايتكس الذي وصل به التوسع إلى درجة تقسيم المعرض إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي: المعرض الرئيسي، الأجنحة الوطنية، ومعرض الشراء، إذ تقام كل من هذه المعارض الثلاثة بشكل منفصل تقريبا، بل ان معرض المشتريات يقام في مبنى منفصل بعيد عن المعرضين الآخرين وذلك بسبب ضيق المساحة، وبسبب الإقبال الشديد من قبل الجمهور، ناهيك عن أن الحدث قد ملأ جميع فنادق دبي بالنزلاء، وساهم في تعزيز حركة المطار ونشط المواصلات العامة، ففائدة المعرض لا تقتصر على قطاع تقنية المعلومات، بل انها أحد مصادر دخل دبي المهمة.
وعلى بعد أيام فقط من معرض جايتكس يقام معرض آخر في البحرين يختص بالحاسوب وتقنية المعلومات، والمعرض الذي يبدو نسخة بالغة التصغير من جايتكس، يأتي بتنظيم مشكور من إحدى شركات القطاع الخاص، وهنا تثار بعض علامات الاستفهام بشأن غياب الدور الرسمي في دعم الجهات الرسمية لهذا القطاع الحيوي، الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من البنية التحتية لأي نشاط تجاري أو صناعي.
كان المؤمل أن تعمل الدولة بكل إمكاناتها على دعم معارض تقنية المعلومات، والعمل على استقطاب الشركات الكبيرة، وتهيئة الظروف المناسبة لتحويل البحرين إلى مركز لتقنية المعلومات، فنحن في البحرين نغبط دبي على ما أنجزت إلا أن التجربة ذاتها قابلة للتطبيق بشكل أو بآخر في باقي دول الخليج بما في ذلك البحرين، والفارق الشاسع بين دبي وباقي دول المنطقة هو مسألة غير مبررة، وتحتاج من السلطات العليا إلى إعادة النظر في موقع قطاع تقنية المعلومات في سلم أولويات البلد
العدد 425 - الثلثاء 04 نوفمبر 2003م الموافق 09 رمضان 1424هـ