وجوب إخضاع المقترحات ذات العلاقة المباشرة بعلم الاقتصاد للدراسة من قبل لجنة مجلس النواب المالية، قبل إخضاعها للمناقشة في المجلس
يذكر أن القرارات التي تمس اقتصاد الدولة، وبالتالي معيشة المواطنين، تنتج عنها آثار اقتصادية مهمة. وغني عن البيان أن تلك النتائج ربما تكون سلبية ومدمّرة، كما يمكن لها أن تكون ايجابية مفيدة. وغني عن البيان أيضا أن قدرة المتخصصين على التنبؤ بنتيجة قراراتهم، لأسباب فنية كثيرة يعرفها المتخصصون، تكون في العادة ضعيفة. فاذا كان هذا هو الحال بالنسبة إلى مقدرة علماء الاقتصاد على التنبؤ بنتائج قراراتهم، وهم الذين يخضعون قراراتهم للطرق العلمية، أو يتوقع منهم عمل ذلك على الأقل، فكيف سيكون الحال بالنسبة إلى غير المتخصصين أو حتى بالنسبة إلى المتخصصين ولكن يوجد بينهم أناس يشاركونهم في اتخاذ القرار، في حين يكون هؤلاء الناس غالبيتهم العظمى، كما هي عليه الحال في مجلس النواب مثلا؟ لا شك في أن قدرة الفئتين الأخيرتين على التنبؤ ستكون صفرا، وهذا يعني تعرض الدولة وبالتالي مواطنيها إلى هزات اقتصادية عنيفة فيما لو ترك اتخاذ مثل هذه القرارات لأي من الفئتين اللتين لا تتصفان بالتخصص.
من هذا المنطلق، أرى ان تقديم الاقتراح برغبة لمنح علاوة للحكومة إلى مجلس النواب الموقر (مع احترامي الكبير للمجلس، فأنا أعرف أن المجلس يضم بين أعضائه اقتصاديين أكفاء) لمناقشته كان خطأ جسيما، إذ ان مناقشة القرار كانت ستؤدي على الارجح، وذلك للسبب الذي سأسوقه لاحقا، إلى الموافقة عليه وإحالته إلى الحكومة. والموافقة عليه تعني امكان حدوث آثار ايجابية مثل ادخال البهجة والسرور على الاهالي في مناسبة العيد عن طريق التخفيف من الأعباء المالية التي يتحملها أرباب الأسر، كما جاء على لسان نائب كريم (انظر الوسط العدد 411 بتاريخ 32/10/2003) ولكن تعني ايضا امكان حدوث موجة تضخيمية يكون ضررها على عامة الشعب أكبر بكثير من النفع المتحقق، إذ ستؤدي لو حدثت، إلى ارتفاع الأسعار، وهذا يؤدي بدوره إلى انخفاض الأجور والمرتبات لعامة أفراد الشعب، وذلك بسبب الزيادة في كمية النقد الموجودة في البلد، غير المدعومة بزيادة في الانتاجية. هذه النتيجة التي يوجد احتمال كبير لوقوعها، هي تماما عكس ما رام تحقيقه نواب الشعب المحترمون الذين يقفون في صالح الموافقة على المقترح المذكور.
أرجع الآن لذكر السبب الذي جعلني اتوقع ان يحظى المقترح بموافقة النواب عليه. إن السبب يكمن في الآتي: إن الكثير من اعضاء الشعب الكرام، لعدم إدراكهم ( نتيجة لعدم التخصص في الاقتصاد) النتائج السلبية التي ربما تنتج عن القرار، والتي طبعا لن تكون في صالحهم، يرغبون في إقرار والمقترح في أقرب فرصة ممكنة. هذه الرغبة الموجودة لدى العدد الأكبر من افراد شعب البحرين الأبي، جعلت الكثير من النواب المحترمين، وكما هو واضح مما حدث في البرلمان عند تقديم الاقتراح للمناقشة، يتحمسون لتأييد المقترح، من دون الالتفات إلى السيناريوهات التي يتوقع حدوثها نتيجة تطبيقه. وللتدليل على ما أقول أسوق النقاط الآتية:
- وصف المقترح على لسان أحد النواب الكرام بأنه «المحك الحقيقي» للنواب والحكومة، مشيرا إلى ان المقترح هو «مطلب شعبي»، (الوسط العدد 411 بتاريخ 23/10/2003).
- قول نائب آخر أن (أي تحرك لافشال المقترح يمثل «وصمة عار على جبين النواب إذا ما أفشلوه») (المرجع نفسه).
- أحد النواب المحترمين بغية تذليل الطريق للموافقة على المقترح، أشار إلى وجود وفرة في الموازنة، وكأن وجود موازنة أو عدم وجودها، هو السبب الوحيد الذي يؤدي إلى رفض أو اقرار مثل هذا المقترح.
لكل الأسباب السالفة الذكر، أرى أنه يجب ألا يعرض أي مقترح تكون له علاقة مباشرة باقتصاد البلد، كالمقترح السالف الذكر، على مجلس النواب للمناقشة، قبل ان تتم دراسته من قبل لجنة الشئون المالية التابعة للمجلس
العدد 422 - السبت 01 نوفمبر 2003م الموافق 06 رمضان 1424هـ