صار لزاما على المتعاطين مع الشأن العام أن يرغموا عضلات أجسامهم حتى يجيدوا الرقص مع عوامل الضغط السياسية المختلفة، فإما أن يرقصوا على إيقاعات السياسيين راغبين أو راهبين، فمن لم يرقص سيُرَقّص راغما، ولتذهب إلى الجحيم كل المقولات الخاصة بالتساوي والكفاءة والوطنية وغيرها.
فتحت عنوان «لا داعي لإثارة المشكلات»، يتراجع المختصون عن الشكوى من سوء أداء مجموعة من المعلمين الذين تم إدخالهم عنوة إلى سلك التدريس في وزارة التربية بعد سلسلة من الاحتجاجات والاعتصامات، واللعب السياسي على دائرة واسعة. وحتى تتم قراءة المقال بشكله الواضح، يمكن إعادة كتابة كلمة «مجموعة» وليس «كل».
فالخوض في هذا الأمر - بمنتهى البساطة - يمكن أن يودي بمن يطرحه لأن يوصف بجملة من النعوت الجاهزة وتسويغها عبر آلات الضغط والترهيب، غير أن المشكلة كبيرة جدا وغائرة. فليس كل من يتخرج من المدرسة يمكنه أن يدخل التخصص الذي يحب في الجامعة، وليس كل من يتخرج من الجامعة يصلح لأن يدخل ما يرغب من سوق العمل، فهناك مجموعة من الشروط والمعايير التي تتطلبها سوق العمل، ومن هذه السوق وزارة التربية والتعليم، التي خضعت للعبة السياسية وانحنت لتمرر الريح، ولكنها مررت مجموعة جيدة - ولا شك - من المعلمين، إلى جانب مجموعات ضعيفة، فقط حتى يتم إقفال هذا الباب.
ما لا تعرفه الوزارة آنذاك، أن هذا الباب عندما يفتح فلن يغلق، فمن يقبل أول مرة أن يتجاوز المعايير سيقبل ذلك كل مرة، وإلا عليه أن يبرر لماذا قبل في المرة الأولى، كما أن الضاغطين سيجدونها ساحة للعب، «إما أن نتوظف وإن لم نجتز امتحانات تحديد المستوى، وإما أن نعتصم ونسوّد وجوهكم».
أما نتائج الضغط السياسي حتى في أدق الأمور، وهو التعليم بما يعنيه من مستقبل هذا البلد كله، فسنتجرعها كأسا كأسا، سنة تلو الأخرى، وربما جيلا بعد الجيل
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 417 - الإثنين 27 أكتوبر 2003م الموافق 01 رمضان 1424هـ