كما المحالات التجارية تحرص في حال تكوينها على اصطناع التركيز الكثير على واجهة المحل حتى تبدو الواجهة جذابة وراقية ومعبرة عما داخل المحل، وربما خادعة ولا تعمل إلا على جذب أرجل الزبائن للدخول إلى المحلات التجارية هذه، أي الدخول في «الفخ»، وهناك من يفلح في النجاة منه، وهناك من يقبع فيه، إما لضعف وإما لخوف وإما لحياء شديد من قول «لا»، والاستدارة إلى الخارج.
هكذا تفعل أيضا المنظمات والجهات السياسية، والثقافية، والدينية، والاجتماعية، التي تبحث ـ أول ما تبحث ـ عن «الواجهة» التي تجعل الانضمام سهلا، والتبرعات مضمونة، والعضوية رائجة، والتهم بالانحياز أو الطائفية مبددة.
إلا أن كثير من هذه الجهات لا تحسن التعامل مع «واجهاتها»، وتنسى أن هذه الواجهات - أيا ما كانت قوتها- فهي زجاج... قوي ولكنه شفاف أيضا، ولا يحتمل الكثير من الممارسات الساخنة داخل المحل التجاري، إذ قد ينكسر ويعري المحل بما فيه، وبمن فيه، والواجهة هي أو ما يقذفه المتذمرون بالحجارة عندما لا يعجبهم ما يقدم في المحل، ومع عدم ترفق «تجار» الجمعيات بواجهاتهم، كترفقهم بـ «القوارير الحسان»، فإن هذه الواجهات ستظل تتعرض للعنت والشدة، بينما يتوهم من داخل المحلات أن هذه الواجهات قادرة أن تصد عنهم الهجمات، وما هو أعتا من رياح السموم.
حديث شريف ساق قصة معروفة، يقول مضمونها أن أناسا ركبوا سفينة، فأخذ أحدهم ينقر في قاعها، فلما سألوه قال بأن هذا مكانه الخاص، ولا علاقة لهم به، والحكمة من الحديث تقول بأنهم أخذوا على يديه نجا ونجوا، وإن تركوه هلك وهلكوا.
بعض الواجهات ترى أن ليس بمقدورها أن توقف تكسير السفينة، وتلتفت لترى أنها في النهاية ليست أكثر من واجهة... فعليها إما أن تقنع بدورها، وإما أن تتهاوى لتترك الجمل بما حمل
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 421 - الجمعة 31 أكتوبر 2003م الموافق 05 رمضان 1424هـ