ترتفع الأصوات بين الفينة والفينة ومنذ عام تقريبا تندد بتوظيف مجموعة هنا أو هناك من المدرسين البحرينيين في وزارة التربية. وتقام الدنيا ولا تقعد مع بكائيات مصطنعة على الأجيال القادمة بأن هذه المجموعة تفتقر إلى الكفاءة وأن هؤلاء الذين تم توظيفهم انما وضفوا بسبب ضغوط سياسية. هذا كلام يفتقد الصحة والدقة أيضا وذلك لعدة اعتبارات. منها:
أولا: ان الذين يتم توظيفهم لا يصلون إلى مواقع العمل حتى يمروا بعدة مفارز امتحانية لا يمر بها الأجنبي على رغم محاولات التسقيط المستمرة ينجح الكثير منهم.
ثانيا: إلى الآن لا نعلم اللغز الخفي في سر تفوق مجموعة كبيرة من هؤلاء الخريجين في جامعة البحرين إذ بعضهم حصل على درجة الامتياز مع مرتبة الشرف لكنهم «يرسبون» في وزارة التربية فإما الخلل في الجامعة أو في الوزارة وعلى رغم ذلك فان مجموعة ممن وظفوا حصلوا على الماجستير وعلى رغم ذلك مهمشون.
ثالثا: إذا كان هناك من يقول إن الوزارة تقوم بالتوظيف بسبب ضغوط سياسية فنريد تصريحا رسميا من قبل الوزارة في ذلك مع ذكر جميع الأسماء وبالأرقام التي تم توظيفها لاعتبارات سياسية وكل هؤلاء المدرسين على استعداد لفتح كل الملفات وأمام الإعلام.
رابعا: إذا كان هؤلاء مجموعة من الفاشلين فكيف تم تخرجهم من جامعة البحرين؟ فهل جامعة البحرين تخرج فاشلين؟ إذن هناك خلل في جامعة البحرين وهذا يعني أيضا أن هؤلاء حصلوا على شهادات فاشلة. وسؤال آخر: هل هنالك ضغوط سياسية أيضا على جامعة البحرين وغيرها من الجامعات لتخريج الفاشلين؟
خامسا: إذا كانت هذه المجموعة الموظفة فاشلة - إذ قسم كبير ممن وظفوا هم من خريجي جامعة البحرين - يلزم من ذلك أن جامعة البحرين تخرج فاشلين في كل المجالات والتخصصات بما فيها تخصص إعلام وغيره.
سادسا: إذا كانت الغيرة على الوطن فلماذا لم يتم التحدث عن المدرسين الأجانب الذين تم اكتشاف شهاداتهم المزورة وقدم البعض للمحاكمة؟ لماذا لا نخاف هنا على الأجيال القادمة.
سابعا: نقول لمثل هؤلاء الكتّاب والكاتبات إذا كان ما تقولونه صحيحا، فلماذا لا تنشرون أسماء هؤلاء الفاشلين بدلا من هذه البكائيات الممسرحة والمفضوحة والتي كشفت زيف التمسح بالموضوعية وامساك العصا من النصف؟ الكلام العمومي أصبح لا يزيد المتلقي حتى خردلة وهو جهد العاجز. فالعالم اليوم لا يحترم إلا لغة الأرقام التي أصبحت تمثل إدانة حقيقية لكل متستر على سياسة الامتيازات. وكل القضية أن هناك امتيازات أصبحت على حساب مبدأ التكافؤ والمساواة لايراد المساس بها. فوزارة التربية وكل الوزارات بلا استثناء هي محل حق إلى جميع المواطنين ولقد انتهى - ونحن في عصر الشفافية - زمن اقتسام كعكة الوظائف. والشعب الآن يضع يده بيد جلالة الملك - حفظه الله - عندما أمر بمناقشة التمييز بطريقة دستورية وقانونية ولا يوجد أفضل من لغة الأرقام في ذلك لهذا ينبغي أن يعمل الجميع وكل غيور على هذا البلد وعلى هذا المشروع - مشروع الإصلاح - أن يعمل ليل نهار على توثيق القضايا وكتابة الأرقام ورسم البيانات حتى ننعم ببحرين المساواة بلا تمييز طائفي ولا عرقي ولا اثني ولا جذري. فما دام جلالة الملك دعا إلى نقاش التمييز بالطرق الدستورية والقانونية فلا يمكن لا لكاتب ولا لكاتبة أن يثيروا الغبار أو يخوفوا المجتمع البحريني من التقرب من هذا الملف حتى لو اعتمدوا طريقة خلط الأوراق عبر المقالات ودس العسل في وسط السم. هذا أسلوب قديم وكل المنظمات الحقوقية اليوم لا تحترم إلا لغة الأرقام أما الإنشاءات فلا تصلح إلا أن تكتب شعرا خرافيا ينفخ الكرش لكنه يستسخف العقل. ومن له وجهة نظر لأي رقم فليقدم البديل بدلا من البكاء على الأجيال، يا عيني على الأجيال.
ما أسخف الزمن عندما تتدلى الكروش ويتحول المثقف إلى صورة الديناصور قولا وقالبا ولكنه بعقل ذبابة كما قال نابليون ذات يوم فالثقافة تعني إنصاف الآخرين
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 421 - الجمعة 31 أكتوبر 2003م الموافق 05 رمضان 1424هـ