هطلت علينا كمرايا صقيلة بالوجوه التي نألفها... رحبة، صافية كأنها الدرس الأول، والصريح من طفولة كنا نألفها... هواء أخير ونقي في هذه الساحة المليئة وبامتياز بالهواء الفاسد وهواء مليء بالرصاص والكيد والنكايات وأشياء أخرى.
حين بعثت الينا بفضتها وذهبها ومعدنها الثمين والآسر، توجسنا خيفة من انها المحاولة التي دائما ما تأتي باهرة وباعثة على الإعجاب في ظل إفلاس وخواء مقيم، وحين أسرّت لنا بمواهب غيبها تكشف لنا حضور آخر... حضور هو في الصميم من بياض الإمكانات وصدق فعلها.
«وهج» واحد من الأسماء التي لن تمر مرور النبلاء على رعاياهم، ستكون نبيلة مشغولة بهمومهم... تجالسهم وتحتسي القهوة معهم وتفترش الأرض دونما حرج أو مكابرة!
فهد بن مساعد... شاعر يبعث على الحرج ... يحرج أنصاف وأرباع وأثلاث الذين يمتهنون الثرثرة شعرا ونثرا... الذين تتركز موهبتهم في الحياة في سبك الهراء ونظم الثرثرة وتدبيج اللامعنى... فيما هو يأتي ملغما بالمفاجأة والصاعق من الصورة والمعنى والسهل مما تنطق به الروح صباح مساء. فهد بن مساعد جهاز كشف لا يقبل الشك أو الكذب على زيف كثير من المواهب، فيما يظل هو واحدا من الشهود الذين من دونهم نؤكد عمانا وأميتنا وذهابنا البليد نحو اللامكان واللاجهات واللامعنى!
عودة الى «أمينة الشيخ» التي فرحنا بها أيما فرح... وعدتنا عبر أكثر من اتصال بأن تغمرنا بأعيادها، ولكنها لم تف... ربما لظروف حالت دون ذلك... ونظل في انتظارها وبفرح وقلق غامرين.
«ظما الوجدان» شاعرة ظللنا على تواصل معها... اختارت أن تنعزل لأسباب لا داعي لذكرها... وهي تعرف جانبا منها. نهمس دونما ضغينة : من الرائع... ومن الرائع جدا أن يتواضع المرء ... أن يشعر انه كلما أنجز نصا أو كتابة يكون ذلك بمثابة «ألِف» في منظومة من أبجدية طويلة لن يقدر لأي انسان كائنا من كان أن يحتويها ويتجاوزها ويعلو عليها... اللهم بلغت... اللهم فاشهد.
يظل لحدان بن صباح الكبيسي (الحفيد) واحدا من أنقى وأصدق وأحرص الأصوات الشعرية على هذه الساحة، فالرجل لا يبحث عن افتعال للمشكلات بقدر بحثه عن حلول وعلاقات ممكنة لساحة مصابة بطيف من العلل والأمراض. والذين يتحاملون عليه ويشعرون انه يهدد كياناتهم الهشة والرخوة والمنهارة، هم في الحقيقة خارج الحسبان شاء من شاء وأبى من أبى. معرفتي بالرجل وعن قرب بغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي مع ما يكتب - لأنني أختلف معه في الكثير مما يكتب، وربما يكمن الاختلاف في كثير من الأحايين في الأسلوب الذي يتناول فيه ظاهرة أو قضية ما - معرفتي به تدفعني للقول ودونما تردد: بأنه واحد من أكثر الحريصين على سلامة وعافية هذه الساحة والمنتسبين اليها.
أرجو أن تكون اللجنة المشكلة لتحكيم أجمل ديوان شعر شعبي، على مستوى من الإمكانات والخبرة والتجربة، وفوق هذا وذاك، أرجو أن تتخلص من داء المحسوبية الذي سيغمط حق كثيرين، والا فمن الأفضل للمسابقة لأن تتحول الى «أجمل علاقة ومحسوبية في الشعر الشعبي»
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 421 - الجمعة 31 أكتوبر 2003م الموافق 05 رمضان 1424هـ