يبدو ان المعركة مع الحريات بمفهومها الحقيقي هي غاية -للاسف - لاتزال عناصر تطبيقها على الساحة العربية غائبة.

وقد لا يقتصر هذا الامر على البلدان العربية بل يشمل ايضا البلدان الاسلامية التي - هي الاخرى - لاتزال بعيدة عن تطبيق معايير الحرية مع الافراد رجالا ونساء.

وقد تكون النساء يشعرن بمظلومية اكبر من غيرهن في بعض الدول العربية والاسلامية فهن اما يخضعن لقيم تفرضها ايديولوجيات الانظمة الحكومية بصورة قسرية او انهن يخضعن لقوانين العقلية القبلية داخل الاسرة الواحدة في بيئة تحبذ تشكيلهن في اطار يرضي النظام الذكوري بحجج يفتعلها تحت مسميات وايديولوجيات اما دينية او قبلية.

وفي كل الاحوال فقد أصبحت المرأة العربية التي ناضلت من أجل حقوقها الاجتماعية في اواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن الماضي... بدأت للاسف تتنازل كل يوم عن حقوقها مع بدايات القرن الحادي والعشرين... نعم بكل بساطة اختفت ملامحها حتى أصبحت مجهولة الهوية في اكثر من مشهد فبدلا من ان تكون اداة فعالة في مجتمعها تحولت الى اداة تبعية لمجتمع لا يقدر ان يطلق العنان لحقوقها الطبيعية.

لهذا فلقد أصبحت المرأة العربية اليوم فريسة سهلة تطبق طوعا اوامر الرجل وافكاره خصوصا في ظل تخاذل المد النسوي في الشارع العربي اذا ما قورن بما كنّ عليه في منتصف القرن الماضي.

وعندما يأتي الحديث عن نساء يحاولن انتقاد مظلة الحكم كالذي اعلنته الناشطة الايرانية شيرين عبادي في تصريحاتها نجد ان البعض يصفها بأنها معادية لنظام منصف في حق المرأة...!

لقد جاءت تصريحاتها المنتقدة من داخل طهران وهو ان دل على شيء فإنما يدل على ان رجال السلطة والدين يؤيدون اطلاق تصريحات معارضة للنظام من قلب ديارهم بروح ديمقراطية عالية بل وبحكمة كون الوضع الحالي مع فئتي الشباب والمرأة تحديدا يطالب على الدوام بالانفتاح والاصلاح الحقيقي... فالمطالب الايرانية اليوم تختلف عما كانت عليه ايام الثورة الايرانية في العام 1979.

ليس هذا فحسب فالشباب الايراني مثلا لايزال يبحث عن متنفس له كغيره من الشباب في العالم بل وقد ينطبق الشيء ذاته على المرأة في ايران التي هي الاخرى تجد نفسها محاصرة في اطلاق حريتها بشأن مظهرها الخارجي حتى وان الناشطة عبادي خرجت للاعلام العالمي بمظهرين مختلفين يعبران عن واقع الازدواجية الذي تعيشه نساء كثر في ايران وايضا في بعض المجتمعات العربية..