في لحظات قياسية وبعصا ساحر ارتفعت أسعار الأراضي في البحرين... الأرض التي كان سعرها 12 ألف دينار تحولت وبقدرة قادر إلى 24 ألف دينار وليس بوسع الفقير الا أن يقتنع بالبقاء على بساط الفقر، ويرفع يديه داعيا إلى كل من ساهم في رفع الأسعار بالصحة والعافية والنوم الهنيء وعلى قول المثل «ما عندك تأكل شلون تريد تعيش؟» فكيف بك ان تسكن؟
جنونية رفع الأسعار تضغط على ضمائر الناس وهي ترى اناسا كيف يتقلبون في النعمة ويأكلون من «عرق الجبين» ليس مهما جبين من المهم جبين وخلاص ولو كان «بالحلال». الله يزيد «الحلال»!
مشكلة أسواق العقارات وبيع الأراضي أنها فتحت إلى اخواننا الخليجيين فلتستفد اناس كثيرون من رفع الأسعار... ولكن هل فكرت الدولة للذين بقوا سنين يجمعون المال املا في الحصول على بيت يضمهم. وكانت النهاية تحويشة العمر لا تكفي لشراء أرض فضلا عن شراء وبناء.
سياسات للثراء السريع من دون ان تنظر إلى أبعادها السياسية والاجتماعية وكيف انها بذلك تأخذ بيد الكثيرين نحو الموت البطيء. وعلى رغم ذلك تبقى القاعدة لا أسمع لا أرى لا اتكلم انما ازداد ثراء واتساعا.
المشكلة الكبرى ان الناس أصبحت اليوم مهددة حتى في بحرها... فدفن البحر ومن ثم بيعه أصبح ظاهرة بحرينية بامتياز، والأهالي تنام ليلا وتتفاجأ صباحا واذا البحر قد تقطعت سبله وأغلقت طرق الوصول إليه... وللأسف على رغم تلك الضجة الكبرى والاحتجاج الكبير الذي قام به أهالي باربار ضد بيع الأراضي المطلة على البحر وما توصلوا به من مفاوضات مع الدولة واذا بهم يكتشفون ان هناك مكاتب عقارات تعرض أسعارا لبيع الأراضي جهة البحر وغيرها وكأن باهالي باربار ينطبق عليهم قول المثل العربي «وكأنك يا زيد ما غزيت»... الوعود ذهبت ادراج الرياح وهناك هرولة واضحة لبيع الأرض وبيع البحر... ولا أعلم اية بيئة هي التي نتحدث عنها؟ وهل بقيت هناك بيئة؟
بالأمس دعا رئيس لجنة المرافق والبيئة في مجلس الشورى مصطفى السيد إلى اصدار تشريعات واتخاذ تدابير تمنع الدفن في مالا يقل عن «كيلومتر واحد حول جزيرة البحرين بهدف ضمان حماية الحياة الفطرية».
وطالب السيد «بوقف كل الممارسات التي تضر بسواحل البحرين، من ردم وتجريف يزيل حتى الصخر فكيف بالشعب المرجانية ومصادر الحياة البحرية».
كلام السيد كلام منطقي لكنه لم يضع الاصبع في الجرح وكان عليه ان يخاطب الدولة في ذلك، فهي المسئولة عن كل هذا الدفن. فلماذا لا تشرع القوانين في ذلك؟
واين ذهبت ادارة البيئة عن كل ذلك؟ البكائيات لا تجدي نفعا ان لم تكن هناك آليات عملية.
فمن المسئول عن هذا الدفن؟ ولماذا يحرم المواطنون من حق الابحار والصيد والاستمتاع بالبحر في حين يوجد متنفذون يحق لهم صيد كل شيء بما في ذلك الروبيان؟
لماذا لا تضغط الدولة على هؤلاء المتنفذين؟ وإلى متى يحرم المواطن من هذه البحار التي تم شخصنتها فليس بوسعك الا ان تراها عبر صور فوتوغرافية تباع في الاسواق، فليس بوسعك الا ان تقول من بعيد: «كان البحر هنا». هذا امر لا يمكن ان يصدق عالميا ان تباع البحار فتصبح ملكا خاصا. دعوة مصطفى السيد بالمحافظة على البحر ومنع جنونية الدفان دعوة تستحق الدعم ونتمنى ايضا على اعضاء البرلمان ان يناقشوا خطورة دفن البحر ومن ثم بيعه. فنحن في الصحافة وصلتنا شكاوى من أهل الدير يشكون ظاهرة الدفن ومن ثم البيع في حين الأهالي انفسهم محرمون من مشروع اسكاني يفي بالغرض... فالدير والبسيتين وغيرها من مناطق المحرق كثير من اهاليها محشورون في البيوت القديمة في حين يباع البحر بلا دفان بمبالغ خيالية ليساهم في الثراء السريع... الم اقل لكم سابقا: الفقير يزداد فقرا والسياسيون يزدادون بدانة! واعتقد انه جاء الوقت الذي يجب فيه ان يبادر البرلمان بمبادرة فتح المنطقة الجنوبية من البحرين لمشروعات الاسكان بدلا من هذا التكدس الصارخ في المناطق الاخرى بدلا من الحديث عن البرقع فالناس تتكدس في الشمال والمناطق الجنوبية صحراء قاحلة فلماذا لا تفتح للمواطنين؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 419 - الأربعاء 29 أكتوبر 2003م الموافق 03 رمضان 1424هـ