يقول بعض المعمرين ان دولا عدة في جنوب شرق آسيا استعانت في مطلع القرن الماضي باللحامين البحرينيين، فقد ذاع صيتهم في تلك الفترة على المستوى العالمي... وكان اللحام البحريني يتميز بالمهارة وطاقة التحمل والرغبة في العمل ما كان يجعله لا يمتنع عن العمل في أي مكان.

ويقول هؤلاء المعمرون ان هناك العشرات بل المئات من مواطني البحرين الذين عملوا في أنحاء العالم لحامين في مجال إصلاح السفن وبنائها في دول نائية مثل اليابان والفلبين بل وكوريا.

ومما نحن شهود عليه خارج دائرة السماع من المعمرين أن مصافي الظهران وأعمال المنشآت النفطية بالمملكة شارك لحامو البحرين في بنائها.

ولو أن المواطن البحريني استثمر طاقاته لمواصلة العمل في هذه الصناعات وشجعت الدولة توسيع قاعدة العمل بحيث ترث الأجيال المتعاقبة عمل أجدادها وآبائها لكنا دولة صناعية. فالمعروف في هذا البلد الخليجي أن الناس عملوا في مختلف الأعمال الشاقة التي تنم عن الصلابة ونالوا شهرة فيها، مثل العمل في صيد اللؤلؤ بكل ما فيه من متاعب ومخاطر. والعمل في بناء السفن الخشبية ما يحتاج إلى مهارة وفن وقدرات خاصة، ثم عملوا في شركة نفط البحرين وحتى فيما بعد في شركات صناعية مختلفة كأحسن ما يكون. وكان يمكن لهذا المواطن أن يتحول إلى شخص عملي قادر على المشاركة في أعمال الصناعة والبناء ولم يكن يترهل لولا أن الظروف قد تغيرت. ولو أن الجهات المسئولة وعت طاقة هؤلاء فاستثمرتها إقامة مصانع وصناعات تدخل في صميم العمل الذي يستهويه المواطن البحريني لكان الوضع مختلفا. ولكن ذلك لم يحدث وسارت الدولة في اتجاه مغاير بعيدا عن المهن أو الحرف التي يعشقونها فتوجهت البلاد إلى المركب السهل في التجارة والأعمال المالية والمصرفية تلك التي هامش ربحها أقرب إلى جيب المسئولين. مر هذا الشريط على ذاكرتي وزاد شعوري بالألم وأنا أقرأ نبأ اتفاق بناء ناقلات للغاز لبريطانيا وعدد من الدول الخليجية مع كوريا الجنوبية بقيمة تسعة بلايين دولار.

لماذا تغير شعبنا؟ مَن وراء تغيير عاداته ومهنه؟ ألم يكن ممكنا أن تصبح البحرين على صغرها كمجموعة جزر دولة صناعية بدل أن تصبح تلك الجزر مجرد مساكن للاستجمام الخاص؟