إلى حشرجات صوتك والنحرُ يشخبُ دما. إلى تلوِّيك على البوغاء والدمُ في شهادته على هوْل الموقف. إلى أنينك والدنيا احمرَّتْ بفيض دمك. إلى طرْفك ترمق به ما تبقى من الخسف، وهول الفاجعة، ودناءة الغلِّ. إلى تسبيحك الذي فيه آية موقف، وسورة خلاص. إلى الخذلان الذي اغتسل به طلاب يبابٍ وحطام. إلى الغريبة في تفقدها بقية الآل، تحاصرها الفجيعة ومجزرة لم تر الدنيا مثيلا لدناءة وخسِّة صانعيها. إلى بقية الله في الأرض، شاهدا على انبعاث جاهليات وتمثلها وهي تهرق الدم الطاهر تقربا لآلهتها والأوثان التي لمَّا تزل في القلوب. إلى رعدة الصبْيَة وهم أمام وحوش الآفاق وشذاذها، تستل أرواح ما تبقى من الطهر والنُبل والبياض، في زمن موغل في رجسه وخسته وسواد دخيلته. إلى الطريق التي سيعبرها آلك مقرنين في أصفاد الحقد على الرسالة والرسول. إلى المفازات التي ضجَّتْ وكأني بنحيبها يمعن في تسجُّر التراب، وهي ترى صفوة الخلق في موضع المهانات. إلى التشفي الذي بلغ مداه ولم يطرق سمع التاريخ مثيل له. إلى الاستعراض الماجن في بلاط الخليع ابن الطلقاء، عدْوَا على الحق. إلى خطباء السوء، وتجَّار القرآن، وسماسرة الحديث، ومقاولي المواقف. إلى الذين ساوموا دينهم بدنياهم، وقرآنهم بدرهمهم، والحق بباطلهم. إلى الدويِّ الذي لايزال صداه يقرع أسماع الدنيا، ويرجرج ما تخشَّب من ضمائر هي في اللبِّ من الزيغ، والصميم من الانحراف، أثرا من بعض دمك، وآية من موقفك، وحجَّة بالغة سيظل أثرها في القريب والبعيد، على الخليع من المواقف، والمجيَّر من التبرير، والواضح من الانبطاح. لك السؤدد والمجد، ولهم الخزي ما طلعت شمس وادلهمَّ ليل.
جعفر الجمري
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2665 - الثلثاء 22 ديسمبر 2009م الموافق 05 محرم 1431هـ