العدد 2664 - الإثنين 21 ديسمبر 2009م الموافق 04 محرم 1431هـ

توظيف العاطلين بين العمل وتمكين

عبدالحسن بوحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على سوق العمل في مملكة البحرين والجهود المبذولة من قبل الأطراف المعنية بمعالجة أزمة البطالة، وطبيعة التناسق بين هذه الجهود لتحقيق الأهداف المرسومة، والآليات المتبعة لجعل المواطن الخيار المفضل للتوظيف في القطاع الخاص.

في البداية وجب الإشادة بما تبذله وزارة العمل من جهود ملموسة لوضع المواطن على العمل والتي ساهمت في خفض نسبة البطالة إلى ما يقارب من 4.1 في المئة وفقا لإحصائيات وزارة العمل حيث انخفض عدد العاطلين من حملة الثانوية العامة خلال عام واحد وبنهاية عام 2008 من 6360 عاطلا إلى 1359 عاطلا. الا ان سوق العمل شهد ظاهرتين جديرتين بالاهتمام، الأولى هي نمو قوة العمل الأجنبية بمعدل 10.7 في المئة مقارنة بـ 2.4 في المئة للعمالة الوطنية لتهبط نسبة البحرنة إلى أدنى مستوياتها وهي 22.9 في المئة مع تزايد الفارق في متوسط الأجر لصالح الأجنبي. وبحسب دراسة الفجوة في المهارات في سوق العمل التي أجرتها مجموعة الين الاستشارية بتكليف من صندوق العمل (تمكين) فقد نمت العمالة الأجنبية بنسبة 106 في المئة بين العام 2002 والعام 2008 وان معظم المكاسب المالية تراكمت لصالح غير البحرينيين.

الظاهرة الثانية تمثلت في زحف البطالة إلى اعلى لتطال مخرجات التعليم العالي مما حدا بوزير العمل، على هامش افتتاحه معرض الوظائف السادس الذي نظمته الوزارة، للتصريح باعتبار ملف العاطلين الجامعيين مشكلة حقيقية بعد ان بلغ عددهم 4500 عاطل.

وقد تنبهت وزارة العمل لهذه الظاهرة الخطيرة فتم تدشين مشروع تأهيل وتوظيف الجامعيين برعاية صاحب السمو الملكي ولي العهد. فما هو الدور الذي تضطلع به مختلف المؤسسات الرسمية بهذا الخصوص؟

ان هيكلة المؤسسات الرسمية المعنية بإصلاح سوق العمل قد أوجدت اكثر من جهة رسمية تتسابق من أجل تحقيق الهدف الرئيسي لقانون اصلاح سوق العمل والمتمثل في جعل المواطن الخيار المفضل للتوظيف في القطاع الخاص. وهذه الأجهزة بالإضافة إلى وزارة العمل هي هيئة تنظيم سوق العمل المعنية بضبط اصدار رخص العمل وتحصيل الرسوم، والتي بلغت حصيلتها 51 مليون دينار في العام 2008، وصندوق العمل (تمكين) والذي كان نصيبه منها 41 مليونا و81 الف دينار.

من الواضح ان تمكين هي الجهة التي تستحوذ على 80 في المئة من الرسوم المحصلة سنويا، وبهذا تصبح الذراع الأقوى والمؤهل لقيادة عملية التوظيف والتأهيل. وبالقاء نظرة فاحصة على الاستراتيجية التي تبنتها تمكين للفترة من 2010 إلى 2014 يتضح ما يلي:

ان تمكين ستعمل على استحداث 3600 وظيفة سنويا، إلا أن خطة العمل المفصلة لاستحداث هذه الوظائف مازالت غير واضحة المعالم عوضا عن كون هذا العدد لا يتناسق ومخرجات التعليم المقدرة بـ 8600 فرد سنويا نصفهم من التعليم العالي، بالإضافة إلى وجود 3600 مواطن في حاجة للتأهيل للدخول في سوق العمل.

وحيث إن تمكين معنية بمواكبة متطلبات الرؤية الاقتصادية حتى العام 2030 فإنها تسعى لدعم الاستثمار الأجنبي المباشر بتسهيل حصوله على التمويل وضمان جزء من القروض وتوفير الكفاءات الوطنية ودعمها بالأجور. كما تسعى تمكين لدعم وتحسين انتاجية 2900 مؤسسة خاصة سنويا. وقد خصصت تمكين لاستراتجيتها ميزانية تبلغ 250 مليون دينار بواقع خمسين مليونا لكل سنة. وهذه الاستراتيجية التي أعلن عنها في أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام سبقها في يونيو/ حزيران الماضي ما تناقلته الصحف المحلية من عدم قدرة تمكين على تمويل المشروع الوطني لتوظيف الجامعيين بسبب التزامات ارتبط بها الصندوق بموازنة قدرها 52 مليون دينار حتى العام 2010. وفي الإطار ذاته اعلن رئيس مجلس ادارة صندوق العمل نزار البحارنة في مؤتمر صحافي عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني بالتزامن مع اصدار التقرير المتعلق بآخر تطورات نتائج مشروع الخريجيين الجامعيين عن توظيف 1448 جامعيا من ضمن قائمة تمكين التي تضم 1912 جامعيا باحثا عن عمل. أما وكيل وزارة العمل جميل حميدان فقد أعلن في أكتوبر من العام الماضي عن وجود 4500 عاطل جامعي، 80 في المئة منهم من الإناث.

من الواضح أن استراتيجية صندوق العمل شاملة لأهداف تنقصها المعالم والخطط التنفيذية المباشرة وخاصة تلك المعنية بمعالجة البطالة وبإيجاد آلية تنسيق متكاملة مع وزارة العمل لتبني الآلية المناسبة لتوظيف وتدريب العاطلين. فتمكين تتعاقد مع شركات التدقيق والمحاسبة لتنفيذ برامج متنوعة في مجال تأهيل العمالة الوطنية. ومن المعروف ان ادارة الموارد البشرية تختلف في نهجها وآلياتها عن مهام التدقيق والمحاسبة والاستشارات المالية لكونها تخصصا مغايرا وتتطلب مهارات مختلفة.

من جهة أخرى، فإن التوظيف والتدريب مهمتان متكاملتان، وان توظيف العاطل في مؤسسة لا تملك جهازا متخصصا لتنمية الموارد البشرية لن يساهم في استقرار العمل وتأهيل العامل. لكون التخصص المهني في القرن الواحد والعشرين قد فرض نفسه على ادارة الموارد البشرية فأصبح اكتساب المهارات لا تتم بالمعاينة فقط كما كان الوضع عليه في العصور القديمة بل وفق منهجية شاملة من بينها التوصيف الدقيق للعمل ورسم خطة لمسار التدريب والتطوير تتبناها المؤسسة ويسير عليها المتدرب. وهذا هو المنهج الذي تتبعه الشركات الناجحة والتي أصبحت رافدا ومزودا للاقتصاد الوطني بالمهارات والكفاءات. فإذا ما توجه صندوق العمل لمساعدة مؤسسات القطاع الخاص لتطوير ادارات الموارد البشرية فيها واستحداث البنية التحتية اللازمة لتأهيل الكوادر الوطنية وفق المنهجية المتعارف عليها دوليا فإن تمكين المواطن ليكون الخيار الأفضل سيصبح حقيقة باكتمال عناصر التوظيف والتدريب. حينها لن يضيع باحث العمل بين لغز البيضة والدجاجة عندما يكون عدم توافر الخبرة مسوغا لرفض توظيفه، وحينها لن يصبح الموظف عائما في مؤسسة لا تدرك آلية استيعابه بقدر ما تدرك الحاجة لاستخدام توظيفه كمبرر لجلب المزيد من العمالة الأجنبية.

لقد أحسنت وزارة العمل صنعا بانشاء مركز للتحليل الوظيفي يلجأ اليه الجامعيون الذين يتم تصنيفهم حسب قدراتهم والتي تتم مقارنتها بالوظائف الشاغرة الواردة لبنك المعلومات من القطاع الخاص. إلاَّ ان عملية التحليل الوظيفي لا تكتمل الا بالتوصيف الصحيح للعمل الذي لا يمكن الاستعاضة عنه بقائمة أسماء الوظائف الشاغرة، لكون الوصف الوظيفي هو الأساس المتعارف عليه لتحديد مستوى ونوع التدريب لمن سيشغل الوظيفة. وهنا أيضا يأتي دور صندوق العمل لتأهيل العاملين في ادارات شئون الأفراد بمؤسسات القطاع الخاص على طرق التوصيف اللازمة للتدريب.

ختاما فإن التداخل والازدواجية وتعدد الأجهزة الرسمية لا يسهل من اجراءات إصلاح سوق العمل لأنها تفرض على مؤسسات القطاع الخاص والباحثين عن العمل التعامل مع مؤسسات رسمية مختلفة مما يربك اجراءات العمل ويوفر احصائيات متضاربة. وبالمثل فان فصل عملية التوظيف عن التدريب لا يستقيم لأنهما توأمان بمعيار إدارة المصادر البشرية، وإن كانا ليسا كذلك بمعيار التدقيق والمحاسبة. فلكي يتدرب المواطن لابد من توظيفه اولا، ولكي تنجح مهمة اكتساب المهارات في المؤسسة الواحدة لابد من توافر نظام فعال لإدارة شئون الافراد يجعل من توصيف العمل أساسا لوضع مسارات وخطط التدرج المهني. وعندما تساعد تمكين القطاع الخاص على خلق بنية تحتية كهذه تكون حينها قد ضمنت النجاح لجعل المواطن الخيار الأول في التوظيف.

إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"

العدد 2664 - الإثنين 21 ديسمبر 2009م الموافق 04 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 4:17 ص

      حسبنا ونعم الوكيل

      وزارة العمل وتمكين وجهان لعملة واحدة
      تمكين فأنا تعبت منهم لدرجة ان اتصل لهم واصييح من قلب واقول لهم معقول بعد خمس سنين دراسة وانا تخصصي خدمة اجتماعية اصير متدربة لمدة سنتين في أي مكان يقبلوني فيه براتب 280 والاستغلال من جانب الا بشتغل عندهم بس انا ارفض وارفض لانه انا ما ارضى بالظلم على لو اعيش حياة بسيطة على قد الحال ما برضى اشتغل حالي حال الا ماعنده شهادة ثانوي
      في النهاية دعوة المظلوم مستجابة وخليه يجمعون فلوس وفلوس وان شاء الله راح تكون لهم حطب بيوم القيامة تسعر فيهم عيدمين الضمير

    • زائر 5 | 10:47 ص

      الفلبينيه اولى بالعمل

      اني وحده كنت اشتغل وفنشوني وجابو مكاني فلبينيات ... وهذاني 3 سنوات في البيت والفلبينيات رقوهم بعد وصاروا مدراء .. وشرايكم في العداله البحرينيه ؟؟؟

    • زائر 4 | 6:23 ص

      تمكين= الحل الفاشل (2)

      وأضيف لما كتبته سابقا أنه من يقبل أن يعمل بـ100 دينار لشهر واحد وليس 6 أشهر كما هو حاصل معنا ونحن خريجي بكالريوس حقوق من جامعة البحرين؟ حتى لو كنا سنعوض بأثر رجعي ألا يعلم الجميع أن هناك أمور لا يمكن تعويضها إذا فات أوانها لقد فقدنا طعم الحياة ومللنا من العمل الشاق والكد المضني دون عائد مادي فماذاتنفع 100 دينار ؟؟؟ ثمن البترول أو التأمين أو مخالفات المنطقة الدبلوماسية حيث المحمكة؟ الوضع مأساوي ونحن بأمس الحاجة لمن ينتشلنا من هذه المعانة اليومية التي أثقلت كواهلنا وأفقدتنا طعم الحياة

    • زائر 3 | 6:10 ص

      تمكين= الحل الفاشل

      أنا احدى المحاميات المتدربات المدعومات من تمكين مضى الآن 6 شهور وأنا أستلم راتب100 دينار من مكتب المحامي الذي أعمل عنده وكان من المفروض (وهو لم يحدث)أن تدعمني تمكين بـ300 دينار لمدة سنة ليصبح الراتب 400 دينار على ان تدعمني في السنة اللاحقةبـ 200 دينار مناصفة مع المكتب وفي السنةالثالثةتوقف الدعم ليتحمل المكتب راتبي كاملا400دينار ولكن مالذي يجبر المكتب على عدم الإستغناء عني أوعن غيري بعد سنتين؟ يعني الذين توظفوا اليوم بدعم من تمكين سيكون مالا يقل عن 75% منهم عاطلين بعد سنتين عندما يتوقف دعم تمكين

    • زائر 2 | 10:59 م

      الى متى

      قبل التحدث عن سوق العمل علينا ان نحصي عدد المجنسين من الهنود والباكستانين واليمنين والمصرين والسورين والاردنين والسودانين والبنغالين والبلوش والخليط المتعدد الاجناس من الآخرين ثم نرى كم بقى من فرص العمل للمواطنين الاصلين.
      علينا اذن نتحدث بلغة تستند الى الواقع الذي نعيشه الآن

    • زائر 1 | 7:30 م

      بسنا تطبيل

      وزارة العمل كل شهر تقول وظفت ووظفت والواقع انها ما توظف الا كم واحد والباقين هم الي يدرون لروحهم وظايف وبسنا مزايدات اكاني جامعي وصار لي سنتين ومراجعه لوزارة العمل وغير الكلام والوعود ماكو شي ثاني بسنا تطبيل

اقرأ ايضاً