فعلها المدرب الشاب الإسباني غوارديولا وتمكن من تحقيق لقبه السادس على التوالي في ظرف عام واحد وفي بداية موسمه الثاني مع الفريق ليحقق ما عجز عنه عتاة المدربين العالميين، وليبرهن أن العمر والخبرة ليسا وحدهما الفيصل وإنما العمل والمعرفة والاطلاع والذكاء من أهم أسرار النجاح في مجال التدريب.
ستة ألقاب في ظرف موسم ونصف والقادم في الطريق أيضا، ستة ألقاب لم يحققها مدربون آخرون في 20 موسما بل أكثر، ستة ألقاب عالمية وهو مازال يخطو خطواته الأولى في عالم التدريب، ستة من أصل ستة ممكنة حتى الآن، شيء لا يصدق ولكنه مع غوارديولا وفريق برشلونة الرهيب أصبح حقيقة ناصعة لم يفعلها أحد قبله ومن الصعب على أي كان تكرارها.
فعلا إنه عصر غوارديولا وميسي وبرشلونة، عصر ذهبي بكل ما للكلمة من معنى، وما تحقق إلى الآن أشبه بالمستحيل لكن ما سيفوقه لو تمكن الفريق من مواصلة مشواره في البطولات الثلاث التي مازال ينافس فيها وأعني بها الدوري الإسباني الذي يتصدره وبطولة الكأس التي تأهل فيها للدور الثاني ودوري الأبطال الذي تنتظره فيه مباراة سهلة نظريا أمام شتوتغارت الألماني.
هذا يعني أن ثلاثة ألقاب مازالت ممكنة أيضا على رغم صعوبتها وحالة الإجهاد والشبع التي يعاني منها الفريق جراء المشاركات والبطولات المتتالية، إلا أن غوارديولا كان قادرا على تجاوز أصعب الظروف التي مر بها الفريق من خلال تجهيزه للبدلاء القادرين على حسم النتيجة في كل مرة.
فصحيح أن برشلونة كتيبة من النجوم، ولكن توظيف هؤلاء النجوم وإيجاد طريقة اللعب والتشكيلة المناسبة هي من أصعب المهام وهو ما نجح فيه هذا المدرب الشاب وسقط فيه كثيرون قبله مع فرق أخرى، كما نجح في إيجاد البدلاء الشباب ووفر الدماء الحارة المتدفقة التي تعطي الحياة للفريق متى ما رآه قد شاب في داخل الملعب.
استراتيجية هذا المدرب قد يظنها البعض سهلة قياسا للانسيابية الموجودة في أداء اللاعبين، وتواجد اللاعبين الأفذاذ لكننا جميعا نعلم أن كل النجوم لا يصنعون مجدا إذا لم يكن خلفهم مدرب خبير ومحنك، و»مجرة النجوم المدريدية» كما سميت في وقتها الجميع كان شاهد على فشل تجربتها!.
سنة ونصف ولم يتمكن أي فريق من الإطاحة ببرشلونة من أي بطولة والفريق الذي سيخطف لقبا من الثلاثة الممكنة لبرشلونة سيحقق إنجازا كبيرا أمام بطل عتيد، وحافز المنافسين لم يعد فقط الفوز بالبطولة وإنما إسقاط برشلونة من عليائه وإجباره على خسارة أول بطولة مع غوارديولا.
الغريم التقليدي للبارشا فريق ريال مدريد لم يعد أمامه من خيار سوى الفوز بلقبي الدوري ودوري أبطال أوروبا إذا ما أراد استعادة كبريائه المفقود، لأن الريال بتشكيلته الحالية ونجومه لن يقبل بأقل من اللقبين الممكنين له وخصوصا بعد خروج الفريق التاريخي من مسابقة الكأس على يد الكوركون.
مع أني لست من مشجعي برشلونة، إلا أن الكرة الجميلة التي يقدمها تجبر أي حيادي على التصفيق والاستمتاع بها، غير أن المتبقي صعب المنال في ظل قوة المنافسين، وفي ظل التراجع الطبيعي في مستوى برشلونة لأنه بعد قمة القمم لابد من الانحناء قليلا وهذا ما صرح به الخبير غوارديولا بتوقعه أن ينزل برشلونة من عليائه بعد ما حققه في العام 2009 في تصريحاته المنشورة يوم أمس والتي تنم عن إدراك كامل لعالم المستديرة، لأن العام 2010 سيكون مختلفا بكل تأكيد والحماس الذي يمتلكه المنافسون وخصوصا الخصم التقليدي الريال هو منقطع النظير لإسقاط بطل الأبطال، ما ينبئ بمنافسة وإثارة منقطعة النظير.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 2664 - الإثنين 21 ديسمبر 2009م الموافق 04 محرم 1431هـ