العدد 2663 - الأحد 20 ديسمبر 2009م الموافق 03 محرم 1431هـ

باكستان... الطبقة الحاكمة تتفسخ

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

باكستان التي كانت حلما يراود مسلمي شبه القارة الهندية بالنهضة والاستقلال، أصبحت دولة متعثرة فاشلة، تتلاقفها أحذية العسكر وأقدام نخبة حاكمة مصابة بأمراض الفساد.

هذه الدولة المسلمة التي حلم بها الشاعر الفيلسوف محمد إقبال، قضت نصف عمرها في ربقة الجنرالات، والنصف الآخر في عهدة الحكام المدنيين الذين فشلوا في بناء الدولة المدنية كما فعل نظراؤهم في الهند.

آخر فصول الملهاة الباكستانية، ما قامت به المحكمة العليا الأربعاء الماضي بإلغاء مرسوم صدر في 2007، بشأن العفو عن وزراء وشخصيات كبيرة، وهو ما ينذر بملاحقات بتهم الفساد لعدد من مسئولي حكومة إسلام أباد، في مقدمتهم زرداري.

قرار العفو أصدره الجنرال برويز مشرف تحت شعار «المصالحة الوطنية»، تمهيدا للتحالف مع بي نظير بوتو لتقاسم السلطة معها بعد انتخابات 2008، ولكن جاء اغتيالها بتلك الصورة البشعة، ليحل محلها زوجها زرداري، فالسياسة وراثةٌ في بلدان الشرق التعيس.

زرداري هذا اتهم وزوجته بقضايا فساد واختلاس أموال عامة من أقوات الفقراء، في فترتي ترؤسها للحكومة (1988 - 1990)، و(1993 - 1996). وأمضى في السجن 11 عاما، ولكن لعبة السياسة أوصلته إلى الحكم، بمباركة أميركية واسعة. فبعد أن استهلكت ورقة الجنرال مشرف، ووصوله إلى النهاية في طريق التنازل للأميركيين في حربهم ضد «الارهاب»، قدّمت بي نظير أوراق اعتمادها بإعلان القبول بشن الطائرات الأميركية للغارات من داخل الأراضي الباكستانية.

هذه السياسة تمسّك بحذافيرها زوجها زرداري وذهب بها إلى الأخير، حتى أصبح يتعرّض للضرب من الجهتين: غارات أميركية متواصلة داخل الأراضي الباكستانية توقع بعض المقاتلين والكثير من المواطنين، وتفجيرات مضادة شديدة العنف، من قبل طالبان باكستان، ضربت مواقع حساسة أمنية وعسكرية، فضلا عن اشتعال مناطق القبائل والضربات العشوائية التي توقع عشرات الضحايا من المواطنين.

مرسوم «البراءة» أمّن الحماية لأكثر من 8000 من السياسيين ورجال الأعمال، وإلغاؤه بهذه الصورة المفاجئة سيسمح بإعادة فتح إجراءات الملاحقة القضائية ضد هؤلاء. ولا ندري كم من الملفات ستفتح، وكم من الروائح ستفوح، إذا تواصلت هذه الحركة وأخذت مداها الطبيعي. وكم من الرؤوس الكبيرة والمحترمة والمقدّسة ستكشف عن صلعٍ شديدٍ في مجال النزاهة والشرف والأمانة، التي تعيش على حساب شعبٍ فقير يعاني من شظف العيش وانتشار البطالة.

زرداري مازال يمتلك حصانة حتى الآن تمنع محاسبته أو تقديمه للمحاكمة، وقد يظلّ يتمتع بها لبعض الشهور، رغم تهديد البرلمان بعزله من منصبه كما حدث مع مشرّف. فمستر الـ «10 بالمئة» كما تسميه المعارضة الباكستانية، لم يثبت أهليته لقيادة بلدٍ نووي بحجم باكستان، ولم يؤد انصياعه التام للأميركان إلا إلى مزيدٍ من تدهور الوضع الأمني، ورغم كل التضحيات والتنازلات، فإنه لم يقابل إلا بمزيد من الاتهامات بالتقصير، من الوزيرة الأميركية هيلاري كلينتون إلى رئيس وزراء بريطانيا الهزيل غوردن براون.

الأميركان في استراتيجيتهم الجديدة لإعادة الاستقرار للساحة الأفغانية، كانوا يعوّلون على بلد مستَنزَفٍ، مثخن بالجراح، تحكمه طبقةٌ مهترئةٌ فاسدة، وشعبٌ يعيش على ما دون الكفاف!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2663 - الأحد 20 ديسمبر 2009م الموافق 03 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 1:14 م

      ------

      هذا ال"زرداري" كان في السجن 8 سنوات!! و رئيس الوزراء " جيلاني" بعد كان مسجون!!  يعني اذا الدولة يحكمها و يمشيها مجرمين ويش تبون فيها تكون؟ فساد × فساد!! الله يهدي جميع المسلمين و خصوصاً الولاة!!

    • زائر 10 | 9:54 ص

      نصيحة من القلب للسيد

      اخي الكريم... ترى بعض الناس مغتاظين من كتاباتك ومحترين.يحصون عليك انفاسك. إذا كتبت عن ايران انتقدوك، وإذا ما كتبت اتتقدوك. ما راح يرضون عنك أبداً إلا إذا قمت تطبل مثلهم للفساد.
      أنت تقوم بصناعة رأي عام و هم يعملون لتجهيل الرأي العام وتضليله والكذب عليه. استمر في خطك المستقل وبارك الله فيك.

    • زائر 9 | 8:51 ص

      حرام عليك يا بو هاشم

      6 اشهر ما تكتب حبيب القلب، توني مسوي بحث في مقالاتك اخر شيء كتبته عن ايران كان 24 يونيو! يعني ما خليت لا جزائر و لا لبنان و فلسطين و مصر. و الجار الحبيب اللي ما يمر يوم الا و تصير اكشن، ما نسمع اخباره منك!

    • زائر 8 | 8:13 ص

      إنزين إذا آصف ونواز وشخباز وبرواز أساتذة في الفساد

      إنزين إذا آصف ونواز وشخباز وبرواز أساتذة في الفساد ليش ما يعرضون عليهم الجنسية البحرينية ، على الاقل يستوردون خبرة في الكار والمهن الرسمية والعليا اللي عندنا.
      هو ده اقتراحي في القضية.

    • زائر 7 | 6:02 ص

      رقم 5

      يعني مو من حقي ادلل على بو هاشم؟ يعني هو عودنا يلبي طلبات الكل، ما في تفرغة. يعني طايح على ربعنه و من يجرب ناحية حبيب القلب غفور رحيم؟

    • زائر 6 | 5:52 ص

      اهم عمليات الفساد لسيدظ اصف

      لقد كانت اهم عمليات الفساد التي اعترضت عليها حكومة نواز شريف هى عمليات الخصخصة وخاصة في قطاع الكهرباء و التي عملت اï»·حتكارات العالمية على محاصرة شريف و من المعروف الن بعض تلك الشركات هي التي تمتلك أو ملكة محطات انتاج الكهرباء في البحرين ما هو السر في ذلك؟

    • زائر 5 | 5:44 ص

      رقم 4 معقد جدا من ايران!!!!!!!

      انا استغرب من بعض الناس المعقدين من ايران، كل شيء يدخلون فيه إيران!!! الكاتب حر فيما يكتب وهو شخص متابع لآخر الاخبار كما هو واضح، ويختار الموضوع من خلال ملامسته للواقع المحلي والعربي والاسلامي، فلماذا هذا التقعر والتعقد من إيران؟

    • زائر 4 | 4:28 ص

      عاد اكتب لينه شي عن ايران يا بو هاشم

      من موريتانيا لباكستان ... ندري هذوله فيهم أمراض و جهل و أمية و تلوث و فساد. يعني حبيبة القلب ما يطلع ليها شي؟ و لا دولة الممهدين ما فيها من هالسوالف؟

    • زائر 3 | 3:09 ص

      مسكين آصف زرداري

      مسكين فعلا آصف خان زرداري، انا مستغرب منه، شلون يقبل بعشرة بالمئة بس؟ صدق متواضع. بس لو كان يفهم زين كان يطلب اربعين خمسين بالمئة!!!

    • زائر 2 | 2:00 ص

      صدقت والله

      مثل ما قال الكاتب... يعتمد الامريكان على دول يستشري فيها الفساد والمحسوبية والطائفية والتمييز ورقة الاموال العامة على حساب الفقراء، والشعوب تعيش على حد الكفاف. اللهم ينجي باكستان وغير باكستان من بلاد الاسلام.

    • زائر 1 | 1:46 ص

      بس 10 بالمئة؟

      معقوله سيد؟ بس 10 بالمئة؟ هذه ما تكفي لمصروف البترول!!!!!!

اقرأ ايضاً