العدد 2334 - الأحد 25 يناير 2009م الموافق 28 محرم 1430هـ

الإعلاميون وقضايا التحوُّل الديمقراطي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

«ورشة الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي» التي نظمت برعاية صحيفة «الوسط» في 24 - 25 يناير/ كانون الثاني الجاري، هي الورشة الثانية التي تعقد في العالم العربي، إذ عُقدت الورشة الأولى في الجزائر بتاريخ 5 - 6 ديسمبر/ كانون الأول 2008. والورشتان نظمتا من قبل مجموعة من الإعلاميين الذين يؤمنون بأن التحول الديمقراطي في أي منطقة لا يمكن تحقيقه من دون وجود إعلام مهني ومسئول وموضوعي وملتزم بمبادئ إنسانية تؤمن بأصالة الكرامة الإنسانية وعدم إمكان تجزيئها أو التنازل عنها، ذلك لأن الإنسان من دون كرامة ليست له قيمة حضارية، بل هو مخلوق يعيش في عصر العبودية، سواء كانت تلك العبودية بشكلها الواضح القديم، أم بشكلها المتخفي حاليا خلف مظاهر زائفة.

في الفترة الأخيرة، تمكنت الأسرة الدولية من فرض تشريعات تمنع وتحرم الاتجار بالبشر، أو بأعضاء من الجسد التابع لشخص ما... ذلك لأن الإنسان لا يمكن أن يتحول إلى سلعة تجارية يباع جسده من أجل العمل الشاق، أو من أجل الاستمتاع به، أو من أجل الحصول على قطع غيار. وعلى هذا المنوال، نأمل كذلك أن تتوصل الأسرة الدولية في يوم ما إلى فرض تشريعات تحرم وتمنع الاتجار بالبشر على المستوى الفكري، وليس الجسدي فقط.

الاتجار بأجساد الأشخاص أمر واضح وأصبح معروفا ومحددا في كثير من معالمه، ولكن الاتجار بأفكار الأشخاص يحتاج إلى توضيح أكثر. ولو أخذنا مثالا على بعض الممارسات المنتشرة لدينا، نجد أن هناك أشخاصا سخروا أقلامهم وأفكارهم للبيع، بمعنى أن الأفكار ووجهات النظر والأخبار التي يكتبها بعض الأشخاص إنما هي سلعة يبيعها لمن يدفع الأجر. وعليه، فإن هذا الشخص أو تلك الفئة من البشر ربما يتخصص بعضهم في كتابة أعمدة أو أخبار عن موضوع معين مقابل تسلُّم أجر مادي، أو طمعا في الحصول على أجر أكبر. كما ترى أن هناك من يكتب في هذا الاتجاه أو ذاك تحت الضغط والخوف من خسارة رزقه إذا لم يسخر قلمه لخدمة جهة ما. هذا النوع من البيع يحوِّل الإنسان إلى سلعة معروضة في سوق النخاسة، وهذا هو معنى العبودية الممقوتة إنسانيا والمكافحة دوليا.

إن التحوُّل الديمقراطي يتطلب وجود إعلاميين ديمقراطيين يؤمنون بكرامة الإنسان، وإن هذه الكرامة تشترط عدم تحويل أي شخص إلى سلعة، وعدم القبول بوجود ظروف تدفع بعض الناس لبيع أجسادهم أو آرائهم مقابل الأجر المادي، أو خوفا من العقاب.

إن الإنسان الذي تتأصل فيه الكرامة لا يمكنه أن يبيع نفسه (جسدا أو فكرا)، وهذا هو الإنسان الذي يصنع التاريخ ويبني الحضارة... ويأتي في طليعة من تعرض للبيع أو الشراء أو الضغط بعض الإعلاميين؛ لأن من يمارس المهنة الإعلامية يؤثر في الرأي العام… وهؤلاء يجب أن يؤمنوا بكرامتهم وألا يقبلوا بتحويل أنفسهم إلى سلعة تجارية،وذلك لكي يكونوا فاعلين في التحول الديمقراطي… وذلك أن الله لا يُغيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2334 - الأحد 25 يناير 2009م الموافق 28 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً