الأمم إنجازات، لا حضور فحسب. الحضور الذي لا يتمخض عن إنجاز هو محض غياب. لا يقتصر الإنجاز على اختراع آلة أو دواء. ما يتجاوز كل ذلك، هو تأصيل حق الإنسان في الحياة وضرورتها ومسلماتها. تأصيل الذهاب عميقا في تأكيد قيمة المعمِّر لهذه الحياة (الإنسان)، وما بعد ذلك لا يعدو كونه وهما وأضغاث أحلام.
في كربلاء، كان تأكيد تأصيل ذلك الحق حاضرا ومركَّزا ومفعَّلا في الهدف الأسمى الذي تصدَّى له أبوالشهداء، الإمام الحسين عليه السلام. تأكيد لا يروم وهْمَ ذهبٍ، أو يبابَ فضَّة، أو تخيُّلَ جاهٍ. كان يروم، فيما يروم حقيقة الإنسان، وامتداده في واقع الحياة ومتغيراتها. كان التصدِّي لتحريره في قبال التأميم. تأميم الإنسان بقيمته والتكريم الذي ناله من علٍ. تأميم حقه في الاختيار، حقه في أن يكون، فيما يراد له ألا يكون. تأميم حقه في أن يبصر الخلاعات من حوله فيرفضها ويمجُّها ويرفع سبابته إزاءها، فيما يراد له أن يكون متوائما... متصالحا وغير ذي نظر وحس تجاه كل ذلك.
كربلاء صهوة مجد، ومرتقى عزة، وقمة خلاص، وأوْج خيار، وشاهد تجاوز المُثُل، فيما هي في الذروة من المُثُل، واللب من القيم، والقلب من القيمة.
كربلاء، درس في أميَّة مقيمة، وحراك في شلل ماثل، وصرخة في صمت ذل مطبق، وإنجاز في تنبلة مكرَّسة. كربلاء درس الدنيا وخيارها الناصع. درسها من حيث الخلاص الذي تقدمه، وخيارها من حيث الإباء الذي تكرِّسه. درسها من حيث اليقظة التي تغمر بها العالم. العالم الذي امتدت غيبوبته إلى ما لا نهاية.
جعفر الجمري
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2662 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ
حبيبي حسين
السلام عليك يا أبا الشهداء يا سيدي ومولاي أبو عبد الله الحسين فلولاك لما كان لنا وجود ولما كان للإسلام أعلام
حبيبي حسين
السلام عليك يا أبا الشهداء يا سيدي ومولاي أبو عبد الله الحسين فلولاك لما كان لنا وجود ولما كان للإسلام أعلام