العدد 2661 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ

خريطة الطريق التي تفهمها «إسرائيل» هي المقاومة

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في فلسطين المحتلة، يهرول العدوّ إلى الأمام، فارضا جدول أعماله على الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، عبر الإسراع في زحفه الاستيطاني، وتقييد التسوية بقرارات حكومية أو من الكنيست تُخضع مسألة الاستيطان أو الانسحاب لاستفتاء مسبق من اليهود المحتلين، والنتيجة معروفة سلفا في أن هؤلاء الذين يقتحمون بيوت الفلسطينيين يوميا بقرارات قضائية أو غير قضائية صادرة عن سلطات الاحتلال، لن يعطوا أصواتهم إلا لمزيد من الاحتلال والاستيطان.

وهكذا، يتحوّل العدوّ لتهديم مئتي منزل جديد في القدس المحتلة، وتقرّ الحكومة الصهيونية خطة أسمتها «خريطة الأولويات القومية»، القاضية بضمّ عشرات المستوطنات المسمّاة «معزولة» إلى بقية المستوطنات خلف الجدار العازل، وتأمين الاعتمادات المالية الكبرى لها، مع ما يعنيه ذلك من تمهيد لضم الضفة الغربية بشكل تدريجي، ومن خلال عجلة الاستيطان التي لا تتوقف على الرغم من السيناريوهات الأميركية والأوروبية التي تثير الحديث بين وقت وآخر عن المفاوضات وخارطة الطريق.

إننا نقول للفلسطينيين والعرب والمسلمين: إن خريطة الطريق الوحيدة التي يفهمها هذا العدوّ هي البرنامج المقاوم الذي من شأنه أن يضع حدا للزحف الاستيطاني إنْ لم يستطع إخراج المحتل، والمطلوب من الجميع أن يتحركوا على كافة المستويات لجعل الوجود الصهيوني في فلسطين وجودا قلقا حائرا، تتنازعه هواجس الاهتزاز ومشاعر القلق والإحباط.

إلى جانب ذلك، تتصاعد الضغوط الأميركية والغربية ضد إيران، لحملها على الخضوع لشروط تستهدف سيادتها واستقلالها بما يتصل بملفها النووي السلمي، وتتحدث وزيرة الخارجية الأميركية عمّا أسمته «الحاجة إلى عقوبات جديدة ضد إيران»، بحجة «توفير مزيد من المعلومات عن برنامجها النووي المشتبه فيه»، كما تقول... مع أن تقرير الاستخبارات الأميركية أفاد قبل سنتين بأن إيران أوقفت نشاطها في مجال الأسلحة النووية عام 2003، وأن الوكالة واثقة تماما من أن هذا النشاط لم يتجدد... الأمر الذي يؤكد بأن أميركا والدول الغربية تسعى لابتزاز إيران بهدف إخضاعها، ودفعها للتخلي عن استراتيجيتها في التصنيع العلمي والتكنولوجي، الذي من شأنه أن يحمي استقلالها السياسي، ويعزز اكتفاءها الذاتي اقتصاديا وصناعيا، وخصوصا في مجالات الطاقة.

إننا نعتقد أن هذا الملف لا يتصل بالجمهورية الإسلامية وحدها، بل يخص كل دول العالم العربي والإسلامي، لأن الاستكبار العالمي -وبالتعاون مع الكيان الصهيوني - يعمل بكل طاقته لمنع تشكّل قوى إسلامية وعربية لها توجهاتها الاستقلالية سياسيا واقتصاديا، ولذلك فإن المطلوب أن يكون الرد من كل الدول العربية والإسلامية بأنها لن تستجيب لكل دعوات الحصار والمقاطعة ضد إيران، لأن ذلك سيترك آثارا مدمِّرة على المنطقة، ويجعلها أكثر اهتزازا، ويمهّد لجولات عنف جديدة فيها.

ونحن في الوقت الذي نريد فيه لكل التجمّعات والقمم العربية الاقتصادية والسياسية أن تنجح في تأمين رفاهية أكثر لشعوبها، وحماية أوسع لسيادتها، كما في قمة دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أننا ندعو لفهم عميق للسيادة العربية التي تنتهكها الطائرات الصهيونية جيئة وذهابا، والتي يطاولها العدوان الإسرائيلي اليومي في فلسطين ولبنان وغيرهما، من دون أن ترتفع الأصوات لحماية هذه السيادة والدفاع عنها بالغالي والنفيس، فضلا عن أن المسئولين الصهاينة يحطّون رحالهم في هذه الدولة العربية أو تلك، وتصدر البيانات السياسية الرسمية المرحِّبة بهم، خلافا لقوانين المقاطعة الصادرة عن جامعة الدول العربية والقمم العربية.

أما لبنان الذي اكتوى بنيران الأسلحة الأميركية الذكية وغير الذكية، والذي لا يزال يدفع فاتورة القنابل العنقودية الأميركية الصنع، فقد استمع لنصيحة أميركية متجددة بضرورة منع تهريب السلاح، لأن الأميركيين - مهما اختلفت إداراتهم - يريدون للبنان أن يبقى عاريا وأعزل أمام «إسرائيل» النووية، حتى تسرح وتمرح في سمائه، وتستبيح أمنه وتحتل أرضه ساعة تشاء.

إننا نقول للأميركيين الذي أخرجوا لبنان من دائرة الاهتمام القصوى، ووضعوه على لائحة الابتزاز والمساومة: اتركوا اللبنانيين وحدهم، ولا تتدخّلوا مع هذا الفريق أو ذلك لتفرضوا عليه مواقف وخطوات لا تنسجم مع سيادة البلد وحركة الحكومة الجديدة، وسيكون بمقدور اللبنانيين التفاهم على هذا السلاح الذي لن تكون له إلا وظيفة دفاعية لحماية لبنان، ومنع المغامرين الدوليين والإقليميين من تسهيل حركة المرور لمشاريعهم العدوانية عبر أرضه ومياهه وسمائه.. لأننا نتطلّع للبنان النموذج للحرية والعدالة والسيادة والاستقلال على مستوى المنطقة كلها، وعلى امتداد الشرق الأوسط كلّه.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2661 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 7:38 ص

      حفظك الله واطال في عمرك الشريف

      سؤال محير هل العرب مشتركون في التأمر على فلسطين و على ايران ام هم مغلوب على امرهم ؟
      نسأل الله العلي القدير ان يشافي سماحة السيد ويحفظه من كل سوء وان يطيل عمره الشريف لخدمة الاسلام والمسلمين

اقرأ ايضاً