في البدء لابد من التأكيد على حقيقة في غاية الأهمية، وهي أنه يمكن في حال توفر نضج سياسي متقدم وراق لدى القوى السياسية البحرينية، أن تتعايش فرق المقاطعة مع قوى المشاركة، عوضا عن أن تكون واحدة منهما بديلة للأخرى، وقد يصل الأمر في حالات مثالية إلى تكاملهما في إطار قوة سياسية معينة او بين صفوف تحالف سياسي واسع يضم أكثر من قوة سياسية. هذا يقودنا إلى حقيقة مهمة أخرى، وهي أن هناك مجموعة من مداخل العمل السياسي المشتركة التي تجمع بين فريقي المشاركة والمقاطعة، وتطالب كليهما مراعاتها، وفهم آلية عملها، عند الأخذ بأي من القرارين، والتي يمكن أن نلخصها في النقاط التالية:
1. تحديد مستوى التناقضات داخل المجتمع وأولوياتها. فمن الأخطاء السياسية التي لا تغتفر، تغليب أي من التناقضات الثانوية على التناقض الرئيسي في أي ساحة من ساحات العمل السياسي. إذ ينبغي ان يحظى التناقض الرئيسي مع العدو المركزي، والذي من الطبيعي أن يحكم أشكال وآليات العمل السياسي، ويحدد أنماط التحالفات التي ينبغي نسجها، بالقسط الأكبر من برامج القوى السياسية، مقاطعة كانت ام مشاركة، والتي تقع عليها مسؤولية حشد كل قواها وتوجييها للتصدي لحل ذلك التناقض، بدلا من انحرافها نحو التناقضات الثانوية.
2. القراءة المنهجية الصحيحة للحالة السياسية المرحلية التي تمر بها الساحة المعنية. ولابد له من الإشارة إلى أن هذه القراءة ينبغي أن تكون من الشمولية، بحيث لا تحصر نفسها في الإطار المحلي المحض، بل تتجاوزه كي تصهره في إطاراته الإقليمية والعالمية على حد سواء. فمن المستحيل اليوم، ونحن أسرى آليات وقوانين عصر العولمة، ضمان عزلة بلد معين عن محيطيه الإقليمي والدولي، على أن يتم ذلك دون تضخيم للعوامل الإقليمة والعالمية على حساب تلك المحلية، والعكس صحيح أيضا. هذا يتطلب معرفة عميقة بالعلاقات الدولية، وترابطها مع الشأن المحلي، والتأثير المتبادل بينهما وانعكاساته على الواقع السياسي المحلي.
3. تحليل علمي لموازين القوى في الكفتين المشاركة والمقاطعة، والتحالفات المتمخضة عن كل منهما. والمقصود هنا أنه على القوة، او القوى السياسية، عندما تدعو للأخذ بأي من المنهجين أن يكون لديها رصد جيد للقوى السياسية والإقتصادية، وموازين ثقلها في ساحة العمل السياسي، لصالح هذا المدخل أوذلك. ويشكل التقدير السليم لموازين القوى صمام الأمان الذي يساعد القوى المعنية على تحديد أي من المدخلين أكثر ملاءمة لبرامجها، وقدرة على تسخيره لتنفيذها، وبالتالي بناء قنوات انشطتها، وتحديد معايير تحالفاتها في ضوء ذك التحليل، الذي سيمد الجميع، كل وفق منهجه، ومستوى علمية مدخله، بالقدرة على رسم معالم الخارطة السياسية في الساحة المعنية. ولابد من التأكيد هنا على نقطة في غاية الأهمية عند ممارسة هذا التحليل، وهي التقيد بالموضوعية عند جمع المعلومات والبيانات التي يحتاجها المدخل، أو في مراحل وضع الفرضيات والخروج بالاستنتاجات لاستخدامها في تحديد المدخل الصحيح. فعند المحطتين يحتاج المدخلان المشارك والمقاطع إلى أن يتحليا بأعلى درجات الموضوعية لأنها الوحيدة القادرة على ان تحدد وبشكل علمي صحيح أي منهما أكثر ملاءمة للأخذ به في تلك المرحلة.
4. تحديد دقيق لمقادير الربح والخسارة في إطارهما السياسي، إذ لابد من تقدير صحيح لتلك المقادير، التي من المتوقع ان تجنيها القوة، أو القوى المعنية عند تحديدها الخيار الذي ستلجأ إليه. عدم أخذ معيار الربح والخسارة، بوعي أو بدون وعي، بعين الاعتبار يقود تلك القوى إلى عواقب وخيمة، لكونها ستحدد برامجها بناء على قرارات تسودها العشوائية، ومبنية، في أحيان كثيرة على خلفيات إيديولوجية موروثة، أو طروحات سياسية مجترة. هنا يصبح من الصعوبة بمكان تحديد ما سوف تؤول إليه المحصلة النهائية لتك الحسابات الخاطئة، نظرا لعفويتها أولا وافتقادها لما تحتاجه من معلومات ثانيا.
5. عدم التفريط في منهجية الأفق السياسي الواسع الذي ينظر للأمور ويقيسها من منظار مصلحة «الأمة» العامة، المترفعة عن أية مكاسب آنية محدودة سواء من ناحية الزمان او المكان، والمتجردة من المصالح الفئوية الضيقة. وهنا تجدر الإشارة إلى التمييز بين القوى التي تبني استراتيجياتها وتضع برامجها في إطار المصلحة العامة للأمة، وبين تلك التي تمارس العكس، أي تحاول أن تخضع مصالح الأمة لأهداف برامج الفئوية، سياسية كانت ام اجتماعية، بل وحتى اقتصادية في حالات معينة. فبينما تشكل الأولى ظاهرة سياسية صحية ينبغي العمل من أجل تكريس قيمها في العمل السياسي الشامل، تمثل الثانية ظاهرة انتهازية ينبغي قطع شأفتها من جذورها كي لا تدمر ساحة العمل السياسي وتشوه مفاهيمه.
6. تشرب عميق بالدستور والقوانين والأنظمة المعمول بها في البلد المعني، فلربما ترسم جميعها هامشا واسعا من الحريات الذي يبيح مساحات كبيرة من الحريات العامة، والعكس صحيح أيضا إذ قد يقود الفهم العميق لها جميعا، إلى عبثية المشاركة، نظرا لضيق المساحة المتاحة. ليس المقصود هنا الغرق في محيطات المداخل القانونية والتشريعية، بقدر ما هو دعوة للفهم السياسي للبيئة القانونية التي تسود مملكة البحرين في هذه المرحلة.
رغم هذه المداخل المشتركة، تبقى هناك اختلافات تميز مداخل المقاطعة، ومن ثم تحدد شروطها، عن المشاركة، وبالتالي تضع متطلباتها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2661 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ
أييد بشدة كلام الزائر (1)
.. نص البحرين مجنسين ولو المعارضة كلها قاطعت البرلمان بعد المشاركة راح تفوق النسبة المتوقعة. المجلس النيابي صوري وتبينت هذه الأمور منذ السنة الأولى له .. سواء قاطعنا أو رشحنا ما راح نستفيد شيء
فقط حالة واحدة ستكون ناجحة، إذا كل واحد من الشعب رشح نفسه، بحيث نبين للعالم أن هذا البرلمان مهزلة .. تخيل عدد المترشحين 500 ألف وكل واحد يرشح واحد... حظك نصيبك يمكن يطلع لك معاش 4000 آلف كل شهر منهو يدري!
اما الان لا المشاركة تجدي ولا المقاطعة
لقد انتهى كل شيء وطارت لطيور برزاقها ولكن المشاركة تضع المشارك مشترك في كل مايحصل في البحرين فلو سألت هذا السؤال اي نائب شارك في البرلمان عن مسؤليته في كل مايحصل فهل سيوافق ان يكون هو المحاسب عن كل الذي يجري فاذا كان الجواب لا فالمقاطعة اجدى لبرائة الذمة ولقد راينا باعيننا ضعف النواب وضعف مجلسهم النيابي