الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي هو أحد المصطلحات التي أصبح لها رنين خاص في الأسماع سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية على السواء.

ومركز البحرين للدراسات والبحوث هو أحد المراكز التي لها ارتباط خاص مع جلالة ملك الإصلاح منذ أن كان وليا للعهد إذ إن جلالته هو الذي أنشأ هذا المركز وكان أول رئيس لمجلس أمنائه، وعندما أصبح حاكما للبلاد بعد وفاة المغفور له والده، تولى رئاسة مجلس أمناء المركز صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد ولي العهد، والذي أطلق جائزة باسم ولي العهد لتشجيع البحث العلمي في المجالات العلمية والاقتصادية والرياضية والطب والعلوم الاجتماعية.

كما أن المركز أصابه التطور والإصلاح بعد ذلك فأصبح لا يركز فقط على الجوانب الخمسة المشار إليها في دراساته باعتبارها المجالات الأصلية في البحث العلمي بل أضاف إليها عدة مجالات جديدة للبحث وإن لم تكن من مجالات الجائزة التي تحمل اسم ولي العهد، وفي مقدمة تلك المجالات الدراسات الاستراتيجية والدولية وحوار الحضارات واستطلاعات الرأي العام وبناء القدرات والمياه والطاقة.

وهكذا انطلق المركز في مسيرته الإصلاحية تمشيا مع سياسة الإصلاح والانفتاح التي أطلقها جلالة الملك وأصبحت بعض البحوث أو المجالات البحثية موضع اهتمام في حين انها في الماضي لم تكن كذلك، ونذكر على سبيل المثال أن جامعة البحرين العريقة ليس بها دراسات في العلوم السياسية أو العلاقات الدولية أو الفكر الاستراتيجي رغم أهمية هذه المجالات لبناء الدولة العصرية وبلورة دورها في المجتمع الدولي.

ولم يتوقف نشاط المركز على إعداد البحث بل امتد ليشمل إصدار المؤلفات والدوريات باللغتين العربية والإنجليزية وفي مقدمة تلك الدوريات مجلة الدراسات الاستراتيجية وهي مجلة فصلية تنشر بها بحوث علمية محكمة في مجالات الدراسات السياسية والعلاقات الدولية والقانون الدولي والاقتصاد والسياسية الاستراتيجية باللغتين العربية والإنجليزية وينشر فيها شخصيات ذات مكانة رفيعة مثل الدكتور بطرس غالي أمين عام الأمم المتحدة السابق، وسمو الأمير الحسن بن طلال من الأردن والأستاذ محمد بن جاسم الصقر رئيس البرلمان العربي فضلا عن الأكاديميين والمفكرين والخبراء في المجالات التي تهتم بها المجلة، أضف إلى ذلك دبلوماسيين خليجيين من المستوى الرفيع أمثال الدكتور عبدالرحمن بن حمد العطية الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقد أصدرت المجلة عدة أعداد خاصة في مقدمتها العدد التاسع المخصص لوثائق استقلال البحرين والعدد الحادي عشر المخصص للعلاقات العربية الصينية والعدد الثالث عشر المخصص للأزمة المالية وحقوق الإنسان.

ولم يبخل الدبلوماسيون البحرينيون على مجلة دراسات استراتيجية بفكرهم، فقد كتب معالي الشيخ خالد بن أحمد وزير الخارجية مقالا للعدد الخاص عن العلاقات العربية الصينية بمناسبة انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية، العرب والصين في المنامة.

ولكن إصدارات مركز البحرين للدراسات والبحوث كانت سباقة في إصدار كتاب «النظام السياسي البحريني: الإصلاح في إطار الهوية» وهو مرجع علمي لدراسة النظام السياسي البحريني المعاصر وتطوره وبرامجه الإصلاحية بمنهج علمي موضوعي. وكتاب قضايا عربية وإسلامية باللغة الإنجليزية، ليقدم قضايا العرب والمسلمين للعالم الخارجي من منظور علمي سليم يعكس الفكر العربي والإسلامي ويرد على الطروحات المغرضة من بعض الدول الغربية وعلى الفكر الشاذ من بعض الشخصيات التي تحمل اسم الإسلام ويبرز قضايا النظافة والتعليم والدين والإرهاب وأمن الخليج وغيرها بتحليل موضوعي أكاديمي.

كما أصدر المركز سلسلة بعنوان «مملكة البحرين والمنطقة العربية في إطار دولي» صدر من هذه السلسلة ستة كتب تحلل سنويا وضع المملكة وما تواجهه من تحديات وما تحققه من إنجازات وتبحث البيئة الإقليمية والعربية والدولية المحيطة بالبحرين.

ولعل من أحدث إصدارات المركز «التقرير الاستراتيجي البحريني» الذي صدر منه العدد الأول العام 2008 والعدد الثاني 2009 وهو يقدم رؤية استراتيجية للأوضاع الداخلية والخارجية لمملكة البحرين من وجهة نظر تعتمد على البحث العلمي العميق.

وهناك العديد من الإصدارات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ومجالات الغذاء والبيئة والطاقة المياه، ولعل أطلس البحرين يعد مفخرة علمية فهو يقدم مسمى علميا شاملا للبيئة البحرية المحيطة بمملكة البحرين واستعان فيه المركز بخبرائه البحرينيين وعلماء من دول أجنبية.

تلك بعض من إنجازات هذا الصرح العلمي البحثي الذي أسسه صاحب الجلالة الملك المفدى ومازال هو وسمو ولي العهد يتوليانه بالرعاية ومن ثم فإن المركز يظل وفيا لمن كان له فضل إنشائه فكرا وعلما وبحثا، ويجدد العهد له بمناسبة الذكرى العاشرة لجلوس جلالته.