العدد 2661 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ

رئيس رابطة أهل البيت في لندن السيد محمد الموسوي لـ «الوسط»: الحكومات الإسلامية أمامها الكثير لإفشاء ثقافة الحوار بين الناس

رئيس رابطة أهل البيت في لندن السيد محمد الموسوي
رئيس رابطة أهل البيت في لندن السيد محمد الموسوي

قال رئيس رابطة أهل البيت في لندن ورئيس المنظمة العالمية للحوار بين الأديان السيدمحمد الموسوي: «إن الحكومات العربية والإسلامية أمامها الكثير في سبيل إفشاء ثقافة الحوار بين الناس»، مؤكدا أن «هناك جهات تعادي الحوار بين الأديان، والمؤسف أن جهات في بعض الدول العربية والإسلامية وهي جهات منغلقة ومنطلقة من فهم ضيق جدا تحارب هذا النوع من الحوار».

وأشار الموسوي، في حوار مع «الوسط»، إلى أن «عضوية المنظمة العالمية للحوار بين الأديان في الأمم المتحدة فتحت لنا أبوابا واسعة وجعلتنا قادرين على إيصال صوتنا إلى العالم»، ونبه إلى أن «حوار الأديان حاجة ماسة لكل دول العالم، وأتصور أن الدول العربية والإسلامية بحاجة كبيرة جدا إلى فعاليات تلفت انتباه الناس إلى أهمية الحوار وإنشاء ثقافة حوار بين أتباع الأديان والمذاهب المختلفة، لأن الاختلاف مع الآخر ظاهرة إنسانية لم يخلُ منها مجتمع بشري على مر العصور». وهنا يأتي الحوار:

هل هناك إمكانية لتفعيل مؤسسة «عبر الأديان» والمؤسسات الشبيهة بها في التقريب بين الديانات؟

- المنظمة العالمية لحوار الأديان، انطلقت من حاجة العالم إلى حوار الأديان، كما أن السنوات الأخيرة شهدت صراعات تزعم أن الدين أساسها، وبالتالي كانت الضرورة أن نوجه انتباه الناس إلى أن رسالة الدين هي رسالة التفاهم والمحبة وليست رسالة الكراهية والبغضاء.

والدور الذي يجب أن يقوم به رجال الدين والمؤمنون به هو تقريب القلوب وتشجيع التفاهم والتركيز على المشتركات بين البشر من مختلف الأديان والعقائد، فالإنسان إذا وجد مع الآخر مشتركا ينبغي أن يكون هذا المشترك للتعايش السلمي والتعاون من أجل مصلحة المجتمع البشري. فالدول التي تعيش اليوم حركة تفاهم بين أتباع الأديان قليلة جدا. وحتى الدول التي ترفع شعار حرية الإنسان والرأي فيها تعسف في بعض الأحيان وبالذات فيما يتعلق بالمسلمين، فمثلا الحجاب في فرنسا منع وهذا مخالف لروح حرية الإنسان وحرية التعبير عن العقيدة الدينية وكذلك نرى أن دولة أخرى وهي بلجيكا تسير على الخط نفسه بمنع الحجاب في المدارس وهذا يتنافى مع حقوق الإنسان.

ونقول إن حوار الأديان حاجة ماسة لكل دول العالم، وأتصور أن الدول العربية والإسلامية بحاجة كبيرة جدا إلى فعاليات تلفت انتباه الناس إلى أهمية الحوار وإلى إنشاء ثقافة حوار بين أتباع الأديان والمذاهب المختلفة، لأن الاختلاف مع الآخر ظاهرة إنسانية لم يخلُ منها مجتمع بشري على مر العصور، فوجود الاختلاف ظاهرة لا يمكن إنكارها وإلغاؤها، إذا كيف نتعامل مع هذا الواقع؟ هل نعيش في توتر مع من نختلف معهم، أم نعيش مع الظاهرة البشرية في أجواء التعايش السلمي والتعاون فيما نتفق عليه، وما نختلف فيه كل منا حر فيه؟

وتراثنا الإسلامي غني بهذه المبادئ، وكما نقرأ في نهج البلاغة قول الإمام علي (ع) «الناس اثنان فإما أخٌ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»، وهذا هو المبدأ الذي يجب أن ندعو الناس إليه وهو يشكل ضرورة، ونحتاج إلى ألا نعقد مؤتمرات فقط بل نحتاج إلى خطوات عملية لفهم التقبل واحترام الآخر والاختلاف مع الآخر.

ألا ترى أن القرارات الأوروبية من منع الحجاب أو وقف بناء المآذن كما هو القرار السويسري، تنسف عمل مثل هذه المؤسسات؟

- الحكومات الأوروبية محرجة، لأنها من جانب ترفع شعارات حقوق الإنسان وهي ملتزمة بهذه الحقوق عبر مواثيق دولية، وليست هناك دولة أوروبية غير موقعة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكنها في الجانب الآخر تعاني من وجود تيارات سياسية مناهضة للمسلمين هي التي تدفع باتجاه قرارات مثل منع الحجاب أو منع بناء المآذن في سويسرا، فالحكومات الأوروبية هي بين طريقين بين الالتزام بتعهداتها وتوفير الحرية للناس ومن ضمنهم المسلمين أو طريق المجموعات السياسية الضاغطة والتي لها أثر، ومنها الدوائر الصهيونية التي تلعب دورا في تحريك السياسيين والحكومات في أوروبا ضد المسلمين.

وما نراه في الدول الأوروبية أن مثل هذه القرارات التي تتنافى مع حقوق الإنسان لا تمر بشكل صامت وإنما تواجه معارضة وضجة إعلامية واعتراضات وهذا أمر أفضل مما يجري في بعض البلدان من انتهاكات لحقوق الإنسان، فنقول إن الحكومات الأوروبية ينبغي أن تكون وفيَّة لالتزاماتها بتوفير الحرية الكاملة لكل الناس على أرضها بغض النظر عن معتقداتهم وانتماءاتهم.

هل ترى أن مؤسسات التقريب بين الأديان حققت شيئا ملموسا على أرض الواقع؟ وطبعا الحديث عن أمور ملموسة غير المؤتمرات التي تعقدونها.

- حركة الحوار بين الأديان تحتاج إلى وقت طويل، لأنها تسبح ضد تيار، والتيار ليس ناشئا وإنما تيار يحمل معه ركاما من التاريخ، فللآن لدى الشخص في الشارع الأوروبي أن هناك بقايا من الحروب الصليبية، لذلك فإن أول تصريح للرئيس الأميركي السابق جورج بوش بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول قال فيه إن هذه حروب صليبية جديدة، إذا أنت تحارب تيارا له جذور تاريخية موغلة في القدم، ولكن الهدف هو إيجاد فهم ورأي عام بأن البشر مهما اختلفت عقائدهم يشتركون بمشتركات، وينبغي أن تكون المشتركات منطلقا لهم في التعامل مع بعضهم. وينبغي أن يتعاملوا فيما يختلفون فيه بأسلوب موضوعي وحوار وليس أسلوب شجار ونزاع وكراهية وبغضاء، حركة التفاهم بين الأديان لا يمكن أن أقول إنها قدمت حتى 20 في المئة مما هو مطلوب منها، لأنك إلى اليوم ترى أن أشخاصا يظلمون بسبب عقيدتهم ويحرمون بسبب انتمائهم المذهبي في جميع أنحاء العالم.

الأمر يحتاج إلى عمل جاد وبرامج عملية وليست برامج فوقية، فالمؤتمرات يبقى أثرها فوقيا، والبرامج العملية منها إعداد برامج تعليمية تبدأ من الروضات إلى المدارس وحتى الجامعات حتى يفهم الإنسان أن الآخر هو إنسان مثله، وأن نقول للبشر جميعا وأن يقتنع البشر جميعا بأن الإنسان الذي يختلف معه هو إنسان وان اختلف معه في بعض الأمور ولكن يبقى إنسانا له حقوق إنسانية.

ألا ترى أن الخلافات الداخلية بين أتباع الدين الواحد تؤثر سلبا على حوار الأديان؟

-لاشك أن العلاقات الداخلية داخل الدين الواحد هي أساس في بناء علاقات تفاهم مع الديانات الأخرى، فلا يمكن للمسلم أن يبني علاقات حقيقية مع غير المسلم مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون على المشتركات وهو لم يحقق هذا الاحترام مع أخيه في الدين والمختلف عنه في المذهب، فالعلاقات الداخلية بين الأديان هي أساسية وجوهرية، ونحن نرى أن المؤسسات المسيحية تسعى إلى تطويق خلافاتها عبر المجالس والمؤتمرات والحوارات وبرامج عملية.

ولكننا نأسف أن نقول إن الجهد الذي نراه بين المسلمين لتنسيق تعاملهم مع بعضهم يحتاج إلى الكثير من الإضافة، لا يمكن أن تنجح حركة الحوار بين الأديان من دون نجاح حركة التفاهم داخل الدين الواحد على المشتركات، والقفز على الأشياء لن يؤدي إلى نتيجة حقيقية، فنحن بحاجة إلى أن نتفاهم بيننا كمسلمين ونركز على المشتركات بيننا حتى نكون أقدر وأقوى على أن نقوم بدور مثيل مع غير المسلمين.

كيف يمكن للمسلمين أن يستفيدوا من انفتاح الأبواب لهم في الأمم المتحدة عبر مؤسسات كمؤسسة «عبر الأديان»؟

- الأمم المتحدة منبر عالمي فتح لمؤسسات عالمية كبيرة ونرى أنه يمكننا طرح قضايانا الرئيسية أمام العالم بأسره. جميع دول العالم تستمع لنا لأننا أعضاء في مجلس الأيكو سوك التابع للأمم المتحدة، وهذه فرصة كبيرة جدا لإيصال صوت المسلمين إلى العالم، لأن هناك قضايا ملحة يعاني منها المسلمون وينفعهم أن يسمع صوتهم العالم وليس هناك منبر أكثر اتساعا وأثرا من منبر المنظمة الدولية.

وأرى أن العضوية في الأمم المتحدة تفتح لنا أبوابا واسعة وتجعل المشكلات بيننا وبين بعض الدول الكبرى يمكن التعامل معها بشكل أسهل، لأننا قادرون على إيصال أصواتنا إلى العالم والحصول على تأييد العالم، ولو معنويا على أقل تقدير، ويمكن أن نحشد تأييدا سياسيا لقضايانا العادلة مثل قضية فلسطين، وقضية التفرقة ضد المسلمين في العالم، وقضية الظلم الاجتماعي.

كيف تستفيدون من الأجواء البريطانية الجديدة؟

- الأجواء البريطانية ليس فيها شيء جديد الآن، ولكنها تدعو إلى الحوار والتفاهم، الحكومة من الملكة ورئيس الوزراء والمسئولين الآخرين كلهم يشجعون على الحوار. قبل أسابيع كان هناك أسبوع وهو الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني وهو أسبوع حوار الأديان وكانت فرصة لنا كمسلمين أن نعبر عن مطالبنا وأن نعبر عن حاجاتنا وعن هويتنا ونقول لهم إننا كمسلمين مؤمنون بأن البشر جميعا مشتركون في الإنسانية وإن اختلفوا في العقيدة وينبغي أن يتعاون البشر جميعا، وهذه فرصة لإيضاح حقيقة الإسلام وخصوصا أن ما جرى في العالم منذ سنوات إلى الآن من إرهاب باسم الدين أثر سلبا على صورة الإسلام، واليوم في استطلاعات الرأي الكثير من الأوروبيين يعتقدون بأن هناك علاقة بين الإرهاب والإسلام والمسلمين بين الحقيقة تقول شيئا آخر، والفرص المتاحة الآن تجعلنا أكثر قدرة على إيضاح رؤيتنا الإسلامية المبنية على العدل والإحسان ونبذ الإرهاب والتطرف والكراهية ونبذ كل الأعمال التي يقوم بها بعض الأشخاص باسم الدين، والإسلام منها براء.

بعد حوادث 11 من سبتمبر، ألم تصل إلى قناعة باستحالة حوار الأديان؟

- كلا، لا يمكن أن نصل إلى نقطة اليأس أصلا، لأن المواقف مهما ساءت لا تعبر عن موقف الجميع، صحيح أن المسلمون عانوا من مشكلات حتى من الشارع الأوروبي، بعض الطالبات المسلمات كن يضربن في الشارع أثناء الذهاب أو العودة من المدرسة، لكن ذلك لا يعبر عن موقف الجميع، ونحن لا يمكن أن نيأس، نقول إن هناك رسالة، والرسالة هي أن ننشر بين الناس ثقافة المودة والتسامح واحترام الآخر وقبوله وتفهم الآخر والاطلاع على عقيدة الآخر، لأن الحياة لا يمكن أن تكون أحادية، بل هي متنوعة والتنوع قائم على روحية تقبل الآخر، والتعايش السلمي مع الآخر.

الحروب الأميركية المتعددة في الدول الإسلامية، بالإضافة إلى استمرار التعنت الإسرائيلي في القضية الفلسطينية، ألا يجعل مهمة إقناع المسلمين بضرورة حوار الأديان أمرا شبه مستحيل؟

- الحروب في مختلف بقاع العالم هي نقط سوداء ولكن لا يمكن أن تفقدنا الأمل، والحروب قرارات عسكرية وسياسية مبنية على مصالح معينة بعيدة عن مصلحة الشعوب في غالبية الأحيان ولكن لا يمكنها أن تفقدنا الأمل، وحتى المسلم الذي يشعر بالمظلومية في قضاياها كالقضية الفلسطينية والظلم الصارخ، ولكن ذلك لا يمكن أن يجعل المسلم ييأس، والحياة فيها السلب والإيجاب وعلينا أن نمضي لتحقيق أهدافنا، على رغم وجود جهات تريد أن تحقق أهدافها النفعية والمادية والسياسية.

هل هناك جهات معروفة تستهدف إفشال عمل المؤسسات والجهات التي تعمل على نشر ثقافة الحوار بين الأديان؟

- نعم هناك جهات تعادي الحوار بين الأديان، والمؤسف أن جهات في بعض الدول العربية والإسلامية منغلقة منطلقة من فهم ضيق جدا، وهي لا تعتقد بالحوار وتعتقد بأن كل من يختلف معها هو ضال منحرف، وهذه جهات تصرح بمخالفتها لحوار الأديان، وإن كان المأمول من الحكومات العربية والإسلامية أن تحدد نشاط هذه الجهات وتجعلها تحت السيطرة القانونية، لأن الحركة لتفاهم الناس هي لمصلحة البشرية، وكل من يعادي التفاهم والحوار والتقارب إنما يحارب مصلحة الناس، ومصلحة الحكومات أن ترعى مصلحة الناس.

هل ترى أن الحكومات الإسلامية تقوم بدور مقبول في مجال الحوار بين الأديان؟

- أرى أن الحكومات الإسلامية أمامها الكثير في سبيل إفشاء ثقافة الحوار بين الناس. الشعوب الإسلامية وهم أمة واحدة يحتاجون إلى الكثير من الجهد والبرامج لكي يقتنعوا بأن الآخر هو إنسان مثلهم، الآخر المذهبي والآخر الديني، فالآخر في مذهبه يشترك معه في دينه، وللأسف فإننا نقرأ أخبارا عن مذابح في دول إسلامية في أفغانستان والعراق وباكستان مبنية على أساس طائفي، وهذا يدل على أن هناك الكثير والكثير لنشر ثقافة التعايش والتفاهم بين الناس.

العدد 2661 - السبت 19 ديسمبر 2009م الموافق 02 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:09 ص

      مشاركه

      بسم الله الرحمن الرحيم رحمه ‏ الله ‏ والديك ‏ سماحة ‏ السيد الجليل محمد الموسوي ونحن انشاء الله سنكون اول من يخدم هذا المشروع الانساني وفقكم الله

    • زائر 4 | 2:25 م

      اللهم صل على محمد والة

      سيدي حفظكم الله ورعاكم
      اولا يجب على المسلمين اولا ان يفهموا انهم اقويابهذا الدين وان سبب ظعفهم وسبب وجود هذا الخلل في بنيتهم الداخليه هو فهمهم الخاطئ لهذا الدين وابتعادهم عن القادة الحقيقيين لهذا الدين الذين هم اهل بيت النبوه

      ثانيا الان الاسلام موجود وباقوى درجاته وقد يرى اعدائه وجوده اكثر من اهله

    • زائر 2 | 7:05 م

      نحن بحاجة للحوار لنتقارب

      بسم الله الرحمن الرحيم
      سماحة الفاضل السيد محمد الموسوي المحترم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
      سيدنا ابو احمد ليس غريبا عليك هذا الكلام الواعي والانساني الجميل، نحن في كوكبنا بحاجة للحوار بين الناس ليفهموا بعض ويتقربوا فالتقرب يمكنه ان يضع حدا للجوء الى الحلول العنفية ، ويخفف من غلواء الظلم فكلنا عباد لله سبحانه وتعالى. وفقكم سبحانه في خدمة البشرية التي هي بحاجة الى علماء عاملين متواضعين فضلاء امثال سماحتكم الكريمة،، ووسع عليكم من رضاه.
      مع تحياتي الاخوية واشتياقي
      اخوكم ابو انهار

اقرأ ايضاً