على هامش فعاليات احتفالات البلاد بعيدها الوطني، سوية مع مرور عقد من الزمان على تولي جلالة الملك سدة الحكم، أثير موضوع تقويم المشروع الإصلاحي الذي جاء به جلالة الملك، وفي القلب منه البرلمان، وأهم نقاطه إثارة للجدل هي الخطوة السياسية الصائبة من الانتخابات القادمة، وتحديد الموقف الصحيح منها، مقاطعة أم مشاركة؟
هذه الحالة من الحوار السياسي التي تثيرها الانتخابات، تقتضي وضع الموقفين: المقاطع والمشارك تحت المجهر، وتسليط المزيد من الأضواء حول كل منهما. وفي البدء، ربما كان من المفيد إزالة بعض سوء الفهم، أو خطأ التعريف الذي واكب الحديث عن أي منهما.
بالنسبة للمقاطعة، ارتبط هذا التعبير بمفهوم خاطىء وضع المقاطعة، وبالمطلق، في خانات التطرف السياسي، إلى درجة وسم كل من يدعو للمقاطعة بافتقاده للمرونة السياسية المطلوبة، كما جرى الخلط، في كثير من الحالات بين مقاطعة تمسّ العلاقة مع عدو خارجي، وبين تلك التي ترسم معالم العلاقة مع طرف سياسي منافس أو جهة حاكمة. وتكفي الإشارة هنا، ومن أجل شرعنة حق ممارسة «سياسة المقاطعة»، العودة إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي تنص المادتان 41 و42 منه على حق مجلس الأمن في اللجوء إلى سياسة المقاطعة. وقد جاء ذلك صراحة في المادة 41 التي تقول «لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء (الأمم المتحدة) تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئيا أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية».
هذا على مستوى المقاطعة، لكن بالمقابل، وأيضا بمدخل خاطئ، تراوح تصنيف من ينبذ المقاطعة ويدعو للمشاركة، بين المرونة والمهادنة. وألصقت بهم تهما سياسية وصلت إلى حد نعتهم بالتفريط في المبادئ الأساسية، وبلغت درجة التخوين في حالات كثيرة. واعتبر البعض، ممن نادى في حالات معينة بسياسة المقاطعة، خطأ، كل من اختلف معهم في الرأي، وعمل بسياسة المشاركة، واعتبرهم فئة مهادنة للسلطة، وتابعة لمشروعاتها، وذيلية لسياساتها، مما يفقدها الحق في استمرار انتسابها لصفوف المعارضة، دونما تمييز في ذلك على المستويين السياسي والاجتماعي، على حد سواء، بين الفئات المختلفة الداعية للمشاركة.
النقطة الأولى التي ينبغي التركيز عليها هي أن كلا المدخلين خاطئ، ويزجّ بالقوى السياسية في بلد ما، في خلافات غير منطقية، لم تولدها العوامل الطبيعية في العمل السياسي، بقدر ما أنجبتها نزعات «مراهقة» غير ناضجة تنتمي لهذا الفريق «المقاطع» أو ذاك الفصيل «المشارك».
كما ذكرنا في حلقات سابقة، ليست هناك صفات مسبقة تطلق على أي من الخيارين، وبشكل مطلق، أو تخطئ أي منهما بشكل مطلق أيضا. فسياسة المقاطعة قد تكون صحيحة في مرحلة، لكنها قد تكون خاطئة في مرحلة أخرى، رغم أن التقويم يتحدث عن ساحة سياسية معينة، وفي فترات زمنية متقاربة.
النقطة الثانية التي تستحق التوقف عندها، أنه ينبغي التمييز، وبشكل نوعي، بين تقويم المدخلين: المقاطعة والمشاركة، عندما يجري الحديث عن الوسائل والسلوك اللذين ينبغي أن يحكما العلاقات بين قوى متصارعة في ساحة سياسية داخلية، وبين حديث آخر يقوم العلاقات بين دول مستقلة الواحدة منها عن الأخرى سياسيا.
النقطة الثالثة التي تستحق التوضيح، هي أن هناك من يعتقد أن المقاطعة مفهوم حديث، بدأ يدخل في القاموس السياسي العربي مؤخرا، وعلى وجه الخصوص بعد تأسيس دولة «إسرائيل»، وهو أمر تدحضه الحقائق التاريخية المعروفة، إذ تحدثنا المصادر الإسلامية عن مقاطعة قريش، في سياق حربها مع المسلمين، لمن يحميهم، وقد جاء في وثيقة أودعوها الكعبة وتعاهدوا فيها على مقاطعة المسلمين ومن يتحالف معهم، حتى إذا كانوا من بني هاشم وبني عبد المطلب، فلا «يناكحونهم ولا يبيعونهم أو يبتاعون منهم شيئا، ولا يدعون سببا من أسباب الرزق يصل إليهم، ولا يقبلوا منهم صلحا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يثنوا رسول الله عن دعوته للدين الجديد، وإجبار عشيرته بتسليمه لقريش».
النقطة الرابعة التي لا ينبغي إغفالها هي أن ليس هناك نوع واحد من المقاطعة، أو حتى المشاركة، حتى في نطاق الحقل الواحد، فإلى جانب العديد من أنواع المقاطعة التي تتوزع بين السياسة والاقتصاد، هناك التقسيم الذي يميز، في نطاق كل نوع من تلك الأنواع، بين المقاطعة الحكومية وهي التي تتبناها دولة معينة، والمقاطعة غير الحكومية، التي تدعو لها منظمات غير حكومية، وأخيرا هناك المقاطعة الشعبية التي تنخرط فيها الجماهير بشكل مباشر أو عبر مؤسساتها التي تنتمي إليها.
ما ينطبق على المقاطعة، ينطبق أيضا على المشاركة، لكن بينما تمتنع الأولى عن الانخراط في العمل في مشروع سياسي معين وتتوقف عن التفاعل معه، تنخرط الثانية فيه وتمارس الوظائف المرتبطة به.
على هذا الأساس، ومن هذه المنطلقات، لابد من النظر إلى سياستي: المقاطعة والمشاركة من منظار واحد، والحكم على كل منهما بشكل موضوعي متجرد من تصنيفات سياسية مسبقة، وتقويمها بمعيار واحد، والقول بصحة أي منهما وفق مقاييس موحدة.
ليس المقصود بالتوحد هنا التطابق في المفاهيم، القائم على ذلك المعيار الإستاتيكي الجامد، بقدر ما ندعو إلى استخدام معايير ديناميكية موحدة تمتلك القدرة على التشخيص المرحلي الصائب، الذي بموجبه يتم التوصل إلى القرار الصحيح بشأن الأخذ بأي منهما.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2660 - الجمعة 18 ديسمبر 2009م الموافق 01 محرم 1431هـ
F1 ... مســـــــــاعـدة !
بين المقاطعة والمشاركة يترقّص ويراقص حصان طروادة – تروجان – ليلهو ويلهي بالحالتين ، فيحاول تارة تعطيل برامج وتوجهات جهة ! وتارةً أخرى يخترق جدران حماية وتوجهات جهة أخرى ! يا ترى على حساب بُغية من ؟ ويفسح المجال لمن ؟ كل الشكر للكاتب وللوسط ... نهوض
على ذكر المقاطعة والمشاركة
هناك ظاهرة غريبة في البحرين تتميز بها عن غيرها في هذا الموضوع الملاحظ ان جلة الاخوان المسلمين في العالم العربي وحتى الاسلامي دائما مقاطعين اومعارضين الا عندنا في البحرين فهل عندهم معارضة اهم من معارضة الحكومة وهذا هو الاصل ام انهم يحسبون حكومتنا حكومة افلاطون الفاضلة فهم دائما موالاة لها في الضراء والسراء ، افيدونا ايهاا الاخوة في البحرين
ظاهرة صوتية لكنها مزعجة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مع احترامي لقرار المشاركة والمقاطعة والقائمين عليه .......ازيد وجب استخدام الطريقتين كما هو في عرف لعبة كرة القدم ون تو ؟؟اي استخدام ورقة الشارع من قبل المقاطين ويكملوا اللعب المشاركون ؟؟لوكان هناك تنسيق لكان الاثر اقوى...للجميع المشاركة في مجلس كسيح افضل من اعطاء السلف الخيط والمخيط ؟؟؟قال دفع الضرر صدق السلف(اقصد من شارك منهم في الانتخابات جمبازية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟)