خَطَبَ أحد المُلاّك الإقطاعيين في مُستَخدَمِين عنده قائلا: «اعلموا أنني سيّدكم. وفي هذه الإقطاعيّة، أنا القيصر، وأنا الله على الأرض بالنسبة لكم، ومثلما يُكشَط جلد الحصان أولا عشر مرات بالمشط ذي الأسنان الحديدية، ثم يُنظّف بالمشط الناعم؛ فإنني سأنظفكم بمنتهى الخشونة».
ثم أضاف هذا الإقطاعي «ولا أحد يعلم ما إذا كُنتُ سأصل آخر الأمر للمشط الناعم. ومثلما يُنظّف الله الهواء بالرّعد والبرق، فإنني في قريتي هذه سأنظّفكم أيضا بالرعد وبالنار عند الضرورة». (Hannover: Hahn, 1847 - 1852).
كانت تلك الصّورة جزء من أحوال ذلك الزمان في أوروبا وروسيا. وعلى رغم أن الإقطاع كان جَورا على الضعفاء والفلاحين الفقراء؛ فإنه كان يُشكّل في مراحل معيّنة نوعا من «الضّمانة الاجتماعية» لعدد كبير من الناس وذلك لعدم وجود البديل «الأفضل»!
فقد كان ذلك النظام يوفّر للفلاّح ميزة أن يطلب من سيّده أن يُساعده في بناء بيته وأن يسنده في الأوقات التي تقلّ فيها الغِلال، أو حين تتفشّى الأوبئة بين القطعان. وله الحق في جمع وشراء الحطب للوقود من غابات سيّده، والرعي فيها (راجعThe Age of Revolution).
اليوم وفي ظلّ التوحّش المالي أصبحت الأمور أكثر سوء. بل إن هذه النبرة التي يقول الأوروبيون إنهم تخلّصوا منها لم تُغادِر العالم بعد. صحيح أن ضوابطها العُرفيّة والمُعرّفة (كتابيا) قد ألغِيت، لكن ما حلّ مكانها من أُطُر اقتصادية لا يعدو كونه أحد وجوهها وإن بطريقة أخرى. بل إن الأولى قد تكون أكثر رحمة من لاحقتها.
في عالَمٍ قال عنه روبرت صامويلسون «وظّف مالِكو وول ستريت ووسائلهم الإعلامية بدمج قوّتهم المالية مع قوّتهم المعلوماتية ليخلقوا رأسمالية معلوماتية أسموها الاقتصاد الجديد» لم تَعد الأمور صائرة إلى أقلّ من كارثة.
ماذا يعني أن تمتلك ست شركات أميركية (فقط) 2.362 تريليون دولار!. وماذا يعني أن تُشكّل مجموعة ويلتشاير ما قيمته 16.96 تريليون دولار! أو أن 400 رجل ثري يملكون 740 مليار دولار. أليس ذلك أكثر فساد من فساد عصور ولّت؟!.
تخيّل أن نصف في المئة من ثروات بعض الأسَر الأميركية قد تجاوزت إجمالي الثروات الأسَريّة لـ 90 في المئة من الأميركيين، حيث كان نصيب ذلك النصف 27.7 في المئة من إجمالي الثروات، بينما مَلَكَ الـ 90 في المئة من الأميركيين ما مجموعه 17.8 في المئة من إجمالي الثروات. لذا فإن نصف في المئة من الأميركيين يملكون ثروات أكثر بنسبة 155 في المئة من كلّ الأميركيين. (راجع مسوحات آرثر كينكيل ومجلّة Forbes Magazine).
هذا العالم القائم على الافتراضية الاقتصادية، باتت سكّته مُثلَّمة إلى الحدّ الذي لا يجعل السير عليها آمنا مُطلقا. كيف لا وقد أُتْحِفَت البشرية بأكبر أزمة اقتصادية خانقة، أضحت فيها العبثيّة إلى حدّ أن تبلغ الضمانات الخاصة بتأمين سندات شركات لا تزيد قيمتها عن 6 تريليونات إلى 60 تريليون دولار!
قبل مئتي عام من الآن حدث أمرٌ غريب داخل المجتمعات الفقيرة. فقد ارتدّ الفلاحون الفقراء على الأنظمة الاقتصادية الجديدة (والمُحدّثة)، وذلك بسبب حيفها وعدم عدالتها. لذا فقد دَخلوا في معارك ضارية دفاعا عن النظام الكلاسيكي.
واليوم قد يرفع سبعين مليون إنسان في الشرق الأوسط ممن يعيشون على دولارين فقط في اليوم (أو 985 مليون فقير في العالم) راية الحرب على ما يجري بحقّهم. وقد تُميّلهم تيارات «الرفض» الأكثر تشدّدا (أو محافظة) نحو مناخات الاحتقان بعنوان استرداد الحقوق، حينها لم ينفع أن يُتّهم هؤلاء بالمأجوريّة للغير أو العمل ضدّ أوطانهم.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2659 - الخميس 17 ديسمبر 2009م الموافق 01 محرم 1431هـ
هنيئا لهم
هنيئا لامريكا الجنوبيه لانضمامها لايران لعمل عمله واقتصادجديد لهم واعتماد على انفسهم
اذا كنت تريد العقل فاذهب لكلية العلوم الاجتماعية
و اذا كنت تريد الثروة، فاذهب لكلية الصناعة و العلوم التطبيقية. و لكنك غالبا ما لن تستطيع الجمع بينهما. اذهب لكلية الآداب و اكتب عمود في صحيفة عن ظلم الرأسمالية و قيمها الفاسدة، في النهاية مالك الصحيفة التي تكتب فيها أو دار النشر هو رأسمالي يفكر بطريقة الربح و الخسارة و ميكانيكا السوق! اذهب لكلية الهندسة و الصناعة و ابتكر طريقة لتحسين الانتاج و استحوذ على حقوق الملكية و بالتالي ستملك من المال و تشتري صحيفة و توظف كتاب يكتبون عن ظلم الرأسمالية.
اذا كانت الرأسمالية ناقصة و ظالمة فحلكم الشيوعو-اسلامي لن يكون كاملا
اتيحت لكم الفرصة للعب و فشلتم، نعم الغرب لم يدعكم تلعبون كما تحبون و لكن هذه هي قوانين اللعب أساسا. ببساطة هناك في البشر العبقري و البليد، القوي و الضعيف، الجميل و القبيح. ليسو سواء! هناك من يفكر و يتأمل و يعمل بجد و هناك من لا يعمل إلا إذا حس بالسوط يشوي جلد ظهره. و كما قال أحد الرأسماليين
You can't multiply wealth by dividing it.و اللي مو عاجبه يشرب من ماي الخليج العربي. و اذا استطعتم أن تمنعوا الصقر من افتراس الحمامة ساعتها ستستطيعون انهاء الاستغلال.
لم تشهد البشرية ظلما مثل ظلم الراسمالية
الحقيقة المرة أن النصر العسكري الذي حققته امريكا ضد الاتحاد السوفيتي اعتبره الغرب انتصارا للرأسمالية وقيمها وبرامجها على الشيوعية وهو ما افرز واقع التعالي والتوحش الغربي ضد العالم والمستضعفين فيه
طلب
اليك التحية استاذي الكريم
اتمنى ان تكتبوا حول الوساطة التي يقوم بها خالد مشعل بين ايران واليمن فهو موضوع مهم وانتم اهل لذلك
شكرا
صحوة
انظروا إلى الصحوة اليسارية في امريكا الجنوبية ضد الراسمالية فنزويلا والبرازيل والاكوادور .......
لا نحتاج الى اكثر من تذكر ذلك