أثبت منتخب الكرة الطائرة بما لا يدع مجالا للشك أنّ الإنجاز الوطني الذي تحقق في البطولة الخليجية جعل كل مواطن يدخل في دوامة من الفرح الطويل، وخصوصا إذا ما عرفنا أنّ الإنجاز جاء بأيدٍ وطنية لم تلقَ الدعم في الأساس وكانت الهمّة والعزيمة التي بدا عليها اللاعبون هي الأساس في هذا الإنجاز الكبير.
لم يكن هذا الفوز وليد الصدفة، بل هي الحقيقة عينها التي تؤكدها قوّة السواعد البحرينية في المحافل الخارجية، ولم يكن أحد مستغربا من تحقيق هذا المنتخب الفوز على كلّ المنتخبات وتحقيق البطولة بكلّ جدارة واستحقاق، محققا الفوز في كل مبارياته.
يوما بعد يوم نكتشف أن البحرين تعد من أبرز الدول الخليجية التي تزخر بالمواهب الرياضية التي لو تحصّلت على الرعاية فقط لوصلت إلى العالمية، ليس فقط في الألعاب الفردية كما يتصور البعض سهولتها، وإنما الألعاب الجماعية التي برهنت خلال أقل من شهور أن البحرين زاخرة بمن هو قادر على رفع راية الوطن عالية دون اللجوء إلى أساليب أخرى كالتجنيس الرياضي.
هذه الفرحة لم تأتِ بها أيدي المستوردين الذين أخذوا الخيرات ولم يجلبوا الغنائم، على عكس لاعبي منتخب الطائرة وغيرهم من المنتخبات الوطنية الذين لم يحصلوا على الخيرات والمقصود بها الدعم من قبل المؤسسة العامّة للشباب والرياضة، لدرجة أن المنتخب المشارك حاليا لم يغادر برئيس وفد يكون كما هو المعتاد رئيس الاتحاد أو نائبه، أو حتى المغادرة بصحافي واحد على الأقل ليغطي الحدث مباشرة لكل الصحف.
الغريب أنه عندما تعود المنتخبات الوطنية محمّلة بالإنجازات الفريدة وهذا سيحدث من دون شك هذه المرة، نرى المسئولين يتشنقون ويُمسون أول المهنئين على رغم الدعم الذي إن أطلق عليه دعم فهو محدود جدا جدا، وهؤلاء هم أول من يتغنون بأن التجنيس هو من سيحقق للبحرين الكثير والكثير من الإنجازات التي يحلم بها المواطنون، لكننا نجزم بأنه لن يكون هناك إنجاز أحلى وأروع من إنجاز اللاعب المواطن.
هؤلاء أثبتوا أنّ اللاعب البحريني لديه من الإمكانات الكثيرة التي تحتاج فقط إلى الدعم اللامحدود، فكيف بلاعب نطالبه بالإنجاز وهو لا يملك حتى وظيفة يعتاش منها، غير أننا بإمكاننا أنْ نطالب اللاعب المستورد أن يحقق كل الإنجازات التي جلب من أجلها فهو الذي يمنح الراتب الشهري والسنوي والمسكن المريح والسفرات الدائمة والمعسكرات متواصلة، لكنه في الأخير لا يستطيع جلب نصف ما يجلبه اللاعب المواطن، ولعل مثال منتخبات قطر دليل قاطع على الفشل الدائم مهما تجلى مرة، فإنه لن يكون قادرا على التجلي في كل مرة.
لا يجب أن يمر هذا الانتصار الرائع مرور الكرام من دون حساب، وبالتالي ضرورة التكريم السريع كما يحدث مع منتخب كرة القدم الذين لم يجلبوا على رغم الدعم اللامحدود لهم أية بطولة أو إنجاز، فكيف بهؤلاء الذين تعودوا على البطولات، ولم تكن تلك البطولة أول الإنجازات، لكن كل هذه البطولات لن تكون ذات قيمة، إذ ما تأخر التكريم عن وقته المفترض، وهو المتوقع كما هي عادة مسئولينا في هذا البلد، الذين ينتظرون مرور شهور وسنوات من أجل تكريم هذه المنتخبات التي وكأنها تحقق الإنجازات باسم المريخ، وليس البحرين، بعكس منتخب كرة القدم الذي يلعب للبحرين.
ما نطلبه نحن وجميع المواطنين أنْ تقف الدولة ومسئولوها مع أبطالنا المواطنين، وأنْ يقدّموا كل ما هو دعم لهؤلاء الذين يرفعون علم البحرين عاليا خفاقا في المحافل العالمية كافة.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2658 - الثلثاء 15 ديسمبر 2009م الموافق 28 ذي الحجة 1430هـ