التحكيم جزء أساسي من أي نشاط رياضي إن لم يكن الجزء الرئيسي فيه، فمن دونه لا يمكن أن تلعب المنافسات الرياضية أو تنظم بالشكل المطلوب.
والتحكيم في جميع الألعاب الرياضية له دور محوري في نجاح هذه الألعاب ومسابقاتها أو فشلها، والقرارات التحكيمية في شتى المباريات قد تربح فريقا على فريق آخر وقد تقلب نتائج في حال اتخاذ قرارات غير صحيحة.
والتحكيم هو مثار جدل دائما، وهو أسهل الطرق لتحميله الخسارة، فهو شماعة للكثيرين الذين يتعمدون مهاجمة الحكام وإن كانت قراراتهم محقة.
لكن المهم أيضا في هذا المجال هو دور التحكيم في تحقيق المتعة الرياضية أو قتلها، لأن بامكان الحكام أيضا أن يسهموا في زيادة المتعة والاثارة في المباريات وبامكانهم أيضا أن يقتلوها.
وباختلاف اللعبات تختلف نوعية المتعة في قرارات الحكام، ففي كرة القدم مثلا تعتبر إتاحة الفرصة هي المبدأ الرئيسي الذي يجب أن يسير عليه الحكام وهو ما يحقق المتعة من خلال تقليل الصافرات قدر الإمكان وترك الكرة تستمر في التنقل بأقل قدر ممكن من الأخطاء والصافرات التي تسبب كثرتها في قتل المتعة في المباريات وهو للأسف ما يلجأ له كثير من الحكام في دورينا المحلي الذين يعتقدون أن كثرة الصافرات تعطي الحكم الامتياز!.
طبعا هذا لا يعني التغاضي عن الأخطاء المرتكبة وإنما بالعكس يجب أن يحاسب كل مخطئ وإن اعتمد الخطأ مبدأ اتاحة الفرصة كما نشاهد في الملاعب العالمية عندما يعود الحكم مجددا بعد توقف الكرة لمحاسبة مرتكب الخطأ.
في الدوريات الأوروبية يحرص الحكام على تحقيق أكبر قدر من المتعة الرياضية من خلال تقليل الصافرات حتى أنهم يتأخرون في الاعلان عن الخطأ انتظارا لاتاحة الفرصة للفريق صاحب الكرة للاستمرار في هجمته وعندما يتأكد الحكم من انقطاع الكرة يقوم بالتصفير واحتساب الخطأ.
قرارات الحكام تنم عادة عن مدى احترامهم للجماهير الموجودة في الملعب أو التي تتابع عبر الشاشة، لأن الحكم الذي لا يحترم الجمهور لا يعطي أهمية للمتعة الرياضية ويحرص دائما على التصفير في كل واردة وشاردة حتى لا تكاد الكرة تتحرك حتى تتوقف مجددا، وهذا الاسلوب في التحكيم ناتج عن سببين باعتقادي: متعلق بجهل الحكم أو افتقاده للحس الكروي والسبب الآخر هو خوف الحكم واعتمادهم مبدأ «إذا انزنقت صفر!» الذي يعتمده البعض لفك كل اشتباك وإنهاء الهجمات لأن مخاطر الصافرة في منتصف الملعب أقل بكثير من مخاطر إتاحة الفرصة خصوصا في دورياتنا المحلية والعربية.
المتعة الرياضية واستمتاع الجماهير لا يمكن للحكام أن يحققوه وحدهم وإنما لا بد أن يكون هناك لاعبون ومدربون وإداريون وجماهير واعية بهذا المبدأ تقدر الحكم عندما يقوم باتباعه بدل أن تلومه!.
وهنا أشير إلى الحكم الدولي البحريني علي السماهيجي الذي كثيرا ما أشاهده يطبق هذا المبدأ في المباريات التي يديرها ومنها المباراة الأخيرة بين المحرق والأهلي ونتمنى استمراره على النهج نفسه لأنه من اسرار تألقه.
عموما، مبدأ اتاحة الفرصة لا يمكن تطبيقه في كل لعبة رياضية، فقوانين كرة السلة مختلفة عن كرة القدم، والاثارة والمتعة أيضا مختلفة، فما ينطبق على كرة القدم لا ينطبق على السلة التي تعتبر فيها الصافرات جزءا من الاثارة والمتعة الرياضية، لأن اللعبة قامة على الأخطاء الشخصية وخصوصا ضد اللاعبين المؤثرين في الفريق الخصم وهو ما يكسو اللعبة جزءا من المتعة والاثارة ومع ذلك فإنهم يعتمدون أيضا في قليل من الأحيان مبدأ اتاحة الفرصة لاكمال بعض اللعبات الرائعة.
التحكيم ليس فقط قرارات تتخذ، وإنما التحكيم هو المكون الأساس في عملية المتعة الرياضية، لأن الحكم بامكانه قتل الاثارة والمتعة في أية مباراة بقراراته وبإمكانه أن يشعل المباريات باتباعه روح القانون كما يفعل الحكام في الدوري الإنجليزي دائما.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 2657 - الإثنين 14 ديسمبر 2009م الموافق 27 ذي الحجة 1430هـ